محلل سياسي جزائري لـ"العين الإخبارية": خلافات الذاكرة مع فرنسا حقيقية
لا يزال ملف الذاكرة الاستعمارية الفرنسية للجزائر يقف عقبة في مستقبل علاقات البلدين وسط تباينات أخرى.
ورغم أن هذا الملف الشائك يؤرق الجزائر، وكيفية تعامل فرنسا مع مطلبها الدائم للتسوية، إلا أن علاقات البلدين تعتمد على عدة ملفات خلاف "الذاكرة"، بحسب المحلل السياسي الجزائري، المتخصص في شؤون العلاقات الفرنسية الجزائرية، أحمد رواجعية.
- ماكرون يصب الزيت على "نار الذاكرة": لن نعتذر للجزائر
- اليوم الوطني للهجرة.. مهدئات فرنسية لـ"وجع" الذاكرة بالجزائر
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" كشف رواجعية عن أن علاقات البلدين تعتمد كذلك على التعاون في عدة ملفات بينها "الطاقة، والهجرة غير الشرعية، والأمن، ومكافحة الإرهاب".
ملف الذاكرة
ولفت رواجعية إلى أن "البلدين في صراع أيديولوجي لفرض نفسيهما في ذلك الملف، كل على حساب الآخر".
وأضاف: "مسألة الذاكرة بين البلدين تسبب خلافا سياسيا، وتشكل نقطة خلاف حقيقية بين البلدين، حيث يسعى كل طرف لتأكيد ذاكرته على حساب الآخر".
وتابع: "الجزائريون يطالبون بتوبة فرنسا بالمعنى شبه الديني، أما على الجانب الآخر فتريد فرنسا اعتماد فكرة أن البلدين تعرضا لأضرار متماثلة".
كما يرى رواجعية أن "فرنسا من جانبها تعتقد أنها تكبدت خسائر توازي تلك الحرب التي تطالب بها الجزائر، حيث إن كلا البلدين ضحية للحرب بحسب وجهة نظر فرنسا".
ولفت إلى أن "فرنسا ترى أن التوبة التي طالبت بها الجزائر غير مبررة، لأن الذاكرة الفرنسية عانت أيضًا من جروح خطيرة".
علاقات الجزائر مع العالم
ولفت رواجعية إلى أن "العلاقات بين فرنسا والجزائر في الوقت الراهن تعتمد عليها في عدة مستويات اقتصادية وسياسية وبشرية وأمنية".
وأوضح أن "فرنسا تعتمد على الجزائر في 4 ملفات تشمل الاقتصادي (في مجال الطاقة)، والسياسي (الهجرة غير الشرعية)، والأمني (مكافحة الإرهاب)، والبشري (تبادل ثنائي للخبرات)".
أما عن علاقة الجزائر بالدول الكبرى كالولايات المتحدة، وروسيا، والصين، فقد اعتبر رواجعية أنه "لا سيما في سياق الحرب الحالية في أوكرانيا، لم تتأثر الجزائر بشكل مباشر أو غير مباشر بأي جانب من القوتين".
وتابع: "العلاقات بين والجزائر والولايات المتحدة جيدة، وتاريخيا كان الأمريكيون يؤيدون استقلال الجزائر وتحررها من الوصاية الفرنسية".
وأشار المحلل السياسي الجزائري إلى أنه "بعد استقلال البلاد، تطورت هذه العلاقات الأمريكية الجزائرية، ولم تفسد علاقاتهما السياسية والاقتصادية على الرغم من الروابط التي طورتها الجزائر مع المعسكر الاشتراكي في زمن الاتحاد السوفياتي".
وأضاف: "لقد حافظت الجزائر على علاقات متوازنة بين القوتين العظميين في ذلك الوقت وهي مستمرة في ذلك ".
وأشار رواجعية إلى أنه "في المقابل، فقد كانت روسيا منذ فترة طويلة شريكًا رئيسيًا للجزائر، خاصة في الأمور العسكرية وحتى الاستراتيجية. ولذلك فإن هذا التوجه المتوازن بين القوتين ليس جديدا".
وتابع "هذه الحرب الروسية الأوكرانية لا تغير جذريًا المواقف السياسية للجزائر، التي تظل ثابتة بشأن الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول ذات السيادة. والمطالبة باحترام شركائها للسيادة الوطنية".
وأضاف أن الأيديولوجية السياسية للجزائر لا تزال هي نفسها، في "محاولة فرض احترام السيادة، وهو ما كان له تأثير إيجابي على ديناميات علاقات الجزائر مع الدول الأخرى".
اختلافات فكرية
وكشف المحلل السياسي الجزائري عن وجود اختلاف فكري بين الجامعات الجزائرية والفرنسية، مشيرا إلى أن "الجامعة الفرنسية تتمتع بتفوق نوعي على الجزائرية".
وأرجع رواجعية ذلك إلى أن "فرنسا لها تاريخ جامعي طويل وتقاليد علمية، لكن الجزائر هي أمة شابة بالكاد خرجت من ليلة استعمارية طويلة".