في عهد أردوغان تم غزو جرابلس والباب في سوريا عام 2016، والتطهير العرقي لمدينة عفرين في عام 2018، ورغم ذلك يستمر في الإفلات من العقاب
تلقت القوات التركية انتقادات واسعة إبان هجومها العسكري على شمال وشرق سوريا، وسط مخاوف دولية من أن يتسبب الاعتداء على الأراضي السورية في إعادة إحياء تنظيم داعش الإرهابي الذي دُحر مطلع العام الجاري، وقوبل الهجوم بعاصفة من الإدانات الإقليمية والدولية، وأوقف كثير من الدول الأوروبية تصدير الأسلحة إلى تركيا، على خلفية الهجوم الذي أدى إلى فرار كثير من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من مخيمات المنطقة.
في عهد أردوغان، تم غزو جرابلس والباب في سوريا عام 2016، والتطهير العرقي لمدينة عفرين في عام 2018، ورغم ذلك يستمر النظام التركي في الإفلات من العقاب، عدا عن التنظيمات الإرهابية التي تمولها أنقرة والتي تسببت في هجمات دموية على أوروبا، وذبحوا الإيزيديين في سنجار بالعراق، وأسروا حتى النساء والآشوريين والكلدانيين في أوائل العشرينيات من القرن الماضي ومذبحة الأكراد، وتاريخ تركيا هو تاريخ الدولة منذ تأسيسها قبل مائة عام، ولم تتوقف عن اللجوء إلى الدمار لتحقيق طموحاتها، ولا يمكن نسيان أو تجاهل الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915، والإبادة الجماعية لليونانيين في ديرسيم عام 1937، وغزو قبرص في عام 1974.
تركيا والولايات المتحدة وكندا ليست دولاً أوروبية، فيما العدوان التركي يهدد استقرار وأمن المنطقة كلها، ولا يمكن تبرير هذا العدوان بأي من الذرائع والحجج التي يقدمها نظام أردوغان، وقد أوصى الاتحاد الأوروبي دوله بأن وقف صادرات الأسلحة للنظام التركي ليست كافية، وإنما يجب أن يقترن الأمر بفرض عقوبات اقتصادية عليه، وبالمقابل هدد السيناتور ليندسي جراهام بقوله إن إحدى لوائح العقوبات الأمريكية المفروضة على تركيا تدعو إلى طرد تركيا من حلف الناتو، وفي زيارة الأمين العام للناتو مؤخراً إلى أنقرة لم يقدم أي وعود بشأن توفير نظام دفاع جوي صاروخي أو تقديم الدعم العسكري لعملياته العسكرية.
فيما يتعلق بالخيارات المتاحة للأعضاء الآخرين في الحلف، فإنه بوسعهم طلب إجراء مشاورات بشأن المادة الرابعة في معاهدة شمال الأطلسي، وتنص على ضرورة التشاور بين دول الحلف في حال تعرض الوحدة الترابية والأمن والاستقلال السياسي للخطر، والدعوة الأوروبية ما زالت قائمة لإقصاء تركيا من الناتو وإجراء تغييرات في المعاهدة الخاصة بتأسيس حلف الأطلسي
وفي الأشهر الماضية، تزايدت حدة التوترات بين أنقرة وأعضاء الناتو، لاسيما الخلاف حول نظام الصواريخ الروسي S-400 وتدهورت الثقة بين الحكومة التركية وشركاء الناتو، وانتقت تركيا منظومة السلاح الجوي الروسية لحماية مجالها الجوي، وهذا لم يرق للغرب لوجود تحفظات أمنية، إذ يخشى الغربيون أن تسمح تقنية نظام الصواريخ الروسية بالوصول إلى معلومات سرية من الناتو، ما أغضب الإدارة الأمريكية من تحرك أنقرة المنفرد، ويسود القلق بين شركاء الناتو بأن يدفع التعاون العسكري والسياسي مع موسكو أنقرة إلى الابتعاد عن شركائها الغربيين في حلف الناتو، وأنقرة تتجاوب بالتحديد مع استراتيجية الرئيس بوتين.
إقصاء تركيا سيكون بالنسبة إلى المجتمع الألماني مشهداً جذاباً، وأغلبية الألمان لديهم الرغبة في طرد تركيا من حلف الأطلسي، وذلك بسبب خرقها مبادئ حقوق الإنسان والتعدي على حريات الآخرين، وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يو جوف" لصالح وكالة الأنباء الألمانية في الفترة من 25 حتى 28 أكتوبر/تشرين الأول، تبين أن 58 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يريدون طرد تركيا من الناتو، وأيد 61 بالمئة فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة، و69 بالمئة يريدون حظراً كاملاً لصادرات السلاح إليها، حيث قيدت الحكومة الألمانية مبيعات الأسلحة لأنقرة منذ التوغل التركي في سوريا قبل بضعة أسابيع وكانت معظم دول الناتو، من بينها فرنسا والنرويج وإسبانيا، علقت توريد أسلحتها لأنقرة، في حين قرر الاتحاد الأوروبي تنسيق سياسات دوله فيما يتعلق بمنح رخص وبيع أسلحة لتركيا، وبذلك أصبحت تركيا معزولة للغاية لسياستها الخارجية وتجاوزاتها لمبادئ حقوق الإنسان.
ويتطلب طرد أي دولة من الناتو موافقة جميع الدول الأعضاء والنتائج التي أوردتها الاستطلاعات الميدانية، والانتقادات الدولية ضد المواقف السياسية والعسكرية الأردوغانية ليست جديدة؛ فالحزب اليساري الألماني "دي لينكه" قد أصدر دعوات في وقت سابق لطرد تركيا من الحلف، وفيما يتعلق بالخيارات المتاحة للأعضاء الآخرين في الحلف، فإنه بوسعهم طلب إجراء مشاورات بشأن المادة الرابعة في معاهدة شمال الأطلسي، وتنص على ضرورة التشاور بين دول الحلف في حال تعرض الوحدة الترابية والأمن والاستقلال السياسي للخطر، والدعوة الأوروبية ما زالت قائمة لإقصاء تركيا من الناتو وإجراء تغييرات في المعاهدة الخاصة بتأسيس حلف الأطلسي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة