أزمة إيران الاقتصادية تدهس أبناء الطبقة المتوسطة
كان آل تيموري مثالاً للأسرة الإيرانية من الطبقة المتوسطة، فقد كانا أصحاب مشروع تجاري وحصلا على تعليم جامعي وحالتهما المادية مزدهرة
منذ أقل من العام، كان كافح تيموري يدير مشروعاً تجارياً لمستلزمات الكومبيوتر، ويقود سيارة حديثة ويستأجر شقة مكونة من غرفتين في وسط طهران، لكن الشهر الماضي وجد نفسه يقود دراجة بخارية قديمة للوصول إلى مسكن أسرته الجديد البعيد، شقة مساحتها 45 مترا مربعا في أحد أسوأ أحياء المدينة قرب المقابر.
عندما وصل إلى المنزل في أحد الأيام في تمام الساعة العاشرة والنصف مساء من عمله الجديد بصالة الألعاب لم يكن هناك طعام، ومع ذلك قالت ريحانة زوجته وشريكته بالعمل سابقاً إنها اعتقدت أن حالته المزاجية كانت تتحسن "على الأقل توقف عن الصراخ خلال نومه".
- بعد ساعات من إعلان الموازنة.. ريال إيران يتراجع أمام الدولار
- إيران تلتف على العقوبات بتكثيف مبيعات النفط للشركات الخاصة
قبل "سقوطهم"، كما يسمياه، كان آل تيموري مثالًا على الأسرة الإيرانية من الطبقة المتوسطة، فقد كانا أصحاب مشروع تجاري وحصلا على تعليم جامعي وحالتهما المادية مزدهرة وتمكنا من جمع مال كاف لدفعه عربونا لشقتهم الخاصة، لكن الآن.. فهم مثال مختلف تماماً، فقد انقلبت حياة ملايين الإيرانيين من أبناء الطبقة المتوسطة بسبب العوامل الاقتصادية الخارجة عن إرادتهم، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
بالنسبة لتيموري، المال غير الموجود في الواقع يتحدث عن نفسه، دخل الأسرة الشهري تراجع من 50 مليون ريال أو حوالي 1400 دولار منذ عام إلى 10 ملايين ريال أو 90 دولارا، بالمعدل الحالي للعملة المنهارة.
وقال تيموري بلهجة مريرة "إن أخبرني أحد أنني سأعيش يوماً مثل هذا الوضع لكنت ضحكت"، وأضافت زوجته بعد فترة طويلة من الصمت "لست حزينة بهذا القدر، لأننا لسنا بمفردنا.. هذا يحدث لكثير من الناس".
كان الزوجان لديهما متجراً في وسط طهران، وكانا يشتريان لوحات المفاتيح والكابلات وغيرها من مستلزمات الكومبيوتر من تجار الجملة ثم يبيعها ريحانة للتجار في المحافظات، بينما يبقى زوجها في المتجر للاهتمام به.
رزق الزوجان بصبي، وقبل بضعة أسابيع فقط من انهيار كل شيء، أخبرا والديهما أنهما سيرزقان بمولود ثان، لكن في يناير/كانون الثاني بدأ انهيار الريال الإيراني، وبضائع مثل التي يبيعها تيموري المسعرة بالدولار واليورو لم يعد معظم الإيرانيين يتحملون تكلفتها.
وقالت ريحانة إن منتجات مثل "الهارد ديسك" الرقمية المستوردة لا تزال تكلف حوالي 90 دولاراً في إيران، لكن بالعملة المحلية ارتفعت إلى 18 مليون ريال بعدما كانت 3 ملايين.
في الوقت نفسه، كان تجار الجملة يهاتفون زوجها لاسترداد ثمن البضائع التي اشتراها بالدين، وقال "كانوا يطلبون سداد أموالهم، لكن عملاءنا لم يدفعوا لنا المال ولم نكن نبيع شيئاً".
وحتى لا يتعرض تيموري للسجن لم يكن لديه خيار، فقام ببيع سيارته وأثاث منزله والسجاد الذي حصلوا عليه ضمن هدايا الزفاف.
وقالت زوجته إنها علمت أنها حامل منذ وقت قصير على بدء انقلاب الأمور رأسا على عقب، مضيفة "أعترف أنني فكرت في الإجهاض، لكن على الرغم من كل هذا فأنا سعيدة للغاية بمولدها".
يعيش الاقتصاد الإيراني حالة فوضى بفعل سنوات من سوء الإدارة والعقوبات الاقتصادية التي أعيد فرضها، هذا وقد وسعت إيران من حجم الكتلة النقدية المتداولة بأكثر من 30% سنوياً منذ أكثر من عقد زمني، واستخدمت الأموال الإضافية لتغطية عجز الميزانية وغيرها من النفقات، مما أدى لانفجار التضخم، وفقاً لجواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز