الأمريكي "فيناس".. متطرف تائب وكنز معلومات عن "القاعدة"
تثير قصة براينت نيل فيناس، الأمريكي من أصول لاتينية، الكثير من الدهشة حول كيفية اعتناقه التطرف وحضوره اجتماعات مع قادة تنظيم القاعدة.
نشرت صحيفة "بوليتكو" الأمريكية ملخصا لكتاب كارلا باور "الوطن والأرض والأمن: نبذ التطرف ورحلة العودة من التطرف" الذي يدور حول قصة فيناس، الذي قضى نحو تسع سنوات في السجون الأمريكية قبل إطلاق سراحه مقابل تزويد المحققين الأمريكيين بكنز من المعلومات بشأن تنظيم القاعدة.
ووفقا للصحيفة، سافر فيناس، في عمر الـ26 من نيويورك إلى باكستان للانضمام إلى القاعدة عام 2007 بعد اعتناقه الإسلام.
وفي صيف عام 2008 خلال لقاء في وزيرستان، شمال غرب باكستان، شرح لقادة التنظيم خططا لفي لتفجير خط قطارات لونج آيلاند لشل حركة القطارات إلى نيويورك، المنطقة التي ولد ونشأ فيها، لكن العملية لم تتم لاحقا.
في أحد الليالي، أثناء تناول العشاء مع يونس الموريتاني، أحد قادة القاعدة، رسم فيناس خريطة للونج آيلاند، موضحًا المحطات الرئيسية، والأوقات الأكثر ازدحامًا، والأهم من ذلك، الطريقة التي تلتقي بها جميع القطارات المتجهة إلى مانهاتن في نفق واحد..
وأوضح أن أفضل خطة للهجوم هي تنفيذ انتحاري في النفق أثناء مرور قطار بداخله.
الموريتاني كان مهتما للغاية. وقال لفيناس إن أهمية تفجير مثل هذا لا يسعى إلى إسقاط أكبر عدد من الضحايا، بل إلى تدمير الاقتصاد.
ولد فيناس في ميدفورد عام 1982، لأب من البيرو، وأم من الأرجنتين في مدينة لونج آيلاند الأمريكية. وتلقى دورات في كلية تقنية لكنه لم يكمل دراسته. وبعد ستة أشهر من أحداث 11 سبتمبر، تأججت لديه مشاعر الوطنية، والتحق بالجيش الأمريكي كخبير في إمدادات البترول لكنه ترك الخدمة بعد ثلاثة أسابيع لفشله في التأقلم مع حياة الجيش.
بدأت قصة فيناس في اعتناق الإسلام خلال لقائه فتاة مسلمة في متجر كان يعمل به وأراد الزواج منها. وفي السنوات التي أعقبت اعتناقه الإسلام، "ازدادت حنقه تجاه المواقف الأمريكية في الدول الإسلامية، عقب مشاهدة مقاطع مصورة للأمريكي أنور العولقي، الذي قتل في غارة بطائرة مسيرة في اليمن، والذي كان سببا في تطرفه".
سافر فيناس في البداية إلى لاهور في 2007 ثم إلى بيشاور حيث انضم إلى جماعة تتبع طالبان، وأصبح اسمه الحركي "بشير الأمريكي"، لكنه انتقل إلى هلمند، في مارس 2008، وشق طريقه إلى شمال وزيرستان، وصدم مرة أخرى "لأنه رأى أيضا صورة مغايرة للقاعدة عن تلك في المقاطع الدعائية التي يظهر فيها عناصر التنظيم وهم يرتدون ملابس سوداء ويزحفون تحت الأسلاك الشائكة ويطلقون النيران من أسلحة رشاشة".
وكانت الحياة في المنزل المبني من الطوب اللبن في وزيرستان "مملة" وكان يقضي أيامه في الانتظار، دون جدوى، لتنفيذ مهمة.
وألقى عملاء في الاستخبارات الباكستانية القبض عليه، في خريف 2009، وسلموه إلى الأمريكيين الذين نقلوه إلى قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان، ثم إلى الولايات المتحدة حيث تمت محاكمته.
وفي 2009، أقر فيناس، الذي كان بعمر 26 عاما حينها، بالذنب في التهم المتعلقة بـ14 شهرا قضاها في باكستان، واعترف بتلقيه تدريبات من "القاعدة" والتآمر لقتل جنود أمريكيين، وتزويد قادة الإرهاب بمعلومات كانت ستؤدي إلى تنفيذ هجوم على خط سكة حديد لونغ آيلاند.
يشير التقرير إلى أنه عقب القبض عليه ومحاكمته، تعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) حتى أن حكومة الولايات المتحدة أقرت بأنه "ربما كان أكبر مصدر للاستخبارات الغربية عن القاعدة خلال فترة وجوده هناك".
وبناء على معلوماته، شنت مسيرات أمريكية غارات الأماكن التي تدرب وعاش عيش فيها، بما في ذلك المنزل الآمن في وزيرستان، ومن المرجح أن تكون هذه المعلومات قد أدت إلى مقتل رفاقه السابقين.
وعلى مدار السنوات التسع التي قضاها في السجن، أجرى 100 مقابلة، وساعد في أكثر من 30 تحقيق في كل من الولايات المتحدة وخارجها.
وعند سؤاله عن اللحظة التي بدأ يفكر فيها بجدية في التعاون مع الاستخبارات الأمريكية، أشار إلى فترة مكوثه في الحبس الانفرادي بسجن بروكلين، وبرودة الطقس، وخيبات الأمل السابقة.
وعما إذا كان يفكر في زملائه السابقين الذين ربما يكونون قد قتلوا في الغارات، قال: "إذا كنت سأتخلى عن حياتي القديمة، فلن يكونوا أصدقاء لي بعد الآن".
وسألته: هل تغيرت نظرتك للعالم؟"، قال إنه ما زال يعتقد أنه من الخطأ أن تتدخل القوى الغربية في الدول الإسلامية، لكن "الآن رأيت الجانب الآخر، وهذا يعطيني فهما أفضل أن كلا الجانبين على خطأ".