لا جدال أن إدارة الأزمة الخليجية القطرية ستتطلب في الوقت الراهن مراجعات وتقييمات دورية، بل وأجزم يومية، للتعرف على ما يخطط له القطريون
لا جدال أن إدارة الأزمة الخليجية القطرية ستتطلب في الوقت الراهن مراجعات وتقييمات دورية بل وأجزم يومية، للتعرف على ما يخطط له القطريون، ومن ورائهم عدد من خبراء ومستشاري عدد من الإدارات السابقة، وعدد من المفكرين، والباحثين متعددي الجنسيات، وهو الأمر الذي الذي اتضح مؤخرا من تطوير أدوات المرواغة والتكتيك السياسي والتحول من صدمة قرار المقاطعة إلي الهجوم بوضع الشروط والمتطلبات القطرية لبدء الوساطة مع الدول الخليجية، وهو أمر سيذهب بالأزمة لمراحل أخرى، ويدفعنا إلى التعامل المباشر مع الطرح القطري المراوغ حيث يطلب القطريون أدلة وقرائن وملف بالممارسات التي تم توجيه الاتهامات فيها، كما طالبوا بعدم المساس بوضع السياسة الخارجية القطرية، والوسائل الإعلامية وعلى رأسها قناة الجزيرة، وهو الأمر الذي يدفعنا للسؤال: من يطالب ومن يتعامل وكيف سيتم التعامل مع المشهد الذي يمكن أن يستمر طويلا في ظل تحركات قطرية بهدف تشعيب الأزمة، وعدم تقديم أي تنازلات حقيقية والاستمرار في مخطط الثرثرة السياسية وتبني خيارات مفتوحة مع العمل والتحسب لكل الخيارات السياسية والعسكرية، وهو ما يجري في الوقت الراهن من تنمية الوجود العسكري في قطر سواء من قبل الجانبين التركي أو الإيراني، ومن خلال قيادات نخبوية من دول أخرى تسعى قطر لاستحضارهم إلى الدوحة تخوفا من خيار عسكري مباشر قد يحدث في ظل التعنت القطري الراهن والمعلن والذي لم يحمل جديدا طوال الأيام الأخيرة، وهو ما سيتطلب تطوير دور الدول المقاطعة من خلال الحركة على أربعة مسارات.
الأول النطاق الخليجي بعدم تقديم تنازلات من أي نوع والحذر من تحويل الأزمة من كونها أزمة سياسية أمنية استراتيجية إلى أزمة إنسانية بحتة وفقا للنهج الإعلامي القطري الذي يقود المواجهة من هذا المنطق مع التوقف عند بعض الوساطات في حال عدم طرحها جديدا، خاصة وأن تكرار وتعدد الوساطات لن يخدم دول الخليج بل على العكس سيظهرها في دور المتلقي، ويتحول الأمر من مجرد دول وأطراف تملي سياسات جديدة على قطر أو هكذا أن يحدث، إلى طرف يمكن أن يتخذ إجراءات تبسيط المقاطعة وعدم امتدادها إلى مجالات أخرى، أي أن الأمر يتحول من عمل سياسي إلى إنساني.
ويكفي الخيار الثاني تحريك الأمر داخل الجامعة العربية لتبني موقف جامع وليس من الدول المقاطعة فقط، فغياب دور الأزمة سيفتح الباب أمام تساؤلات خبيثة تطالب بالعودة للخيارات الشرق أوسطية وإنهاء دور الجامعة على الأرض، حيث يمكن أن تعقد قمة عربية مصغرة في مقر الجامعة للتوصل لصيغة يمكن أن تبدأ منها خيارات حل الأزمة وليس إدارتها أو التعامل معها وفقا للطرح القطري، ولعل شخص الأمين العام بكفاءته وخبرته قادر أن يبدأ هذه الخطوة لو حصل على ضوء أخضر من الدول المقاطعة للتحرك.
من الضروري التفكير العربي الجاد في نقل الملف القطري إلى مجلس الأمن أو الاستعداد لذك في المدى المنظور من خلال مصر وبدعم المجموعة العربية وعدم التخوف من الفيتو الأمريكي أو الروسي
أما الخيار الثالث فهو التحسب لنقل الأزمة من بعدها الخليجي العربي إلى الإقليمي من خلال إدخال الجانبين التركي والإيراني، وهو ما يعني بناء محور سياسي أمني استراتيجي يؤكد على قدرة قطر في بناء مواقف مباشرة والاتجاه إلى الخيار الإقليمي على حساب الخيار الخليجي، مما يمكن أن ينقل الأزمة إلى مجلس التعاون الخليجي في ظل المواقف المحايدة، ولن نقول الداعمة من قبل قطر وسلطنة عمان، وهو ما يمكن أن يرتب خيارات سياسية وإقليمية جديدة في المنطقة في حال بناء محاور تهز أركان المنطقة خاصة مع السعي التركي والإيراني لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والاستراتيجية مثلما يسعى الجانبان الأمريكي والروسي لذلك، وهو ما يشير إلى أن الأزمة ستطول بعض الوقت، وحسنا فعلت مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة ببدء التحرك المخطط له لتطوير مواقف واتجاهات الدول المقاطعة، ولعل زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى مصر تصب في هذا الاتجاه مع الحرص المصري الإماراتي السعودي البحريني على تطوير الحركة العربية الداعمة والمؤيدة للموقف الخليجي للوقوف في مواجهة المخاطر التي تمثلها قطر في حال استمرارها في مخططها للنهاية وعدم الرضوخ للمواقف العربية.
المسار الرابع من الضروري التفكير العربي الجاد في نقل الملف القطري إلى مجلس الأمن أو الاستعداد لذك في المدى المنظور من خلال مصر وبدعم المجموعة العربية وعدم التخوف من الفيتو الأمريكي أو الروسي، بل من الضروري التدرج في قائمة العقوبات، وعلى ألا تقتصر على العالم العربي، وهناك سيل من الاتهامات المعروفة بالدلائل والقرائن التي يمكن تقديمها في هذا الإطار، خاصة وأن قطر اشتبكت في صراعات ونزاعات عديدة، وكانت دبلوماسية الدولار نافذة في هذا الإطار، وبالتالي فإن مرحلية المواجهة وتدرجها مع قطر لن تتوقف أو تتجمد عند حدود معينة خاصة وأن الحضور المصري في مجلس الأمن يمكن أن يكون عونا في هذا المسار التدرجي، خاصة وأن قطر تسعى إلى فصل الحضور المصري عن الخليجي مع توسيع نطاق الحركة بالأساس تجاه دول الخليج وخاصة السعودية ودولة الإمارات .
ليس المطلوب استمرار المقاطعة لأطول مدة زمنية ولكن التحرك المدروس في مواجهة ما تقوم به قطر للخروج من حالة المقاطعة، وليس الحصار كما تزعم وسائل الإعلام القطرية التي ما تزال تصعد بصورة مبالغ فيها، وهو ما سيؤدي لتداعيات حقيقية ما لم تتراجع قطر عن نهجها، وفي كل الأحوال نطلب السلامة للشعب القطري، والذي لابد أن يكون له موقف مما يجري والخروج من حالة المظلومية الراهنة التي يسوق لها إعلام قطر الذي يتحرك بتوجيهات أمريكية وتركية وإيرانية.
ما زلنا وسنظل نملك من الإجراءات الرادعة ما نجبر الجانب القطري للانصياع للموقف العربي، وواهم من يتصور أن الدول الخليجية ومصر ستقف في موقفها تنتظر القبول القطري بعروض التقارب وإيقاف الممارسات الإرهابية على الأرض وعدم الاستقواء بأطراف إقليمية ودولية قد تكون في محصلتها النهائية صفرية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة