"ليلة السكاكين الطويلة" تؤرق الغنوشي قبل مؤتمر "النهضة"
مصادر قالت لـ"العين الإخبارية" إن الغنوشي يسعى لاستعادة وجوه قديمة لتعزيز سلطته داخل "النهضة" وتفادي تمرد واسع ضده قبل المؤتمر العام.
امتدت النار التي أضرمتها المعارضة بمقعد راشد الغنوشي في رئاسة البرلمان التونسي إلى موقعه في رئاسة حركة النهضة الإخوانية، ما دفع الرجل "الثمانيني" للاستعانة بأوراقه المحترقة لتفادي نهاية تلوح في الأفق، والفرار من شبح "ليلة السكاكين الطويلة".
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، نجا الغنوشي بشق الأنفس من معركة لسحب الثقة كرئيس للبرلمان، لكنها جردته من سطوته في عقر داره.
وأطلق 100 قيادي في حركة النهضة الأسبوع الماضي، "عريضة" لمطالبة الغنوشي بالتراجع عن الترشح لرئاسة الحركة واعتزال العمل السياسي خلال انتخابات المؤتمر العام المقرر في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأمام العواصف التي تهدد موقعه، استعان الغنوشي بوجوه قديمة على رأسها حمادي الجبالي في محاولة لاحتواء التمرد الداخلي والاحتفاظ بمقعده في زعامة الحركة الإرهابية.
والجبالي الذي تقلد رئاسة الحكومة التونسية عام 2012، كان الأمين العام السابق للنهضة قبل أن يستقيل في 2016 عقب خلافات سياسية مع الغنوشي.
وقالت مصادر على صلة بملف الحركة الإخوانية في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن استعانة الغنوشي بالجبالي هي محاولة من أجل تقوية موقعه قبل المؤتمر القادم، وفي الوقت نفسه احتواء الجبالي الذي قد يستفيد من موجة استقالات داخلية متوقعة لبناء حزب جديد.
وهدد عدد كبير من مجموعة المائة التي أطلقت "عريضة الاعتزال" بالاستقالة الجماعية في حال واصل الغنوشي تشبثه بموقع الرئاسة في حركة النهضة.
وأوضحت المصادر أن الفريق المقرب من الغنوشي (صهره رفيق عبد السلام وابنه معاذ) عرضوا مبالغ مالية مغرية على العديد من القيادات من أجل العدول عن "عريضة الاعتزال والانسحاب منها.
هل بات معزولا داخل حركته؟
ويرى طيف واسع من المراقبين أن الغنوشي فقد رمزيته السياسية والمعنوية داخل حركته، ولم يعد يملك تلك "الهالة " المؤثرة على أبناء حركته مثلما كان الأمر طيلة العقود الأربعة الماضية.
وقال قيس بن طارة الناشط السابق في الحركة الإسلامية الطلابية إن راشد الغنوشي لم يبق له سوى القدرة على تقديم الإغراءات المالية من خلال الصندوق الأسود الذي يشرف عليه شخصيا.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن قدرة الغنوشي على الإقناع داخل حركته باتت ضعيفة أمام صعود جيل جديد يطمح إلى الاستفادة ماديًا مثلما استفاد الغنوشي وعائلته.
واعتبر أن المعركة بين أبناء الحركة الإخوانية ليست معركة ديمقراطية أو معركة من أجل تداول المواقع القيادية في التنظيم، وإنما هي معركة من أجل تقاسم الغنائم مع الغنوشي.
وبرزت داخل حركة النهضة في السنوات الأخيرة موجة من الانتقادات ضد الغنوشي وعائلته، تتهمه بالثراء الفاحش وامتلاك عقارات ضخمة وأرصدة بنكية.
وقد وصف زبير الشهودي (أمين سر حركة النهضة) عائلة الغنوشي في رسالة استقالته خلال شهر سبتمبر/أيلول 2019 بـ"الفئة الفاسدة والمفسدة".
وأكد بن طارة أن الحرب الطاحنة على اقتسام الغنائم ستعصف بحركة النهضة قبل بداية المؤتمر الانتخابي المزمع تنظيمه في أواخر العام الجاري.
سيناريو حزب جديد
ولا يستبعد المراقبون أن يغامر الغنوشي حال فقد موقعه في رئاسة الحركة بإنشاء حزب جديد.
ويقول الكاتب الصحفي محمد بوعود أنه من الممكن أن يؤسس الغنوشي حزبًا جديدًا يجمع فيه أنصاره ومريديه، وهي فكرة مطروحة، وتم تداولها داخل حركة النهضة وفي الأوساط المناصرة للغنوشي
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن التلويح بتأسيس حزب جديد ينشق على حركة النهضة سيضعف الحركة الإسلامية في تونس ويفقدها وزنها السياسي بشكل كبير.
ورجح أن تحتدم الخلافات بين أبناء العائلة السياسية الواحدة في الأيام القادمة، خاصة مع اقتراب المؤتمر الانتخابي، معتبرًا بأن الرهانات المطروحة أكبر بكثير من قدرة الحركة على التماسك والوحدة الداخلية.
ويتوقع المراقبون أن تشهد النهضة "ليلة السكاكين الطويلة" بعد أن باتت أطماع السلطة وحجم الغنيمة أكبر من أن يتجاهلها تنظيم نفعي على غرار الإخوان.
و"ليلة السكاكين الطويلة" مصطلح أطلق على عملية تطهير واسعة نفذها هتلر عام 1934 للسيطرة على ألمانيا ولتفادي انقلاب محتمل وشهدت عمليات إعدام خارج نطاق القانون.
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA= جزيرة ام اند امز