قانون مكافحة الإرهاب.. أكذوبة النظام الإيراني لخداع العالم
محللون سياسيون ومتخصصون في الشأن الإيراني يقولون لـ"العين الإخبارية" إن مصادقة إيران على "قانون مكافحة تمويل الإرهاب" نوع من المراوغة.
سائرة على خطى قطر بخداع العالم بأكذوبة مواجهة الإرهاب ومكافحته، تعلن إيران مؤخرا المصادقة على "قانون مكافحة تمويل الإرهاب"، رغم ابتعاد طهران والدوحة عن أي جهد ملموس في هذا المضمار.
فالمنطقة تئن من الجراح، التي سببتها إيران وقطر بخداع العالم ودعم المليشيات الإرهابية كالحوثيين في اليمن، وحركة الشباب في الصومال، وحزب الله بلبنان وتنظيم الإخوان بمصر، وفلول القاعدة بسوريا، بهدف تأجيج الصراعات وتقويض الاستقرار لدى تلك الدول.
مراوغة سياسية من إيران
وأكد محللون سياسيون ومتخصصون في الشأن الإيراني، خلال حديثهم لـ"العين الإخبارية"، أن مصادقة إيران على "قانون مكافحة تمويل الإرهاب" نوع من المراوغة السياسية في محاولة لتأجيل العقوبات الأمريكية أو تخفيفها، قبل أن تصبح قابلة للتنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتتزامن خطوة إيران مع تراجع الدول الأوروبية عن دعمها أمام عقوبات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد وضوح مدى دعم طهران للإرهاب، وتدخلها في شؤون دول الجوار، والسير في تطوير برنامجها النووي.
وأوضح محللون سياسيون أن "إيران لأول مرة أصبحت قصيرة النفس في المواجهة الدولية، بعد أن سعت في المصادقة على هذا القانون، دون مفاوضات أو الحصول على مقابل"، لافتين إلى أن "الموافقة على القانون ليس معناه العمل به في ظل ارتباطها بمليشيات إرهابية في سوريا واليمن والعراق ولبنان، ولكنها تحاول إنقاذ اقتصادها وعملتها المنهارة، قبل تطبيق العقوبات الأمريكية"، معتبرين أن "التصديق على هذا القانون سيكون على الطريقة القطرية عندما وقعت على قوانين مكافحة الإرهاب بعد قرارات المقاطعة للرباعي العربي (السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر)".
إيران على خطى قطر
وقال مدير مركز بروكسل للبحوث السياسية وحقوق الإنسان، رمضان أبوجزر، إن "اقتراب موعد العقوبات الأمريكية والتي ستبدأ من 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، هو المحرك الأساسي الذي دفع البرلمان الإيراني للتصديق على الاتفاقية؛ لتفادي توجيه اتهامات لإيران أو وضعها على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، خاصة أن المهلة الحالية المحدة لطهران تنتهي 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري".
واعتبر أبوجزر أن "إيران تسير على خطى قطر فيما يتعلق بتوقيع الاتفاقيات في الأوقات الحرجة، فإذا عدنا للوراء قليلا، قامت الدوحة بالتوقيع على عدة اتفاقيات كانت ترفض توقيعها قبل الأزمة مع دول المقاطعة، وبمجرد فرض الرباعي العربي العقوبات على قطر، قامت الأخيرة بالتوقيع على اتفاقيات لخداع المجتمع الدولي بمواجهة تمويل الإرهاب على عكس الحقيقة".
ومضى بالقول: "المتابعون للأمر يرون في ذلك، اللعب في الوقت الضائع، حيث تفصلنا أيام عن سريان العقوبات على صناعة النفط الإيرانية، وسيكون لها أثر كبير على الداخل الإيراني، وستتصاعد بالحراك الشعبي ضد النظام الحاكم"، مضيفا في حديثه لـ"العين الإخبارية": "لاحظنا في الأسابيع الأخيرة تغيرا في مواقف العديد من الدول الأوروبية، فلم تعد طهران تحظى بالدعم الأوروبي السابق لمواجهة إجراءات ترامب".
ويرى أن "هناك شبه صراع داخل إيران واختلافات في وجهات النظر، فوزير الخارجية جواد ظريف مارس ضغطا كبيرا على القيادة الإيرانية والمرشد خامنئي في محاولة لإقناعهم بضرورة توقيع هذه الاتفاقيات، للسعي في تدعيم المواقف المساندة لطهران، وتخفيف الأوضاع الداخلية، ولكن في الوقت نفسه هناك تيارات أخرى تعتبر هذا التوقيع تدخلا في الشأن الداخلي الإيراني، ويمكن أن يؤثر على مساندة إيران لمليشياتها في لبنان واليمن، ولكن الدعم الإيراني لم يكن عبر بنوك، ولكن يكون عبر تجارة غير مشروعة في العالم، يذهب ربحها لتمويل الجماعات الإرهابية".
وأردف: "توقيع هذه الاتفاقية لن ينقذ إيران مثلما لم ينقذ غيرها من قبل، فهذه اتفاقيات لها حسابات لا تعبر عن وجهة النظر الإيرانية، ولكن الهدف من الرسالة محاولة تهدئة المجتمع الدولي في الوقت الذي يفصلها عن انعطاف تاريخي سياسي واقتصادي، وتوقيع مثل هذه الاتفاقيات لا يقنع المجتمع الدولي؛ لأنها لن تتوقف عن دعم المليشيات أو التدخل في شؤون دول الجوار".
وأشار أبوجزر إلى أن "الجديد في هذا التصديق هو قصر نفس النظام الإيراني، لأن النظام الإيراني لا يقدم شيئا دون مقابل أو مفاوضات دولية، وهذا يدلل على وجود صراعات داخلية في الحكم، وإذا كانت إيران صادقة في هذا التوقيع، فلماذا لم تقبله في 2015"، في إشارة إلى عام توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه ترامب في مايو/أيار 2018.
ويعتبر أبوجزر أن "توقيع الاتفاقية لا يعني تمكن إيران من النجاة من وضعها على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، ما سوف يؤثر على الاقتصاد والعملة الإيرانية، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية التي أثرت على الاقتصاد الإيراني قبل تنفيذها، وأيضا مغادرة معظم الشركات الأوروبية لطهران، لذلك تحاول إيران البحث عن طوق نجاة عبر أي وسيلة ممكنة، بمصادقتها على قانون مكافحة الإرهاب الذي جاء متأخرا للغاية ولن يسعفها الوقت لتنفيذ أي بند من بنود القانون الذي ينتهكه النظام الإيراني عبر ذراعه الحرس الثوري المتورط في سلسلة طويلة تمتد لأربعين عاما في الجرائم الإرهابية وغسيل الأموال والاتجار بالمخدرات".
عقوبات تخنق مليشيات إيران
المحلل السياسي اليمني والمتخصص في الشؤون الإيرانية، خالد مسهور، قال إن "إيران لم تتوقع التحولات الدولية بصعود الجمهوريين في الولايات المتحدة وتشدد الرئيس ترامب حيال الاتفاق النووي، حيث كان الإيرانيون يراهنون على أن الأوروبيين سيكونون إلى جانب صفقات الشركات الأوروبية التي أبرمت في ٢٠١٥، غير أن فرض العقوبات الأمريكية عكس التوقعات ووضع طهران منفردة أمام استحقاقات لا يمكنها التعامل معها بالأساليب التي اعتادت عليها".
وذكر مسهور، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "المليشيات الإيرانية في لبنان واليمن والعراق وسوريا تحديدا أصبحت جزءا من الأنظمة السياسية عبر سيطرتها على القرار السيادي في تلك الدول".
واستكمل مسهور: "لكن سيحصل هناك ضعف في التمويل متى ما شددت الولايات المتحدة عقوباتها ومارست المراقبة على مصادر التمويل للمليشيات"، لافتا إلى أنه "لن ينقذ اقتصاد إيران سوى إبرام اتفاق جديد مع الولايات المتحدة يشمل المحاور الثلاثة المتعلقه بالبرنامج النووي والصواريخ الباليستية والمليشيات، غير ذلك فالاقتصاد الإيراني سينهار نتيجة عدم قدرة طهران على بيع النفط الذي تعتمد عليه دولة ولاية الفقيه".
ويوضح المحلل السياسي العراقي، والمتخصص في الشأن الإيراني، هلال العبيدي، أن "التصديق على الاتفاقية خطوة انتهازية من جانب النظام الإيراني؛ لأنه معروف للجميع من هي القوة الإرهابية الأولى في المنطقة".
وشدد العبيدي على أن "طهران جزء أساسي من الإرهاب الذي يضرب المنطقة منذ أكثر من 30 عاما، في ظل تفجيرات في معظم الدول العربية، وتصدير مليشياتها الإرهابية إلى دول الجوار، ووصول إرهابها إلى الأرجنتين، فكيف لدولة تمتلك كل هذه الأذرع الإرهابية أن تكون صادقة فجأة في مكافحة الإرهاب؟".
ويشير العبيدي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن "التصديق على الاتفاقية خطوة استباقية من إيران لذر الرماد في الأعين، وخداع العالم بأنها تكافح الإرهاب، في حين أنها الداعم الأول للإرهاب ماديا ومعنويا وتسليحيا، والجميع يعلم من أين يأتي الحوثيون وحزب الله والمليشيات العراقية بأسلحتها".
ويرى العبيدي أن "إيران لن تلتزم بهذا القانون مثلما لم تلتزم بغيره، وهذا القانون سيكون حبرا على ورق، لا سيما أن إيران لن تتخلى عن مليشات قامت برعايتها وتربيتها وتجني ثمار إرهابها الآن، والواقع أنها لن تلتزم بها، لأن النظام الإيراني يعلم جيدا كيف يمارس هذه اللعبة".
aXA6IDE4LjIxNy4yNTIuMTk0IA== جزيرة ام اند امز