إنفوجراف.. غموض انتخابات فرنسا يحجب اسم الرئيس ومستقبل أوروبا
الغموض يغلف التنبؤات حول اسم رئيس فرنسا المقبل وسط اختلاف خطط المرشحين وتقارب حظوظهم في استطلاعات الرأي
يدلي الناخبون الفرنسيون بأصواتهم، الأحد، لاختيار رئيس جديد للبلاد، وسط حالة من الغموض والترقب غير المسبوقة منذ عقود.
ويأتي هذا الغموض، نظرًا لتقارب حظوظ المرشحين الأربعة الأبرز في الانتخابات في استطلاعات الرأي، بشكل جعل من الصعب التنبؤ بمن سيكون الرئيس الـ 25 لفرنسا.
ويزيد من الترقب أن نتيجة الانتخابات تحدد مصير الاتحاد الأوروبي وفكرة القومية أمام العولمة وفتح الحدود، وسبل مكافحة الإرهاب، خاصة مع اختلاف توجهات المرشحين الأبرز حول هذه الملفات.
كما تجري الانتخابات وسط مناخ أمني مشدد بعد 3 أيام من الهجوم الذي استهدف شارع الشانزليزيه في قلب باريس، وتبناه تنظيم داعش الإرهابي، وأدى إلى مقتل شرطي.
ولإشعار الناخبين بالطمأنينة ودفعهم إلى التصويت، انتشر 50 ألف شرطي و7 آلاف عسكري في جميع أنحاء البلاد لضمان حسن سير عمليات الاقتراع.
ومن أصل 11 مرشحا يتواجهون في الدورة الأولى من الانتخابات، تشتد المنافسة بين 4 منهم تصدروا استطلاعات الرأي.
وفي طليعتهم الوسطي الشاب إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، يتبعهما بفارق طفيف المحافظ فرنسوا فيون وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.
وفي ظل التوقعات التي تشير إلى تقارب كبير بين أبرز المرشحين، يحيط غموض كبير جدا بنتائج هذه الدورة الأولى، لا سيما أن نسبة المترددين بين الناخبين البالغ عددهم الإجمالي 47 مليونا بقيت عالية حتى اللحظة الأخيرة.
كما أنه يصعب التكهن بالأثر الذي سيتركه اعتداء الشانزليزيه على الانتخابات واتجاهات الناخبين في اختيار المرشحين، بحسب اختلاف مواقفهم وخططهم في مواجهة الإرهاب.
وقالت آن بيشو وهي مهندسة عمرها 59 عاما خلال إدلائها بصوتها في بوردو (جنوب غرب) "هذا لا يؤثر على تصويتي (...) وفي مطلق الأحوال، لسنا في مأمن في أي مكان".
وتعيش فرنسا التي شهدت منذ مطلع 2015 سلسلة اعتداءات نفذها إرهابيون أوقعت 239 قتيلا.
وهي أول انتخابات رئاسية تجري في ظل حال الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في باريس.
وعنونت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" صدر صفحتها بـ "صوتوا!"، مرددة بذلك دعوة العديد من الشخصيات من بينها مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، إلى عدم المقاطعة، في وقت تتوقع استطلاعات الرأي نسبة امتناع عن التصويت أعلى من العادة.
ومن المقرر أن تقفل مراكز الاقتراع الساعة 18,00 ت ج.
وسيتقابل المرشحان اللذان يحلان في طليعة نتائج الدورة الأولى المقرر إعلانها مساء الأحد، في الدورة الثانية في 7 مايو/أيار المقبل.
وتراهن لوبان (48 عاما)، رئيسة حزب الجبهة الوطنية، على الموجة القومية الوطنية التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودفعت بريطانيا إلى اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، للفوز في الانتخابات.
وهذه الموجة يطالب أصحابها بإنهاء سياسة الباب المفتوح أمام الهجرات الأجنبية، وبحماية الحدود بشكل أكبر، وبإعطاء الداخل أهمية أكبر من الملفات الخارجية أو متطلبات العولمة.
وتصف هذه المحامية نفسها بأنها "وطنية: قبل أي شيء، ترغب في سحب بلادها من اليورو ومن نظام التنقل الحر في فضاء شينجن الأوروبي، وفق برنامج قد يسدد، برأي المراقبين، الضربة القاضية إلى اتحاد أوروبي بات في وضع هش بعد بريكست.
في المقابل، يعرض ماكرون (39 عاما)، أصغر المرشحين سنا، برنامجا ليبراليا سواء في الاقتصاد أو المسائل الاجتماعية، وهو بنى حملته على خط مؤيد لأوروبا.
وحقق ماكرون، وزير الاقتصاد السابق (2014-2016)، الحديث العهد في العمل السياسي، شعبيته على أساس رفض الأحزاب التقليدية والرغبة في التجديد التي عبر عنها الفرنسيون، محددا توجه حركته "إلى الأمام!" بأنه "ليس من اليمين ولا من اليسار".
وكانت الحملة الانتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات في المواقف، فشهدت سقوط المرشحين الرئيسيين الذين كانوا يشغلون الساحة السياسية منذ عقد الواحد تلو الآخر، ومن أبرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خرج من السباق منذ الانتخابات التمهيدية لليمين.
واضطر الرئيس المنتهية ولايته الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى التخلي عن الترشح لولاية ثانية في ظل شعبية متدنية أضعفت موقعه، في سابقة في فرنسا منذ أكثر من 60 عاما.
وفشل رئيس وزرائه مانويل فالس في الفوز بالترشيح الاشتراكي، وقد هزم في الانتخابات التمهيدية أمام مرشح أكثر اتجاها إلى اليسار هو بونوا آمون.
وفي مفاجأة أخرى من جانب اليمين، تراجع المحافظ فرنسوا فيون الذي كان الأوفر حظا بعد فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية لحزبه، في استطلاعات الرأي بعد الكشف في نهاية يناير/كانون الثاني عن فضيحة قيامه بتعيين زوجته واثنين من أبنائه في وظائف وهمية في البرلمان مقابل رواتب كبيرة.
وشهد الشوط الأخير من السباق مفاجأة أخيرة كانت تقدم مرشح آخر "من خارج الأحزاب" هو جان لوك ميلانشون، الاشتراكي السابق الذي أصبح ممثلا لـ"فرنسا المتمردة"، والذي نجح في تخطي الفارق مع فيون في استطلاعات الرأي.
ومع تقدم هذا الخطيب المفوه المعجب بفيدل كاسترو والمستعد لإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي إن لم يصلح التكتل أنظمته، ووصوله إلى المربع الأول، تعززت الشكوك بشأن نتيجة هذه الانتخابات التي تلقى متابعة حثيثة في الخارج.
وفي مؤشر إلى الأهمية المتزايدة التي تثيرها الانتخابات الفرنسية في الخارج، تطرق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الموضوع قائلا إن الاعتداء الأخير في باريس سيكون له "تأثير كبير" على الانتخابات.
ولم يذكر ترامب مرشح بالاسم سيستفيد من هذا الاعتداء، غير أنه يرجح أنه يقصد لوبان؛ كونها تشترك معه في التوجهات ضد المهاجرين وفتح الحدود والعولمة.
أما الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ففضل إجراء اتصال هاتفي مع إيمانويل ماكرون.
وإن كان امتنع عن تقديم دعمه رسميا، إلا أنه أعطاه دفعا أكيدا، لم يتوانَ المرشح في استثماره في حملته من خلال بث مقطع فيديو عن الاتصال على "تويتر".