فارس بارود.. قصة فلسطيني أسير في حياته ومماته
محكمة إسرائيلية رفضت تسليم جثمان الشهيد الأسير فارس بارود لذويه، متراجعة عن قرار سابق لها بالموافقة.
بعد 28 عاما في الأسر، رحل الفلسطيني فارس بارود شهيداً وبقي جثمانه رهن الاحتجاز لدى الاحتلال الإسرائيلي، ليبقى أسيرًا في حياته ومماته.
ورفضت محكمة الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، تسليم جثمان الشهيد الأسير فارس بارود لذويه، متراجعة عن قرار سابق لها بالموافقة.
- هيئة الأسرى الفلسطينية: 6 آلاف معتقل بسجون الاحتلال الإسرائيلي
- أبو الغيط: ندعم فضح انتهاكات إسرائيل بحق أسرى فلسطين
وقال جميل سعادة، مسئول الدائرة القانونية في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن محكمة بئر السبع الإسرائيلية قررت مواصلة احتجاز جثمان الشهيد بارود الذي استشهد قبل أكثر من أسبوعين في سجون الاحتلال.
واستشهد بارود في 6 فبراير/شباط الجاري، داخل سجون الاحتلال، بعد وقت قصير على نقله من معتقل "ريمون" إلى مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، إثر تدهور حالته الصحية.
وأكد "سعادة" أن المحكمة الإسرائيلية أبلغتهم عن تسليم الجثمان، وإمهال الشرطة الإسرائيلية 14 يوما لتسليم نتائج تشريح الجثمان للمحكمة، مشيرا إلى أن الهيئة ستستكمل الإجراءات القانونية وتستأنف القرار لضمان حرية جثمانه.
عائلة الأسير الشهيد التي انتظرت سنوات تحرره، وبعد أن أعياها الانتظار رحل الرجل، لكنها تشعر بقهر حاليا، إذ تنتظر جثمانه ليعانق الحرية ويدفن إلى جوار قبر والدته التي ابيضت عيناها من الحزن والشوق إليه حتى وافتها المنية، دون أن تحقق مناها في احتضانه.
وعبرت فايزة بارود الشقيقة الوحيدة للشهيد عن غضبها لقرار الاحتلال التعسفي المصر على عدم تحرير جثمانه بعد أن حرمه الحرية طوال 28 عاما.
وقالت بارود لـ"العين الإخبارية": "تعبنا من انتظار تحرره وتوفيت والدتي قبل أن تحقق مناها في احتضانه حرا، وكانت وصيتها أن يدفن إلى جوارها ليجمعهما تراب غزة، لكن ها هو الاحتلال المجرم يتعنت ويمنع ذلك".
تبريرات واهية
ويؤكد عصام عاروري، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، أن تبريرات محكمة الاحتلال التي اعتمدت عليها لرفض التسليم ذكرت أن وضع جثمان الشهيد بين يدي أسرته يشكل مصدر تحريض ضد إسرائيل، أو أن تجري أعمال مخلة بالأمن خلال التشييع، معتبرة أن احتجاز الجثامين يعطي فرصة للمستوى السياسي والأمني لمقايضتها بجثث جنود إسرائيليين في أي صفقة تبادل مستقبلا.
وقال عاروري لـ "العين الإخبارية": إن محاكم الاحتلال تعتمد على تشريع جديد يجعل مسألة تحرير جثامين الشهداء خاضعة لقرار المستوى الأمني الإسرائيلي، وبالتالي قرار المحكمة الإسرائيلية الصادر بحق جثمان الشهيد الأسير فارس بارود يعطي ضوءً أخضر للمستوى الأمني للاحتلال للإبقاء على احتجاز الجثمان للمقايضة عليه مستقبلا بما تخالف به المحكم كل القوانين.
وشدد على أنه لا يوجد أي قانون يبيح احتجاز الجثامين التي يجب أن تعاد للأفراد المعنيين لدفنها وفق شعائرها وطقوسها.
ويضيف عاروري: "احتجاز الجثامين منذ عقود وصمة عار في ملف إسرائيل المخزي، يجب أن تتوقف معاناة الأهالي، ويغلق ملف الاحتجاز للأبد، وهذه معاناة يتحمل المجتمع الدولي ومؤسساته المسؤولية، يجب وضع حد لها وإنهاؤها".
الثلاجات ومقابر الأرقام
بدوره، شدد عبد الناصر فروانة، الباحث في شؤون الأسرى، على أن احتجاز جثمان الشهيد الأسير بارود ليس الأول من نوعه، فهو استمرار لسياسة إجرامية ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
أكد "فروانة" أن الاحتلال احتجز سابقا جثامين لأسرى استشهدوا داخل السجون، ولشهداء آخرين، يتوزعون بين الثلاجات ومقابر الأرقام، مصنفا ذلك بأنه من أبشع الجرائم الأخلاقية والقانونية والإنسانية والدينية التي تقترفها إسرائيل.
ووفق معطيات فلسطينية رسمية، فإن قوات الاحتلال تحتجز في ثلاجاتها جثامين 34 شهيدا، بينما تدفن في مقابر الأرقام 253 جثمانا آخر.
وقال: "إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه الجريمة علنا في إطار سياسة رسمية"، مذكرا بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانونا يجيز احتجاز جثامين الشهداء، مؤكدا أن الاحتلال يسعى للانتقام من الشهداء وتعذيب ذويهم، فضلا عن الابتزاز والمساومة.
واعتقل بارود في الثالث والعشرين من آذار/مارس 1991، بتهمة قتل مستوطن إسرائيلي في سياق مقاومته للاحتلال، وحكم عليه بالسجن المؤبد، وعانى من حرمان الزيارات منذ عام 2000، وتوفيت والدته وهي تنتظر حريته.
كما عانى خلال سجنه من عدة أمراض، ولم يتلق الرعاية الصحية اللازمة، حتى استشهاده، حيث أظهرت نتائج تشريح جثمانه تعرضه لإهمال طبي واضح على مدار السنوات الماضية، وأنه توفى نتيجة إصابته بجلطة قلبية، وأمراض أخرى مزمنة وخطيرة.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC4yMjQg جزيرة ام اند امز