خبراء: "بدنا نعيش" إرادة شعبية تؤسس لمرحلة جديدة ضد حماس
خبراء فلسطينيون يعدون أن الحراك أسس لمرحلة جديدة كسرت فيها الجماهير حاجز الخوف وتأثيراته بدت في العزلة التي ظهرت عليها حماس.
على مدار 7 أيام استمر الحراك الشعبي "بدنا نعيش" في قطاع غزة، متحديًّا القمع والبطش، فارضًا معادلة جديدة في مواجهة سلطات حماس التي تحكم القطاع بالحديد والنار.
- حراك "بدنا نعيش" بغزة يدعو لمواصلة الإضراب ضد قمع حماس
- احتجاجات "بدنا نعيش".. فرصة "فتح" لإنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة
واعتبر خبراء فلسطينيون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الحراك أسس لمرحلة جديدة كسرت فيها الجماهير الفلسطينية حاجز الخوف، وتأثيراته الملموسة بدت في العزلة التي ظهرت عليها حماس منفردة عن الفلسطينيين الذين يطالبونها بالرضوخ لإرادة الجماهير.
ومنذ الخميس الماضي، يشهد قطاع غزة حالة من الغضب والاحتجاجات نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والضرائب الباهظة التي تفرضها حركة حماس، في إطار حراك شعبي أطلق عليه اسم "بدنا (نريد) نعيش".
وواجهت حماس الحراك بالقمع والتنكيل بأبناء القطاع لمجرد إعلانهم الغضب ضد تردي الأوضاع التي يعيشونها، ولم يجدوا إلا الرصاص يزهق أرواحهم، والهراوات تهشم عظامهم، والأقبية تشهد على تعذيبهم.
3 أسباب
ويرجع الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، استمرار الحرك طوال الأيام الماضية لـ3 أسباب أولها: سنوات الحصار الـ 12، وإجراءات السلطة، وأخيرا ضرائب حماس المرتفعة التي جعلت الحياة لا تطاق في غزة.
وارتفعت البطالة العام الجاري في غزة لـ53%، واقتربت من 70% بين صفوف الشباب والخريجين.
وأوضح أبو سعدة أن السبب الثاني وصول المواطن في غزة لقناعة أن المصالحة الداخلية متوقفة ولن تنجح؛ لذلك قرر أن يأخذ على عاتقه الخروج من الأزمة الحالية لتحسين ظروفه المحلية.
والسبب الأخير: إجراءات القمع والتعذيب وطريقة تعامل قوى الأمن التابعة لحماس مع فعاليات الحراك أدى لغضب الناس وإصرارهم على الاستمرار.
واتهمت منظمات حقوقية سلطات حماس بقمع المتظاهرين بشدة، واعتقال أكثر من 1000 شخص، وفض الاعتصامات بالقوة.
وقدمت منظمات حقوقية شهادات عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها قوات الأمن التابعة لحماس، منها استخدام القوة المفرطة، وفض التجمعات السلمية، والحجز التعسفي، والتعذيب، والعرض على القضاء العسكري.
وحول أسباب تراجع التظاهرات خلال اليومين الماضيين، رأى الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، أنه من المبكر الحديث عن توقف الحراك بسبب القمع والضرب والاعتقال.
وقال: "أعتقد أنه سيكون هناك وقفات أخرى مستقبلا ما لم تتحسن ظروف الحياة خصوصا للشباب".
وأكد الحراك الشعبي في غزة "بدنا نعيش"، الأربعاء، استمرار فعالياته دون تراجع، لإرغام حماس على الاستجابة للمطالب العادلة لأبناء الشعب، داعيا للتظاهر أمام منزل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية للإفراج عن المعتقلين.
ضوء أحمر
واعتبر الدكتور أحمد عوض، الكاتب والمحلل السياسي، أن استمرار الإحباط والغضب والحالة المعيشية السيئة وتنكر حماس للمطالب، وردة فعلها غير المسبوقة وتعاملها مع الحراك كل هذا جعل الحراك مستمرا.
وقال عوض لـ"العين الإخبارية": "إن دعم الفصائل السياسي والإعلامي للحراك عامل قوة، لكنه يؤسس لقيادة الشارع" .
وأضاف: "الحراك سيشعل مليون ضوء أحمر أمام حماس لعدم تهميشه، وضرورة الاستجابة لمطالبة، ووضع حد لإجراءاتها وسياستها الضريبية وتوزيع الأموال التي تجمعها من غزة بطريقة عادلة وتوزيع العمل بطريقة عادلة".
وشدد على أن الحراك يهز وعي حماس وطريقة إداراتها لغزة وسيؤسس لعلاقة جديدة بين حماس والشارع الغزي لذلك عليها التفريق بين منهجية إدارة الحكم وعقلية الحزب.
ويذهب الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، إلى أن الحراك تسبب بهزة قوية داخل حماس التي يبدو أنها تجاهلت حجم الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية وفشل إدارة حماس.
ورأى أمين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه من المبكر الحكم القطعي حول مستقبل الحراك، وإن كان سيستمر أو سيتوقف، لكن المؤكد أنه نجح في خلخلة التحالفات التي بنتها حماس في الآونة الأخيرة، وأعاد تخندق فصائل منظمة التحرير في إطارها السياسي التقليدي.
وأشار إلى أن حماس تحاول التعامل باستكبار مع ما يجري وتجاهل حجمه، ولكنها تدرك حجم خطورة ما حدث ويدلل على ذلك حجم استنفارها وقمعها، ويمكن أن يلمس المواطن استجابات غير مباشرة للمطالب العادلة للحراك، وهو ما يعني أنه نجح في فرض معادلة جديدة ستجبر حماس على إعادة حساباتها.
وأضاف: "إذا خفت موجة يمكن أن تنطلق موجات، وهذا الأمر باتت تدركه حماس من تجربة مفترق الترنس الذي بات رمزا للثورة والحرية".
وعبَّر عن قناعته أن الحراك سيخلف حراكا فصائليا وربما إقليميا لإعادة الاحتكام لصناديق الانتخاب للخروج من دوامة انتهاء التمثيل الشرعي بعد 13 عاما من الانتخابات.
ويطالب الحراك حركتي حماس وفتح بالإعلان الفوري وغير المشروط عن الذهاب إلى انتخابات شاملة ومتزامنة في غزة والضفة؛ للوصول إلى إنهاء الانقسام البغيض.
بيان حماس مخيب للآمال
بدوره، أشار الباحث الحقوقي مصطفى إبراهيم إلى أن حركة حماس وناطقيها الإعلاميين غابوا خلال الأيام الماضية عن وسائل الإعلام، وتركت الساحة الفلسطينية بدون أي توضيح لما يجري من انتهاكات واعتداءات بحق المتظاهرين.
ورأى أن بيان حماس جاء مخيبا للآمال، ولم يكن على مستوى المسؤولية الوطنية بالاعتذار العلني، وتشكيل لجنة للتحقيق ومحاسبة المسؤولين.
ونبَّه إلى أنها اكتفت بمطالبة الأجهزة الأمنية بتعويض المتضررين، وكأن الأجهزة الأمنية هي المسؤولية وتنصلت منها، مع إنها هي المرجعية السياسية والقانونية للأجهزة الأمنية، وهي التي يجب أن تشكل لجنة تحقيق والاعتذار للضحايا وتعويضهم عن الانتهاكات.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg
جزيرة ام اند امز