حقيقة اختيار حماس «محمد إسماعيل درويش» لخلافة هنية
مع إعلان حركة «حماس» بدء إجراءات اختيار رئيس جديد للمكتب السياسي للحركة خلفا لإسماعيل هنية، الذي اغتيل الأربعاء الماضي في طهران، برز اسم محمد إسماعيل درويش.
ودرويش الذي تردد أنه رئيس شورى "حماس"، جاء تصدر اسمه في وقت تمر فيه الحركة بفترة عصيبة داخليا وخارجيًا، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، الذي تُسيطر عليه منذ عام 2007، وانعدام فرص إجراء انتخابات حالية، وسط اتجاه لتكليف قائم بالأعمال مؤقت لحين إجراء اقتراع داخلي.
والسبت أعلنت "حماس"، بدء إجراءات عملية تشاور واسعة في مؤسساتها القيادية والشورية لاختيار رئيس جديد للمكتب السياسي للحركة.
وفي تعقيب على الأنباء المتداولة بشأن اختيار محمد إسماعيل درويش، قال القيادي في "حماس"، عزّت الرشق، في بيان، إن "ما تتداوله بعض وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي عن تكليف أسماء معينة بشغل موقع رئاسة الحركة، غير صحيح".
وستبادر "حماس" إلى الإعلان عن نتائج مشاوراتها حال الانتهاء منها، وفق الرشق، الذي لم يقدم مزيدا من التفاصيل عن تلك المشاورات.
ويُعد هنية، الرئيس الثالث للمكتب السياسي لحركة حماس، إذ شغل منصبه في عام 2017 وحتى مقتله في طهران، وسبقه في المنصب خالد مشعل صاحب الفترة الأطول في المكتب السياسي الذي شغل الكرسي في الفترة من 1996 وحتى 2017.
بينما يُعد موسى أبومرزوق الرئيس الأول للمكتب السياسي للحركة، وتولى المنصب من 1992 حتى 1995.
وهناك أسماء بارزة لخلافة إسماعيل هنية، بينها خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب والذي يشغل حاليا منصب رئيس مكتب إقليم الخارج، أحد الأقاليم الثلاثة (غزة، والضفة، والخارج)، وصاحب التجربة الأطول في رئاسة المكتب التي تزيد على 21 عامًا.
ويتمتع مشعل بشبكة علاقات واسعة داخل حركة حماس وخارجها، وسبق له أن قاد محاولات لتحسين العلاقات بين الحركة والعديد من الدول العربية، لا سيما بعد الأزمات المتتابعة التي لحقت بالحركة جراء ارتباطها بجماعة الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب في عدد من الدول العربية.
غير أن مشعل لا يُعد الرجل المفضل لطهران ومحورها، خصوصًا أنه يرى ضرورة الحفاظ على مسافة مع الجانب الإيراني وهو ما لا يناسب رئيس المكتب السياسي في غزة يحيى السنوار ومؤيديه في قيادة حماس.
وقد تشكل هذه النقطة واحدة من أهم التحديات التي تقف أمام عودة خالد مشعل لرئاسة المكتب، إلا إذا توصل لتفاهمات جديدة مع طهران، وبالطبع مع قيادة المكتب السياسي في غزة.
ويحظى خالد مشعل بدعم من مجموعة من أعضاء المكتب السياسي، كما يقول الخبير في الشؤون الفلسطينية إبراهيم الدراوي لـ"العين الإخبارية"، موضحًا أن هناك 3 مكاتب سياسية للحركة هي:
* المكتب السياسي في غزة الذي يشغل رئاسته يحيى السنوار.
* والمكتب السياسي في الضفة، وشغل رئاسته صالح العاروري قبل اغتياله في بيروت في يناير/كانون الثاني الماضي.
* والمكتب السياسي في الخارج الذي يترأسه خالد مشعل.
واعتبر الدراوي أن خالد مشعل هو المرشح الأقرب لرئاسة المكتب السياسي لحماس في الوقت الحالي، لافتًا إلى أن كل أعضاء المكتب هم مرشحون محتملون لشغل المنصب، لكن يبقى الأول أوفرهم حظًا، وفق رؤيته.
ماذا عن السنوار؟
وأوضح المحلل السياسي أنه "في الأحوال الطبيعية كان يحيى السنوار سيفوز بالمنصب خلفًا لإسماعيل هنية، لكن بسبب الظروف الحالية التي فرضتها الحرب الدائرة في قطاع غزة وصعوبة التنسيق بين الداخل والخارج وانشغال الداخل بإدارة الأمور في القطاع فإن حظوظ خالد مشعل تتزايد".
ومن المقرر أن يجتمع المكتب السياسي لحركة حماس في واحدة من الدول التي يمكن أن تستضيف قيادات حماس (الدوحة، وإسطنبول، وطهران أو غيرها) لاختيار الرئيس الجديد للمكتب وفق آليات الاختيار التي تحددها اللائحة الداخلية، وذلك بحسب الدراوي.
وأشار الخبير في الشؤون الفلسطينية إلى أن خالد مشعل يحظى بدعم مجموعة من أعضاء المكتب السياسي منهم محمد نزال وآخرون، وهذا الدعم قد يقوده إلى رئاسة المكتب مرة أخرى.
موسى أبومرزوق
وإلى جانب مشعل تبرز أسماء أخرى منها موسى أبومرزوق الرئيس الأول للمكتب السياسي لحماس (1992- 1995) وعضو المكتب حاليا.
وتُلمح معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" إلى أن موسى أبومرزوق سبق أن اختلف مع خالد مشعل في نهج إدارة الحركة في مرات ومراحل مختلفة، إذ يرى اتباع نهج مغاير.
كما أن أبومرزوق يتمتع بعلاقات وثيقة مع دول عربية محورية للقضية الفلسطينية كمصر والأردن، وهذا يعزز حظوظه في المنافسة.
لكن الخبير في الشؤون الفلسطينية إبراهيم الدراوي يرى أن أبومرزوق وإن كان مرشحًا مهما لشغل منصب رئيس المكتب السياسي لحماس إلا أن كبر سنه قد يكون عائقًا أمام توليه هذا المنصب.
زاهر جبارين
ومن بين الأسماء المطروحة في الوقت الحالي زاهر جبارين، المقيم في الخارج.
و"جبارين" قد يكون الحصان الأسود في السباق نحو رئاسة المكتب السياسي لحماس، نظرًا إلى أنه مقرب من القيادة العسكرية لكتائب القسام ومن قيادة حماس في غزة وعلى رأسها يحيى السنوار.
كما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع الجانبين التركي والإيراني، فضلًا عن أنه يلعب دورًا مهما في الإشراف على شبكات حماس المالية وتحويل الأموال إلى داخل فلسطين.
ومن المتوقع أن يحظى زاهر جبارين، حال ترشيحه لرئاسة المكتب السياسي، بدعم الأعضاء المقربين من يحيى السنوار في المكتب السياسي ومنهم غازي حمد، الموصوف بأنه رجل السنوار في المكتب ومبعوثه الخاص، وفتحي حماد عضو المكتب السياسي ووزير الداخلية في حكومة حماس في غزة سابقا.
خليل الحية
خليل الحية أيضا اسم محتمل لرئاسة المكتب السياسي لحماس، وهو الذي تم انتخابه نائبا لرئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، ويقيم منذ سنوات في قطر ولبنان.
ولآن الثقل الأساسي لحركة "حماس" ما زال في غزة على الرغم من الحرب فإنه يتم تداول اسمه كأحد أبرز المرشحين.
ويشارك الحية في جميع لقاءات "حماس" مع الوفود ويعتبر من صانعي القرار في الحركة.
ولاختيار المكتب السياسي لـ"حماس"، تجرى انتخابات قاعدية كل 4 أعوام بصورة سرية على مراحل في الأقاليم الثلاثة، وهي (قطاع غزة، والضفة الغربية، وخارج فلسطين)، لاختيار أعضاء مجالس الشورى الفرعية، ثم مجلس الشورى العام، الذي يختار بدوره أعضاء المكتب السياسي لحماس، وعددهم 15 عضوا.
وخلال مراحل الانتخابات، سواء انتخابات المناطق التي يتم فيها اختيار أعضاء مجلس الشورى العام الذين لا يُعرف عددهم على وجه التحديد، أو في مرحلة اختيار أعضاء المكتب السياسي، لا يحق لأي عضو بالحركة ترشيح نفسه بموجب نظامها الأساسي الداخلي.
لكن تُدرج أسماء كل المؤهلين للعب الأدوار القيادية في قائمة، وتُعرض على كوادر الحركة لانتقاء من يرونه مناسبًا، ويكون المعيار حصوله على أعلى الأصوات.
ودأبت حماس على منح حق التصويت لمن يحملون أعلى درجة تنظيمية في الحركة، وهي درجة أو رتبة "الرقيب".
بيْد أن الحركة عمدت إلى تعديل هذه القاعدة خلال الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في عام 2021، ومنحت كل من مضى على انضمامه للحركة 15 عاما حق التصويت.ِ
كيف يتم اختيار رئيس المكتب السياسي لحماس؟
القاعدة المعمول بها أيضًا هي عدم ترشيح أي عضو بالمكتب نفسه للمنصب، وإنما يرشح أحد أعضاء المكتب من يرى أحقيته وأهليته ليتولى المنصب.
وإذا حاز المرشح على تزكية عضو آخر يتحول إلى مرشح رسمي لرئاسة المكتب.
ويختار أعضاء المكتب السياسي من بين المرشحين النهائيين واحدًا لشغل المنصب كما يختارون نوابا له.
وعادةً يتم اختيار نائبين أو ثلاثة لرئيس المكتب السياسي؛ لكن قد لا يتم الإعلان عنهم لاعتبارات أمنية وخوفًا من ملاحقتهم واستهدافهم من قبل إسرائيل.
هل سيمر الاختيار بسهولة؟
جولة الانتخابات الأخيرة التي أجريت لاختيار القيادة العليا لحماس شهدت سجالات وتباينات واضحة داخل الحركة، وظهرت فيها تيارات وتأثيرات مختلفة.
وتتصاعد بشكل ملحوظ نبرة النقد لنظام الانتخابات وآلية اختيار قيادات حركة حماس، حتى إن غازي حمد، عضو المكتب السياسي للحركة حاليا والمعروف بقربه من رئيس مكتبها في قطاع غزة يحيى السنوار، طالب علنًا، في مقال كتبه، بإعادة النظر في آلية الانتخابات الداخلية والاهتمام بالرؤى الاستراتيجية، وعدم إهدار الجهود في حالة الانهماك التشغيلي الذي تعيشه الحركة وتضييع وقت وجهد كوادرها وقادتها، وفق قوله.
كما أن طبيعة التباينات والتنافس بين تيارات الحركة سيكون عاملًا حاسمًا في تصعيد الرئيس الجديد للمكتب الذي يفترض أن يشغل منصبه لحين توافر الظروف الملائمة لإجراء انتخابات جديدة لاختيار قيادة حماس العليا، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه سيتم في المدى القريب بالنظر للأوضاع الحالية في قطاع غزة وطبيعة الوضع الذي فرضته الحرب التي لا تزال دائرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
aXA6IDE4LjIyMi41Ni4yNTEg جزيرة ام اند امز