حظر الغاز.. نيويورك تتأهب للاختبار المصيري
أصبحت نيويورك أول ولاية في البلاد تمرر قانونا يحظر استخدام الغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى في معظم المباني الجديدة.
بما يُمثل علامة فارقة في مواجهة مخاطر التغير المناخي والوصول إلى الحياد الكربوني خلال العقود القادمة.
قانون حظر الغاز
مطلع مايو/أيار الجاري، وافق المجلس التشريعي في نيويورك على قانون جديد يحظر عمليات توصيل الغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى في معظم المنازل الجديدة وغيرها من الإنشاءات، بميزانية حكومية تبلغ نحو 229 مليار دولار، بحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوت.
- المستقبل الأخضر.. المناخ يضع بصمته على سوق العمل
- جيوش في الأسر.. "تغير المناخ" جنرال العقيدة العسكرية العنيد
يشترط القانون التدفئة والطهي بالكهرباء في المباني الجديدة التي يقل طولها عن سبعة طوابق بحلول عام 2026، وفي عام 2029 للمباني العالية، وعلى الرغم من أنه يسمح بإعفاءات المنشآت الصناعية والمطاعم والمستشفيات وحتى مغاسل السيارات، إلا أن الإجراء لا يفعل ما كان يخشاه بعض نشطاء المناخ، من منح المدن والمقاطعات ترخيصًا لتجاوز الحظر.
هذه الخطوة، التي من المحتمل أن تواجه تحديًا قضائيًا من صناعة الوقود الأحفوري، ستكون بمثابة اختبار لقدرة الدول على حظر الوقود الأحفوري تمامًا، بدلاً من مجرد تشجيع المطورين على بناء مبانٍ منخفضة الكربون.
مدى إلزامية القانون
على الرغم من أن قرار المحكمة ليس ملزمًا قانونًا في معظم الولايات المتحدة، إلا أن التردد في تبني حظر محلي للغاز يمكن أن ينتشر إلى الخارج، كما قال "مات فيسبا"، المحامي البارز في منظمة Earthjustice، الذي أشار إلى أن القيود المفروضة على استخدام الغاز في المباني تبدأ عادةً في المستوى المحلي، ثم تنتقل على مستوى الولاية.
وضع المباني القائمة
لا يؤثر قانون نيويورك على المباني القائمة، ولكن، بمرور الوقت، يمكن أن يضعف هيمنة صناعة الغاز في الولاية، حيث تعتمد ثلاثة من كل خمسة أسر على الغاز الطبيعي للتدفئة، في حين يعتمد منزل واحد من كل 7 منازل على التدفئة بالكهرباء، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
الجدل حول قانون حظر الغاز
جادل منتقدو القانون، بأنه سيحد من اختيار المستهلك وسيزيد فواتير الخدمات من خلال تحويل المزيد من المنازل إلى الكهرباء، وهي أغلى من الغاز في معظم أنحاء الولاية. بينما يعارض المؤيدون أنه نظرًا لأن القانون لا يؤثر إلا على الإنشاءات الجديدة، فإن الانتقال سيحدث تدريجيًا وبالتزامن مع خطط الدولة لتحويل المزيد من إنتاج الكهرباء إلى مصادر أقل تكلفة وأكثر اخضرارًا.
وعلى صعيد أخر، اندلع الجدل بين الديمقراطيين والجمهوريين في نيويورك، وأثار مؤيدي الغاز من الجمهوريين شكوكًا حول ما إذا كان حظر الغاز في نيويورك يمكن أن يصمد أمام الطعون القانونية. يشعر بعض المدافعين عن المناخ بالقلق من أن قرار محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة التاسعة الذي قضى بحظر الغاز الأول في مدينة بيركلي في كاليفورنيا قد يكون له تأثير مخيف على المدن والمقاطعات الأخرى.
علاوة على ذلك، سخر "مايكل فازيو"، نائب الرئيس التنفيذي لجمعية بناة ولاية نيويورك، من تمرير مشروع قانون نيويورك ووصفه بأنه تجاوز حكومي. وعبر عن شعوره بالقلق من أن حظر الغاز سيعيق القدرة على تحمل تكاليف الإسكان الجديد ويجعل نيويورك أقل قدرة على المنافسة مع الدول المجاورة لها التي تفوقت على نيويورك في بناء المنازل الجديدة على مدى السنوات العديدة الماضية.
لكن الديمقراطيين، الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ والكونجرس في نيويورك، قرروا المضي قدمًا، على الرغم من الحرب الحزبية. وفي النهاية، لم تكن المفاوضات حول مواقد الغاز هي التي أثارت الجدل، بل كانت معركة طويلة حول إصلاح سياسة الإسكان والتي أخرت الموافقة على الميزانية لمدة شهر.
مستقبل الغاز
تبنت العشرات من المدن والمقاطعات حظراً على وصلات الغاز في المباني الجديدة، كجزء من حركة وطنية لخفض الانبعاثات من المنازل والشركات التي تمثل حوالي 11% من انبعاثات الكربون في البلاد و30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ولاية نيويورك.
يمتد الحظر أيضًا ليشمل زيت التدفئة والبروبان، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه الأنواع من الوقود في المجتمعات الريفية في ولاية نيويورك.
اليوم، يعمل الغاز على توليد 46% من توليد الكهرباء في نيويورك، لكن قانون المناخ التاريخي الذي تم إقراره في عام 2019 يدعو إلى الانتقال إلى مصادر متجددة وخالية من الانبعاثات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية. ويطالب الدولة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى 85% بحلول عام 2050.
الإمارات نموذجا
يمثل نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة أحد الركائز الرئيسة في نموذج دولة الإمارات في العمل من أجل المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تستهدف دولة الإمارات ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050 مزيجا من مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة.
كما تهدف الاستراتيجية إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50% منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.