رسائل الغنوشي.. مناورة انتخابية أم انقسام إخوان تونس؟
تصريحات راشد الغنوشي الأخيرة لم تستبعد إمكانية الإطاحة بيوسف الشاهد من الحكومة الحالية كمحاولة للتملص من مسؤولية الجهاز السري للإخوان
وحدها السنين أثبتت أن تنظيم الإخوان الإرهابي لا تعيش له حكومة لفترة طويلة، حتى شهور العسل المرتبطة بالتحالفات مع التيارات السياسية الأخرى تنتهي سريعاً، وهذا ما تشهده تونس حالياً مع تقلص مسافات الود بين حركة النهضة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
- حكومة الشاهد والإخوان عاجزة أمام تصعيد الاتحاد التونسي للشغل
- 96 % من التونسيين "كارهون" لتحالف الشاهد والإخوان
وبدا واضحاً أن تحالف الشاهد والإخوان على شفا حفرة من الانهيار، وليس هناك أدل من تصريحات راشد الغنوشي في اجتماع حزبه بمدينة المنستير التي لم يستبعد خلالها الذهاب إلى الانتخابات بحكومة أخرى، إما تكنوقراط أو مستقلة، في تلميح بسحب الثقة برلمانياً من الشاهد، وإن اعتبرها البعض مناورة للتملص من مسؤولية الجهاز السري.
صدام إخواني- إخواني
"الشاهد" حليف الإخوان الحالي، قد يجد نفسه في الأيام المقبلة، خارج معادلة السلطة، خاصة أن خيار إنهاء مرحلة التحالف تدفعه أمواج الصراع الداخلي في حزب النهضة الإخواني، والتي بدأت تنقسم حول مواصلة دعمه أو الإفصاح علانية عن قطيعة نهائية.
ويمثل هذا القفز الجديد، في تصريحات الغنوشي، دلالة على عمق التصدع داخل أجنحة الإخوان، خاصة أن المستشار الخاص لرئيس حزب النهضة، لطفي زيتون، وجه سهام نقده إلى طريقة تسيير الحزب في إشارة إلى استفراد "راشد" بكل القرارات.
النائب في البرلمان التونسي زهير حمدي، قال في تصريحات لـ "العين الإخبارية" إن خلافات كبرى تضرب أسس حركة النهضة الإخوانية، لافتاً إلى أن نية قطع العلاقة مع الشاهد تدفعها الرغبة في استيعاب الأزمة داخل هياكل الحزب حتى لا تنشق عنه القيادات والقواعد.
ولفت إلى أن هذه القطيعة كانت متوقعة وأظهرت "كذبتهم" السياسية المتعلقة بالاستقرار الحكومي من أجل مصلحة البلاد، مشيراً إلى أن التنظيم تحركه فقط مصالحه الخاصة والحزبية التي تبحث عن تموقع جيد ما بعد انتخابات 2019.
مغازلة لرئيس الدولة
من زاوية أخرى، يرى البعض أن هذه التكهنات مجرد رسائل ودّ جديدة يبعث بها الغنوشي إلى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الذي انطلق في عملية الكشف عن الجهاز السري للإخوان، مثلما وعد به في خطابه يوم 6 فبراير/شباط الماضي، في ذكرى اغتيال شكري بلعيد القيادي في الجبهة الشعبية.
وفي هذا الاتجاه، أكد منصف الشرقي القيادي في الحزب الاشتراكي التونسي، أن موقف الغنوشي الجديد "مغازلة" لرئيس الدولة لإيجاد ترتيبات جديدة لإغلاق ملف الجهاز السري والاغتيالات السياسية، لافتاً إلى تحرك الإخوان في كل الاتجاهات لغلق هذا الملف وإنقاذ حزبه من دعوى قضائية وحجج دامغة قدمتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وحذر الشرقي من أن الخناق قد ضاق على الفرع الإخواني في تونس، ما يجعلهم يبحثون عن الحليف الأكثر نجاعة والذي يمتلك الأوراق السياسية.
وتصطدم التحركات الإخوانية بما أعلنه الرئيس التونسي في وقت سابق عن أن علاقته بالإخوان انتهت ولا تراجع عن ذلك، مشككا في مدى "مدنية" حزب النهضة، الذي أعلن في مؤتمره العاشر الفصل بين الدعوة والسياسية.
ليس هذا فحسب، بل إن الرئيس السبسي شكك فيما يدعيه الإخوان عن فصل الدعوة عن السياسة، معبراً عن تبنيه لضرورة كشف حقيقة الإرهاب والاضطرابات الأمنية التي عرفتها تونس منذ سنة 2011.
"تكنوقراط" للتملص من الفشل الاقتصادي
الناشط السياسي عضو المجلس الوطني التأسيسي، هشام حسني، تحدث بدوره عن أن الذهاب إلى حكومة "تكنوقراط" في هذا الظرف الذي يسبق الانتخابات بسبعة أشهر فقط، يمثل مناورة إخوانية للتملص من حصيلة الفشل الاقتصادي، فالأرقام التي تحققت في فترة التحالف بين يوسف الشاهد والتنظيم لم تكن إيجابية.
وبلغت المؤشرات الاقتصادية، حسب "حسني" حدودها القياسية؛ إذ بلغت قيمة العجز التجاري 7 مليارات دولار، إضافة إلى الانهيار المتواصل للدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وتحديداً الدولار واليورو، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، ووصلت نسبة التضخم إلى 8%.
ووفقا لعضو المجلس الوطني التأسيسي فإن الإخوان يبحثون دائما عن كبش فداء لتحميله المسؤولية، موضحاً أن قطيعة حزب النهضة مع الشاهد بدأت عندما عبرت القواعد الجديدة لحزب (تحيا تونس) عن امتعاضها من أي شراكة مع الإسلام السياسي وأذرع قطر في تونس، مؤكداً أن هذه المعطيات اجتمعت لقطع جسور التواصل بين الطرفين.