الاتحاد الأوروبي يطرح "روشتة" لإنقاذ اقتصاد لبنان
أصبح الحل الوحيد أمام لبنان للخروج من الأزمة الاقتصادية الحانقة التي تعصف بالبلاد هو الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب مسؤول أوروبي.
وحسبما ذكر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت من بيروت، "وحده الاتفاق العاجل مع صندوق النقد الدولي سينقذ البلاد من الانهيار المالي وليس هناك مجال لهدر الوقت".
وأضاف بوريل في تصريح للصحفيين إثر لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، في زيارته الرسمية الأولى إلى لبنان، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم لبنان "بمجرد البدء ببرنامج صندوق النقد الدولي"، الذي عقدت الحكومة اللبنانية العام الماضي جلسات تفاوض عدة معه، لكنها سرعان ما عُلقت بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.
وأكد بوريل "لدينا الموارد والإرادة لتقديم المساعدة أكثر، لكن من أجل أن نساعد نحتاج إلى الإصلاحات".
- لبنان يواجه أزمة خطيرة.. استغاثة عاجلة من "المركزي" للحكومة
- أسعار البنزين الجديدة في لبنان.. زيادات لا تقل عن 1700 ليرة
ويشترط المجتمع الدولي على لبنان، خصوصاً منذ الانفجار، تنفيذ إصلاحات ملحة ليحصل على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي التي يعاني منها منذ نحو عامين.
لكن بعد مرور أكثر من 10 أشهر على استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ بيروت، ورغم ثقل الانهيار الاقتصادي والضغوط الدولية، لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومة، على وقع خلافات بين الأفرقاء السياسيين.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، عوامل لا تسمح بالمماطلة.
وتوجه بوريل إلى المسؤولين اللبنانيين بالقول إن "الأزمة التي يواجهها لبنان هي أزمة محلية.. لم تأت من الخارج بل إنها صناعة محلية، قمتم بها بأنفسكم.. وتداعياتها شديدة على المواطنين".
وأضاف "يجب تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات فوراً"، مشيراً إلى أن مجلس الاتحاد الأوروبي وضع خيارات عدة "بينها العقوبات الموجهة".
وكانت باريس، التي تقود الضغوط الدولية على المسؤولين، فرضت في أبريل/نيسان قيوداً على دخول شخصيات لبنانية تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد، من دون أن تفصح عن الأسماء. كما هددت بفرض عقوبات إضافية.
لكن بدلاً من تكثيف الجهود لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات، لا يزال تبادل الاتهامات بالتعطيل سيد الموقف.
ويفاقم الجمود السياسي الأزمة الاقتصادية التي حذر البنك الدولي من أنها تُصنّف من بين أشدّ 10 أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وبات اللبنانيون اليوم ينتظرون لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود على وقع أزمة محروقات حادة، كما انقطع عدد كبير من الأدوية، وارتفعت أسعار الخبز وكافة المواد الغذائية المستوردة بغالبيتها.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية حادة أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار حيث لامس عتبة الـ 14800 ليرة لبنانية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى تراجع قدرة مصرف لبنان على تلبية قرار الحكومة بدعم الأدوية والمواد الأساسية المدرجة على لوائح الدعم، ما أدى إلى انخفاض مخزون الأدوية وحليب الأطفال في الصيدليات وفقدان بعضها وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات، وعدم توفر المواد الغذائية المدعومة.
ترشيد الدعم
ودعا مصرف لبنان المركزي في بيان الأربعاء الماضي الحكومة لإقرار خطة لترشيد الدعم عن المواد الأساسية التي يؤمن مصرف لبنان العملات الأجنبية لشرائها، مشيراً إلى أنه لن يستعمل التوظيفات الإلزامية لتأمين العملات.
وقال البيان إن "مصرف لبنان يدعو مجدداً الحكومة الى إقرار خطة لترشيد الدعم، ما يؤدي إلى حماية العائلات الأكثر حاجة ويضع حدا للتهريب المتمادي على حساب اللبنانيين".
وشدّد المصرف في بيانه "على أنه لن يستعمل التوظيفات الإلزامية وعلى أن الدفعات التي يقوم بها حاليا هي من ضمن الفائض عن التوظيفات الإلزامية".
وعلى صعيد القطاع الطبي، ذكر البيان أن وزارة الصحة العامة أبلغت "مصرف لبنان بالملفات ذات الأولوية بالنسبة إلى المستلزمات الطبية، وتم تسديد المطلوب إلى المصارف، والمعاملات قائمة لتسديد ما تبقى".
ولفت البيان إلى أن "الفائض الموجود حالياً هو فائض مريح للبلد"، آملاً "من كل الشركات أن تقوم بواجباتها كما يقتضي الأمر، علما أن الكميات المطلوبة متوافرة".
إضراب شامل
وصباح الخميس الماضي، عم الإضراب مختلف القطاعات الرسمية والخاصة في المحافظات اللبنانية، وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن ذلك جاء تلبية لدعوة الاتحاد العمالي العام احتجاجا على "تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية ولتأليف حكومة انقاذ وطني".
وأشارت إلى أن الإضراب شمل إقفال المؤسسات المستقلة كالضمان الاجتماعي و"أوجيرو" و"ليبان بوست" ودائرة الميكانيك وعمال البلديات، حيث توقف العمل في كل المؤسسات، في حين حضر موظفو المؤسسات الرسمية والتزموا مكاتبهم من دون القيام بأي عمل.
كما شاركت المصارف ومركز الضمان في الإضراب، في حين حضر أساتذة المدارس الرسمية الى مدارسهم في ظل غياب الطلاب ، كما شمل إقفال عدد من المحال التجارية وبعض الصيدليات.