موجة غلاء غير مسبوقة في إيران وحملات مقاطعة للمنتجات
إيرانيون يتفاعلون مع دعوة أطلقها لاعب كرة قدم سابق لمقاطعة غلاء الأسعار وسط فشل حكومة الملالي
تفاعل آلاف الإيرانيين مع دعوة أطلقها علي كريمي، قائد المنتخب الإيراني لكرة القدم سابقا، لمقاطعة شراء البضائع والسلع المحلية احتجاجا على غلاء الأسعار إلى حد غير مسبوق، وزيادة معدلات التضخم، الأمر الذي ألقى بآثار سلبية على باقي الأسواق في البلاد، وضاعف من أزمات المواطنين الإيرانيين المعيشية المتردية، وسط فشل حكومي واضح.
وطالب كريمي (39 عاما)، والمعتزل كرة القدم، في رسالة عبر حسابه الرسمي على موقع انستغرام، المواطنين الإيرانيين المتذمرين من غلاء البضائع والسلع الأساسية بالتفاعل مع دعوته، ومقاطعة كافة المنتجات باهظة الثمن لمدة شهر واحد، أسوة بالدول التي يشن مواطنوها حملات مناهضة لغلاء الأسعار عبر التوقف عن الشراء، قبل أن يضم أسواق الذهب والسيارات إلى حملة المقاطعة التي حملت عنوان "من نميخرم" أو "لن أشتري".
وطالب قائد المنتخب الإيراني السابق، مواطني بلاده بدعم تلك الحملة للتخلص من ممن وصفهم بـ "السماسرة" و"اللصوص" في الأسواق داخل إيران، قبل أن تتحول دعوته هذه إلى أولى اهتمامات الإيرانيين على موقع التدوينات القصيرة، بالتزامن مع ارتفاع أغلب أسعار المنتجات والسلع الأساسية مثل المواد الغذائية، والملابس، والمستلزمات المنزلية، وغيرها، الأمر الذي أشارت إليه صحيفة "كيهان" اللندنية، مؤكدة أن تلك الأزمات جعلت "أرواح المواطنين تصل إلى أعناقهم،" على حد تعبيرها.
ولفتت الصحيفة إلى تجاهل المجموعة الاقتصادية في حكومة روحاني التوصل لحلول ناجزة إزاء تلك الأزمات الاقتصادية، مدعين أن غلاء الأسعار الذي تشهده البلاد محض "فقاعة اقتصادية"، في الوقت الذي تداول إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات أدلى بها مؤخرا مسعود كرباسيان وزير الاقتصاد الإيراني، خلال مقابلة مع التلفزيون الإيراني، تناولت الأوضاع الاقتصادية المتردية، ليرد أنها على ما يرام، وذلك على النقيض من الوضع الحالي بعد تجاوز الدولار الأمريكي حاجز الـ 7000 تومان إيراني، وسط تحذيرات خبراء ومحللين اقتصاديين إيرانيين من كارثة اقتصادية محدقة.
واعتبرت الصحيفة، أن قطاعا عريضا من الإيرانيين بات ينظر إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية داخل إيران بأنها الأسوأ على مدار عقود، على الرغم من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية في 2015، مؤكدة أن هناك فشلا واضحا في سياسات حكومة روحاني ولا سيما بالجانب الاقتصادي، في ظل الانشغال بالإنفاق العسكري، ودعم مليشيات طائفية في كل من اليمن، وسوريا، والعراق وغيرها.
وفي السياق ذاته، أكد محلل اقتصادي إيراني مؤخرا انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين الإيرانيين بمعدل 80 % على مدار 8 أشهر، بسبب زيادة قيمة الدولار الأمريكي أمام العملة المحلية (التومان)، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية، متوقعا في الوقت نفسه ارتفاع نسبة مؤشر التضخم إلى أكثر من 30% بنهاية السنة الفارسية الجارية، والتي تنقضي في 20 مارس/آذار المقبل.
ولفت وحيد شقاقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الخوارزمي في طهران، خلال مقابلة مطولة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا"، أن الأشهر الـ8 الأخيرة شهدت انخفاضا في قدرة الإيرانيين الشرائية بسبب الزيادة المطردة بسعر الدولار أمام التومان، معتبرا أن انخفاض قيمة العملة المحلية بنحو 80% أيضا لن يظهر تأثيره سوى بنهاية السنة الفارسية الحالية، على حد قوله.
ووصف شقاقي، أوضاع الاقتصاد المحلي المنهار في إيران حاليا بـ"النوبة القلبية الاقتصادية"، مشيرا إلى أن نسبة السيولة إلى الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 60 و70% بالنسبة للاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تتخطى النسبة ذاتها حدود 110%، ما يعني وصولها إلى "حدود الخطر"، وفق تعبيره.