حصاد 2020.. لا هدوء ولا حرب في غزة
لا حرب ولا هدوء مطلقا، هكذا كان حال غزة في عام 2020، وإن بقيت الجهود المصرية حاضرة لاحتواء التصعيد وتجنيب القطاع ويلات الحرب.
وبين إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة، والغارات الإسرائيلية، بقيت حالة التوتر شاخصة في قطاع غزة خلال عام 2020، واقتربت الأمور من مواجهة شاملة مرتين على الأقل في فبراير/شباط وأغسطس/آب، قبل أن تنجح مصر في احتوائها.
الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، أكد أن تصعيد الاحتلال في غزة وغيرها ينطلق من استراتيجية ملخصها أن إسرائيل تريد أن تثبت قوة الردع.
وبحسب اللواء عريقات فإن هناك أكثر من عنصر لمواصلة التصعيد بغزة، أولها الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي ترى ضرورة أن يكون هناك تهديد مستمر ليمد ذلك في عمر الحكومات، ورسالة للفلسطينيين واستنزاف لقواهم وقدراتهم من خلال التهديد والتلويح باستخدام القوة العسكرية.
وفعليا دقت طبول الحرب على غزة، في فبراير/شباط، قبل أسبوع واحد من الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت في 3 مارس/آذار الماضي.
وفي حينه، وتحت ذريعة إطلاق قذائف صاروخية وبالونات محملة بمواد متفجرة وحارقة من غزة تجاه البلدات الإسرائيلية، أطلق بنيامين نتنياهو، تهديده بتنفيذ "عملية عسكرية واسعة" ضد القطاع.
وبالفعل شهد القطاع سلسلة غارات وردودا من الفصائل الفلسطينية قبل أن تتدخل مصر بمعاونة مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف لاحتواء الأمور.
وبالعودة إلى عريقات فإن العنصر الثالث لحالة التصعيد بين الحين والآخر في غزة يتعلق بالتأثير على معنويات أبناء القطاع، موضحاً أنه يمثل خدمة رفع ميزانية الجيش الإسرائيلي.
وبحسب اللواء الفلسطيني فإن عدم التوصل لتهدئة طويلة الأمد يعود إلى تمسك كل طرف بمطالب وشروط يرفض تحقيقها للآخر لذلك إذا لم يصلا لنقطة قاسم مشترك فإنه من الصعب التوصل لتهدئة.
فعليا يشهد قطاع غزة، تفاهمات تهدئة ذات صبغة إنسانية، تقوم على تخفيف إسرائيلي جزئي على حركة المعابر، وسماحها بدخول ملايين الدولارات، بما يشكل ترياق حياة للقطاع، مقابل وقف الهجمات الصاروخية على البلدات الإسرائيلية.
وتكرر خلال العام، قيام مجموعات فلسطينية دون إعلان رسمي بإطلاق قذائف صاروخية تجاه التجمعات الإسرائيلية سرعان ما ترد عليها إسرائيل بغارات تستهدف مواقع لحماس والجهاد الإسلامي.
سر أموال قطر
ويرى الدكتور رياض العيلة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن جزءا من فشل الاتفاقات وانهيارها المتكرر، يعود إلى الدور القطري الذي يزعم القيام بالتهدئة مقابل المال، وهذا النمط من الاتفاقات يفشل فشلا ذريعا.
وقال العيلة لـ"العين الإخبارية": "التهدئة مقابل مال مصيرها الفشل وهذا ما نراه منذ مسيرات العودة (انطلقت في 2018 وتوقفت بعد نحو عامين بموجب تفاهمات التهدئة) ودخول قطر على خط الواسطة"، مشددا على أن الاتفاقات لا بد أن يكون مقابلها حقوق أساسية وليس مالا فقط.
ورأى أن إسرائيل وحكومتها "مرتاحة من السياسة المنتهجة في غزة عبر الوسيط القطري لذلك لا تريد تهدئة تتنازل فيها عن شيء من حقوق الفلسطينيين".
وأضاف: "الإسرائيليون دائما على استعداد لمواجهة أي خطر يواجههم وهم يعتبرون أن غزة يمكن أن تشكل خطرا لذلك يبقون على التصعيد قائما، وهذا ما نراه في تحليق طيرانها المستمر في أجواء القطاع وعملياتها التدريبية حوله".
وتكرر في عام 2020 استخدام الفصائل الفلسطينية للبالونات الحارقة للضغط على إسرائيل وضمان استمرار تدفق أموال المنحة القطرية.
ففي أغسطس/آب الماضي تزايد إطلاق البالونات، واقتربت الأمور من مواجهة جديدة، وحذر حينها مبعوث الأمم المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف من أن "الوضع يتدهور بسرعة" واستمر التوتر لأكثر من أسبوعين قبل احتوائه.
ومضى العيلة في حديثه: "البالونات الحارقة هي سمة التصعيد البارزة في 2020 وهي لم تشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل يستلزم في المقابل تصعيدا كبيرا".
واستبعد أن تدخل قوى المقاومة في غزة أي مواجهة خارجها أو نيابة عن أحد لأنهم في القطاع يدركون ضعف الوضع العام ولذلك لا يحتمل مواجهة شاملة جديدة.
وشنت إسرائيل 3 حروب على قطاع غزة (2008، 2012، و2014) في حين شنت 3 جولات تصعيد في عام 2019، كادت تتطور إلى حرب واسعة لولا الجهود المصرية التي أوقفتها.
لا تهدئة دون رفع حصار
وفي المقابل، يعتقد اللواء يوسف الشرقاوي، وهو خبير عسكري متقاعد مقيم في الضفة الغربية، أن التهدئة لن تنجح دون رفع الحصار بالكامل عن غزة.
وقال الشرقاوي لـ"العين الإخبارية": "لا يمكن للجهود الأممية أو القطرية أو الأوروبية تحقيق تهدئة وفك الحصار لأسباب عديدة.. فقط مصر قادرة على إنقاذ غزة وفك الحصار وتحقيق ذلك مرتبط باتفاق الفرقاء الفلسطينيين".
وشدد على أن غزة الحلقة الأضعف بين حلفائها متوقعا أن تبقى الأمور في هذا الإطار ما لم تحدث تغييرات جذرية في الإقليم.