محاولات أوروبية مكثفة لكبح كورونا وإنقاذ القارة "طريحة الفراش"
تتركز المحادثات على حزمة مالية ثلاثية بقيمة نصف تريليون يورو تقريبا (540 مليار دولار)
يحاول وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، الخميس، التوصل إلى اتفاق بشأن مجموعة إجراءات مالية تستهدف مواجهة التداعيات الاقتصادية لكارثة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بعد فشل الوزراء في الوصول إلى اتفاق خلال المحادثات الماراثونية التي اختتمت صباح أمس الأربعاء، وسط الانقسامات العميقة بين البلدان الشمالية الغنية وتلك الجنوبية التي ترزح تحت ديون ثقيلة.
وتأمل دول الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل لاتفاق بشأن إقرار خطة إنقاذ اقتصادي للدول الأوروبية الأكثر تضرراً من تفشّي فيروس كورونا المستجدّ.
حزمة مالية ثلاثية
وتتركز المحادثات على حزمة مالية ثلاثية بقيمة نصف تريليون يورو تقريبا (540 مليار دولار) تتكون من خط ائتمان احتياطي من آلية الاستقرار الأوروبية وضمانات قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، لتوفير السيولة للشركات ودعم من الاتحاد الأوروبي لأجور العمال المهددين بالتسريح بسبب تداعيات أزمة كورونا.
وأنشئت آلية الاستقرار المالي الأوروبية عام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، بهدف مساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية.
كان ماريو سينتينو رئيس مجموعة اليورو المكونة من وزراء مالية منطقة العملة الأوروبية الموحدة قد أشار في وقت سابق من الأسبوع الحالي إلى اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على هذه الحزمة، لكن فشل المحادثات التي استمرت 16 ساعة يومي أمس وأول أمس أظهر أن الشيطان يكمن في التفاصيل.
خلاف بين دول الاتحاد
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن إحدى نقاط الخلاف الأساسية تتعلق بالشروط الخاصة بالحصول على أقساط التمويل من آلية الاستقرار الأوروبية. وكان أغلب الوزراء راضين عن مجرد القول إنه يجب استخدام هذه الأموال في مكافحة الوباء وأن الدول التي ستحصل عليها ستلتزم بترتيبات مالية مسؤولة.
وبحسب المصادر فإن هولندا أصرت على ما هو اكثر من ذلك وطالب وزير ماليتها فوبكه هويكسترا بوجود "شروط اقتصادية محددة" تلتزم بها كل دولة تحصل على المساعدات، وهو ما ترفضه دول أخرى وبخاصة إيطاليا.
ومع ذلك، أعرب وزير مالية ألمانيا أولف شولتس أمس عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال الأسبوع الحالي.
كما أن هناك خلافا حول مقترح إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو والذي تؤيده فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ولكن ألمانيا وهولندا والنمسا تعارضه بشدة.
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن تسوية هذه النقطة قد تتم من خلال "أداة مالية مبتكرة" تتوافق مع قانون الاتحاد الأوروبي، لكن الموضوع لم يطرح للنقاش المستفيض حتى الآن.
انقسامات بين دول الاتحاد
ولكن مع الانقسامات العميقة بين البلدان الشمالية الغنية وتلك الجنوبية التي ترزح تحت ديون ثقيلة، يتوقع أن يضع الوزراء جانبا اقتراحا بإصدار سندات "كورونا بوند" لتشارك الديون بين دول الاتحاد لمجابهة الأزمة.
ولا تزال مجموعة من الدول بينها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا تطالب ألمانيا والنمسا وهولندا بأدوات لتشارك الديون بهدف تخفيف الضرر الاقتصادي للجائحة.
لكن السياسيين المحافظين في دول الشمال يخشون أن يقع عبء تشارك جميع الديون السيادية على كاهل دافعي الضرائب في دولهم الذين قد يدفعون ثمن إسراف دول الجنوب.
والإثنين الماضي، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل موقف حكومتها من تفعيل آلية الاستقرار الأوروبي الإنقاذية لتمويل الدول التي تحتاج إلى مساعدة، دون أن تتطرق إلى مسألة الاقتراض المشترك.
وأشادت ميركل بخطة البنك المركزي الأوروبي للتحفيز الاقتصادي والبالغة قيمتها 750 مليار يورو، من أجل تجنب أي كارثة اقتصادية.
لكنّ فرنسا مصرّة على أن الدمار الاقتصادي الذي ألحقه مرض "كوفيد-19" يتطلب طريقة تفكير جديدة في أوروبا، وهي تريد من الدول الأعضاء مساعدة بعضها بطرق غير مسبوقة.
وقال وزير المال الفرنسي برونو لومير لـ"فرانس 2" إنه "ليس هناك بالنسبة لأوروبا شيء أسوأ من أن تتمكن بعض الدول من التعافي بسرعة، لأنها غنية، بينما دول أخرى ستنهض ببطء فقط لأنها لا تملك تحمل التكلفة".
وأضاف: "نحتاج جميعا إلى التعافي بنفس السرعة لضمان التماسك والتضامن والوحدة في منطقة اليورو".
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإنّه من المرجح أن تنتصر وجهة نظر ألمانيا وحلفائها في اجتماع الثلاثاء الماضي، مع أن الوزراء سيوافقون أيضا على مواصلة النقاش حول أفكار مثل سندات "كورونا بوند".
وهدّد لومير برفض الاتفاق الشامل إذا لم تجرِ الأمور على هذا النحو.
وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البنك الأوروبي المركزي كريستين لاجارد ورئيس مجموعة اليورو ماريو سنتينو عقدوا الإثنين اجتماعاً تحضيرياً عبر الفيديو.
وكتب ميشال على "تويتر": "ندعو جميع الأعضاء في منطقة اليورو إلى دراسة كل الأدوات الممكنة بطريقة بناءة".
ومهما كان الاتفاق الذي سيتوصل إليه الوزراء، فهو سينتقل إلى قادة التكتل الذين من المتوقع أن يجتمعوا في وقت لاحق هذا الشهر.
كان قادة الاتحاد الأوروبي قد قرروا في قمتهم السابقة يوم 26 مارس/آذار الماضي منح وزراء المالية مهلة أسبوعين للتوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات مواجهة تداعيات كارثة كورونا، بعدما أخفقوا في التوصل لتسوية لهذه القضية الشائكة، ورفع الاتفاق إلى قمة أوروبية جديدة لإقراره وهو ما لم يحدث حتى الآن.
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز