نشطاء عراقيون: مليشيات الحشد تخطط لجر المتظاهرين لصدامات مسلحة
عناصر المليشيات تهاجم المتظاهرين بالسكاكين والأسلحة البيضاء، وسط صمت القوات الحكومية التي تسمح لهم بالدخول وسط المحتجين بأسلحتهم.
تسود حالة من الترقب والحذر بين المتظاهرين العراقيين في ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، بعد دخول مليشيات الحشد الشعبي إليها، الخميس، وتعرض المتظاهرون لهجمات بالسكاكين في ظل معلومات تؤكد نية إيران ومليشياتها إنهاء المظاهرات المستمرة منذ أكثر من شهرين.
واقتحم المئات من مسلحي الحشد الشعبي، الخميس، ساحة التحرير حاملين رايات الحشد، رافعين شعارات تمتدح إيران والإرهابي قاسم سليماني، قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الخارجي، وصور خامنئي، والمرجع الشيعي علي السيستاني، وصور قتلى الحشد، وهاجموا المتظاهرين المطالبين بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق، بالشتائم واتهموهم بالعمالة لصالح أمريكا وبالولاء لحزب البعث، واختلطوا بين صفوف المحتجين الذين يعتصمون منذ أكثر من شهرين في التحرير.
وبعد دخول عناصر المليشيات إلى التحرير تحت غطاء المظاهرات، شهدت الساحة هجمات عدة بالسكاكين والأسلحة البيضاء، أسفرت عن وقوع إصابات بين صفوف المتظاهرين.
وقال الدكتور مجدي عصام، أحد الأطباء المتطوعين لإسعاف المتظاهرين في ساحة التحرير لـ"العين الإخبارية": "إن الطواقم الطبية المنتشرة في ساحة التحرير، تعاملت مع أكثر من ٢٥ إصابة بالغة لمتظاهرين أصيبوا بطعنات بالظهر من قبل أشخاص ملثمين في الساحة"، مؤكداً أن حالات الطعن هذه "وقعت بعد دخول متظاهري المليشيات إلى التحرير مباشرة".
وفور دخول عناصر المليشيات ساحة التظاهر، أغلق المتظاهرون مبنى عمارة المطعم التركي الذي يتحصنون فيه المطل على الساحة، خوفاً من سيطرة عناصر المليشيات عليه واستخدامه لقنص المتظاهرين كما حدث مع بداية انطلاقة المظاهرات في بغداد في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم يتوقفوا عند هذا الإجراء فحسب، بل أنشأوا حائط صد بشرياً بينهم وبين عناصر المليشيات لمنع الاصطدام أو تقدمهم باتجاه خيم المعتصمين.
وأوضح الناشط المدني، عدي الزيدي لـ"العين الإخبارية": "كانت لدينا معلومات مسبقة عن نية مليشيات الحشد الشعبي اقتحام ساحة التحرير، لذلك اتخذنا الإجراءات اللازمة، لكنهم باغتونا وجاءوا بمظاهرات، ووصلوا الساحة وحاولوا استفزاز المتظاهرين للاصطدام معهم، وهم مدججون بالأسلحة البيضاء والمسدسات الشخصية"، مشيراً إلى أنه قبل دخولهم التحرير مروا بنقطة تفتيش تابعة للقوات الأمنية العراقية لكنها لم تفتشهم وفتحت لهم الطريق للدخول بين المتظاهرين بأسلحتهم.
واعتبر الزيدي محاولة مليشيات الحشد والحكومة من خلال إدخال عناصرها وبلطجيتها بين المتظاهرين، لشن هجمات وجر المتظاهرين للاصطدام بهم آخر محاولة لإيران ومليشياتها لإنهاء المظاهرات، مؤكداً "لن تنجح الحكومة والمليشيات وإيران من إنهاء مظاهراتنا".
وواصل المتظاهرون من ١٢ مدينة في جنوب ووسط العراق، الجمعة، التوافد إلى ساحة التحرير، وسط بغداد، استعداداً لتنظيم مظاهرات مليونية، الأسبوع المقبل، لتنفيذ مطالبهم المتمثلة بتغيير العملية السياسية بشكل جذري، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية تقود البلاد استعداداً لتنظيم انتخابات نزيهة بإشراف دولية وإنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
وأكد الزيدي أن "المظاهرات المليونية لن تتوجه إلى المنطقة الخضراء التي تحتضن المقار الرئيسية للحكومة والأحزاب، لأن الأطراف السياسية والمليشيات تريد جرنا إلى الخضراء، كي تقضي علينا، ولكن سنواصل التظاهر خارج الخضراء لحين تحقيق أهدافنا التي تحقق إحداها بسقوط رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، وننتظر أن يحل البرلمان ويتغير الدستور ويطبق قانون العزل السياسي للأحزاب الحاكمة".
ولم تتمكن الأحزاب السياسية والمليشيات خلال اجتماعاتها في بغداد، الأسبوع الماضي، التي أشرف عليها سليماني والسفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي من التوصل إلى اختيار شخصية تخلف عادل عبدالمهدي، الذي أعلن استقالته من رئاسة الوزراء، الجمعة الماضي، لكنه ما زال يدير الحكومة كرئيس وزراء تصريف أعمال لحين تكليف شخصية أخرى لإدارتها.
وتسعى إيران ومليشيات الحشد الشعبي والأحزاب التابعة لها إلى اختيار رئيس وزراء من الكتل الموالية لنظام ولي الفقيه الإيراني، إلا أن المتظاهرين متمسكون بأن رئيس الوزراء يجب أن ينتخب من ساحة التحرير، وألا يكون مشاركاً من قبل في العملية السياسية.
وكشف ضابط في الاستخبارات العراقية لـ"العين الإخبارية" عن مخطط إيراني لجر المتظاهرين إلى الاصطدام مع مليشياتها، ومن ثم فتح يد الحكومة العراقية ومليشيات الحشد بالتدخل بحجة إنهاء الشغب.
وتابع الضابط: "دخول مليشيات الحشد إلى ساحة التحرير بحجة التظاهر هي تنفيذ للمخطط، ستستخدم هذه المليشيات خلال الأيام المقبلة جميع الوسائل لتحقيق أهداف إيران في إنهاء المظاهرات التي تسعى إلى إنهاء سيطرة طهران على القرار في بغداد، وإنهاء دور مليشيات الحشد والأحزاب التابعة لإيران".
وأضاف أن مجموعة خاصة مكونة من عناصر مليشيات النجباء وكتائب الإمام علي وكتائب سيد الشهداء وسرايا الخراساني وبدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، هي التي نفذت هجمات بالسلاح الأبيض على المتظاهرين، وهذه المجموعة تشرف عليها مليشيا عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق.
وتزامناً مع مظاهرات بغداد، تواصل مدن جنوب العراق اعتصاماتها التي شهدت، الجمعة، اتساعاً بعد استمرار توافد أبناء العشائر وعائلات الضحايا من المتظاهرين على ساحات الاعتصام، الذين طالبوا المجتمع الدولي والجهات الرسمية بالعدالة ومحاكمة الأشخاص الذين تلطخت أياديهم بدماء المتظاهرين وتنفيذ مطالبات المتظاهرين وإنهاء دور المليشيات والأحزاب التابعة لإيران في العراق.