تؤكد تقارير لجماعات حقوق الإنسان احتجاز 134 إعلاميا في السجون التركية خلال السنوات الأخيرة، من بينهم 68 صحفيا عام 2018م.
يتصاعد اليوم الإرهاب الفكري في العديد من دول العالم، بما في ذلك الأنظمة التي تزعم أنها تنتهج النظام الديمقراطي، ومن بين تلك الأنظمة تركيا التي واجه نظامها رجال الإعلام والصحفيين الذين يعبرون عن آراء المواطنين أو يوجهون انتقادات للحكومة، وحتى الأحزاب السياسية المعارضة تعرضت لإهانات من الحكومة، ومراراً كانت تطعن بمواقفها الديمقراطية، سواء ما يتعلق بانتقاد النظام داخل البرلمان أو في الانتخابات المحلية والرئاسية.
حصد أردوغان المركز الأول في فئة زعماء العالم الذين لا يتحملون الانتقاد، واعتبرته لجنة حماية الصحفيين في مدينة نيويورك الأمريكية، من بين خمس فئات لانتهاكات حرية الصحافة، وأرجعت اللجنة الأمريكية الأسباب إلى الاستهداف المستمر من السلطات التركية للصحفيين
وفي أثناء الحملات الانتخابية التي جرت في مارس/آذار الماضي، هاجمت زعيمة حزب الخير المعارض ميرال أكشينار، الرئيس رجب طيب أردوغان ونظامه وفضحت ممارساته التي أدخلت البلاد في منعطف اقتصادي خطير؛ ما دفع بأردوغان إلى استهدافها قائلاً: "ستدفعين الثمن". وبعد نجاح ممثل المعارضة أكرم إمام أوغلو في انتخابات الإعادة في يونيو/حزيران الماضي قالت ميرال: من الآن فصاعداً كل شيء سيختلف.
ومع ذلك تؤكد تقارير لجماعات حقوق الإنسان احتجاز 134 إعلاميا في السجون التركية خلال السنوات الأخيرة من بينهم 68 صحفيا عام 2018م عدا عن عشرات الصحفيين الذين فروا نحو بلدان أخرى، وهذه الأرقام تؤكد خطورة وضع حرية الإعلام في تركيا وتدهور الحريات بوتيرة متسارعة وبشكل أسوأ مما يعتقد العديد من المحللين ونشطاء حقوق الإنسان، والذي يهدد حياة الصحفيين ورجال الفكر في تركيا وقد يواجهون اعتقالًا تعسفياً واختفاء قسريا من قبل السلطات التركية.
وأفادت منظمات حقوق الإنسان بأن عدداً كبيراً من وسائل الإعلام التركية قد أغلق بما في ذلك 189 منفذاً إعلامياً مختلفاً، وخمس وكالات أنباء، و62 صحيفة، و19 مجلة، و14 محطة إذاعية، و29 دار نشر وعدة محطات تلفزيونية. كما أدانت منظمة "سلام بلا حدود" العالمية حملة الاعتقالات التعسفية ضد الصحفيين في تركيا مطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين من زنزانات السلطات التركية، ودعت لإجراء تحقيق دولي حول تعذيب الصحفيين من قبل الأجهزة الأمنية معلنة عن تعاطفها معهم، كما دعت أيضاً إلى وضع حد لجميع المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون في تركيا.
وحصد أردوغان المركز الأول، في فئة زعماء العالم الذين لا يتحملون الانتقاد، واعتبرته لجنة حماية الصحفيين في مدينة نيويورك الأمريكية، من بين خمس فئات لانتهاكات حرية الصحافة، وأرجعت اللجنة الأمريكية الأسباب إلى الاستهداف المستمر من السلطات التركية للصحفيين والقنوات والمواقع الإخبارية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في قضايا إهانة أردوغان.
وحسب آخر تصنيف لحرية الصحافة في تركيا الذي أصدرته منظمة "صحفيون بلا حدود"، فإن تركيا تحتل المرتبة 155 من أصل 180 في ترتيب حرية الصحافة، وكشفت المنظمة في تقرير سابق لها، عن ارتفاع عدد الصحافيات المسجونات بمقدار أربعة أضعاف، مما يدل على الكارثة التي تشهدها تركيا. وفي 2017 كشفت لجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة أمريكية غير حكومية، أنه تم اعتبار تركيا للعام الثاني على التوالي، الدولة الأسوأ من حيث سجن الصحفيين، حيث تم اعتقال 73 صحفيا بسبب عملهم في تركيا، بينما تواصل البلاد حملة واسعة ضد حرية الصحافة.
والتقرير الذي نشره مركز نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية بالتعاون مع موقع صحيفة زمان التركية يلقي الضوء حول الوضع المزري للصحافة ومعاناة الصحفيين في تركيا التي تدار منذ سنتين كاملتين بقانون الطوارئ، وعن التحديات التي يواجهونها في أعقاب الحملة القمعية التي شنت على رجال الإعلام والفكر والساسة، وعن الحاجة الماسة إلى التضامن الدولي معهم، لاسيما ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن، وأن جميعهم يواجهون تهديداً مستمراً بالاعتقال التعسفي والمحاكمة والإدانة، لا لشيء إلا لأنهم يقومون بعملهم أو لتعبيرهم السلمي عن آرائهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة