سهير زقوت، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حذرت من تدهور الوضع الإنساني في القطاع
حذرت سهير زقوت، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من تدهور الوضع الإنساني في غزة، منبهة إلى أن أكثر ما يؤرق الشباب حاليا هو الأمل بأن المستقبل يحمل لهم تغييرا في هذه الأوضاع العصيبة.
وقالت زقوت، في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"،: "ما نراه اليوم لا يمكن أن يستمر، إن قدرة الناس على الصمود أمام التحديات اليومية التي يواجهونها باتت جد محدودة ولا أستطيع لومهم".
وأشارت إلى أن 8 من أصل 10 عائلات بغزة ليس لها مصدر رزق ثابت ومنتظم، في ظل ارتفاع البطالة إلى 66 % بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 24 عامًا.
ونبهت إلى خطورة أزمة الكهرباء، إذ بسببها باتت المياه تصل كل يومين إلى 60 ٪ من المنازل، وتصرف كميات كبيرة جدا من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيا في البحر، مع مخاطر بيئية وصحية واضحة.
وكشفت زقوت أن اللجنة الدولية تقوم بالحوار الثنائي وغير العلني مع السلطات في غزة وفي إسرائيل، من أجل المدنيين المتأثرين بهذه الأوضاع.
وأكدت زقوت أن المطلوب قرارات سياسية جريئة في غزة ورام الله ودول الجوار؛ لتجنيب المدنيين المزيد من التبعات الإنسانية.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيمون الوضع الإنساني بغزة؟
الوضع الإنساني في تدهور مستمر. يكافح مليونا شخص في غزة كل يوم لتحقيق طموح أساسي واحد: الرغبة في عيش حياة كريمة. وللأسف الفرص المتاحة أمام السكان محدودة للغاية.
الاقتصاد يختنق؛ حيث إن 8 من أصل 10 عائلات ليس لها مصدر رزق ثابت ومنتظم، في ظل ارتفاع معدلات البطالة إلى 44٪ وترتفع إلى 66٪ بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 24 عامًا.
يصل 20 ألف طالب لامع ومتخرج حديثًا إلى سوق العمل كل عام دون أي فرص عمل، ويحصل المعيلون القلائل على رواتب منخفضة جدا، وغالبا ما يكونون تحت خط الفقر الفلسطيني، بما ذلك أولئك الذين يشغلون مناصب مؤهلة جدا. وللعناية بأسرهم، يقبل العديد من العمال العمل لمدة 10 ساعات يومياً مقابل 25 شيكل (الدولار 3.6 شواكل). وبما أن التضامن هو قيمة أساسية في غزة، فإن معيل الأسرة - على الرغم من انخفاض الأجور - عادة ما يعتني بالعديد من الأقارب العاطلين عن العمل.
أزمتا الكهرباء والصحة خاصةً.. كيف تتابعون تداعياتهما؟
لا تؤثر أزمة الطاقة المستمرة على حياة كل فرد في قطاع غزة فحسب؛ بل حتى على المفاصل الحيوية للمجتمع مثل المستشفيات ومحطات معالجة المياه والصرف الصحي، التي تعاني من مصادر طاقة غير منتظمة، والتي تجبرها على الاعتماد على المولدات؛ مما يجعلها في حاجة دائمة وماسة للصيانة. ومشاكل عدم انتظام إمدادات الوقود. عموما، حوالي 10 ٪ من السكان يحصلون على المياه كل 4 أيام، 30 ٪ كل 3 أيام، 60 ٪ كل يومين. ويتم تصريف كميات كبيرة جدا من مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيا في البحر، مع مخاطر بيئية وصحية واضحة. وحين الحديث عن المستشفيات فهي تعاني من نقص حاد في الأدوية الأساسية. فالأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج المتخصص خارج غزة، على سبيل المثال مرضى السرطان، يواجهون التأخير وعدم اليقين، في انتظار تصاريح السفر التي لا تتحقق في بعض الأحيان. كل هذه الظروف مجتمعة، جعلت من غزة مكانًا صعبًا للغاية للعيش فيه.
وبعيدا عن الأرقام الصادمة فإن ما يؤرقنا هو فقدان الشباب للأمل بأن المستقبل يحمل لهم تغييرا في هذه الأوضاع العصيبة.
هل فعلا غزة على وشك الانهيار الذي قد يفضي للانفجار؟
لا نتنبأ بشيء، ولكن ما نراه اليوم لا يمكن أن يستمر، إن قدرة الناس على الصمود أمام التحديات اليومية التي يواجهونها باتت جد محدودة ولا أستطيع لومهم.
من المسؤول عن هذا التدهور وكيف يمكن مجابهته؟
هناك الكثير من العوامل التي تجتمع في تعقيدها لتؤثر على حياة السكان، إن الحلول الجوهرية لا يمكن أن تأتي إلا من القرارات السياسية الاستراتيجية، التي من شأنها أن تضع الاحتياجات الإنسانية للسكان في مركز الصدارة. أعلم أن الوضع العام معقد، ولكن بشكل أساسي ومن وجهة نظر إنسانية بحتة يصعب عليّ أن أفهم لماذا يجب على أم الطفل المريض أن ترى طفلها يعاني أو يموت، نتيجة لكونه رهينة الجمود السياسي.
ما يحتاجه سكان غزة واقتصادها على وجه الخصوص هو تخفيف القيود المفروضة على حركة الناس والبضائع، وإيجاد حل للخلافات الفلسطينية الداخلية التي تشلّ اقتصاد غزة.
في غياب مثل هذه الإجراءات، سيبقى سكان غزة محرومين من الحياة الكريمة التي يستحقونها وسيستمر الوضع الإنساني في التدهور.
ما تدخلاتكم لوقف التدهور سواء داخليا أن على الصعيد الإسرائيلي؟
لا يمكن للتدخلات الانسانية أن توقف تدهورا، هي فقط تؤجله أو تخفف من تبعاته على المدنيين المتأثرين. وقف التدهور كما أسلفت يأتي من اللاعبين السياسيين. وعلى الصعيد الإنساني فإن اللجنة الدولية تفعل كل ما وسعها مع إدراكنا التام بأن كل هذه الجهود والتدخلات هي نقطة في محيط من الاحتياجات الإنسانية، فمثلا نسهل زيارات أهالي المعتقلين على مدار الخمسين عاما الماضية، أكثر من 3.5 مليون زيارة سهلناها، يزور مندوبو اللجنة الدولية سنويا أكثر من 400 زيارة لأماكن احتجاز الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. إلى جانب دعم المزارعين في المناطق الحدودية، ودعم مستشفيات غزة لتمكينها من تقديم الخدمات للسكان والأهم للجرحى الذين يتوافدون للأسبوع 28 (منذ انطلاق مسيرة العودة في 30 مارس الماضي) على التوالي إلى نظام صحي أنهكه عقد كامل من شح الموارد والمعدات، فقد أنشأت اللجنة الدولية وحدة جراحية في مستشفى الشفاء يقوم عليها طاقم جراحي تابع للجنة الدولية، يجرون عمليات جراحية معقدة لجرحى الأحداث على طول السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل. ناهيك عن دعم مركز الأطراف الصناعية الذي يقدم خدماته لمن فقدوا أطرافهم سواء نتيجة للأمراض أو نتيجة للنزاعات التي مرت بها غزة.
وعلى صعيد مهم أيضا نقوم بالحوار الثنائي وغير العلني مع السلطات في غزة وفي إسرائيل، من أجل المدنيين المتأثرين بهذه الأوضاع.
هل المنظمات الدولية تقوم بدورها المطلوب؟
المنظمات الدولية لها صلاحيات محددة لا تستطيع أن تحيد عنها أو أن تحل محل السلطات، إن تدخلات اللجنة الدولية تخفف تبعات هذا النزاع الذي طال أمده لأكثر من خمسين عاما، المطلوب قرارات سياسية جريئة في غزة ورام الله ودول الجوار لتجنيب المدنيين المزيد من التبعات الإنسانية.
وهل تجابه بأي عراقيل من سلطات حماس أو إسرائيل؟
اللجنة الدولية منظمة إنسانية، مستقلة ومحايدة، إن حيادها أكسبها ثقة الأطراف، وهي تحتفظ بحوار دائم مع السلطات في قطاع غزة وفي إسرائيل، هذا الحوار يمكن اللجنة الدولية من أداء مهامها وإيصال مساعداتها لمن هم بحاجة لها.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xNDEg جزيرة ام اند امز