احتجاجات إيران.. انتفاضة "عابرة" أم "تهديد" وجودي للنظام؟
مع استمرار الاحتجاجات في إيران للأسبوع الخامس على التوالي وسط "قمع عنيف" من السلطات المحلية، أثيرت تساؤلات بشأن "مستقبل النظام".
فالمظاهرات والتي لم تخمد جذوتها بعد، جعلت المراقبين يتساءلون ما إذا كانت قادرة على تهديد وجود "النظام" في إيران أم لا، بحسب مجلة "ناشيونال إنترست"، والتي قالت إن "الانتفاضة الحالية" في إيران يمكن أن تؤدي إلى ثورة جديدة والانتقال نحو ديمقراطية حقيقية.
- احتجاجات إيران و"الجمعة السوداء".. اعترافات بإطلاق النار واعتقال آلاف
- إيران ونظرية المؤامرة.. الطريق السريع لـ"شيطنة" الاحتجاجات
ونقلت الصحيفة عن البروفيسور ماجد رفي زاده، عضو مجلس إدارة مجلة هارفارد إنترناشونال ريفيو، قوله إن الاحتجاجات بشأن قضية من القضايا في إيران يمكن أن تتحول إلى مطالبات بـ"تغيير النظام"، شريطة استمرارها الفترة الكافية، أو انتشارها جغرافيًا بشكل واسع.
شعارات منددة
وفيما لم يحدد المدة الكافية للاحتجاجات لتحقيق أهدافها أو المناطق التي يجب أن تنتشر فيها، قال إن "ذلك حدث عدة مرات في إيران منذ عام 2017، عندما بدأت المظاهرات في مدينة مشهد احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية، والتي سرعان ما انتشرت إلى أكثر من 100 منطقة أخرى، مرددة شعارات الموت للديكتاتور".
البروفيسور ماجد رفي زاده قال إن تدهور الوضع الاقتصادي كان العامل الرئيس في اندلاع مظاهرات نوفمبر/تشرين ثاني 2019، عندما أدت الزيادة المفاجئة في أسعار البنزين التي فرضتها الحكومة إلى مظاهرات عفوية فيما يقرب من 200 مدينة وبلدة.
وأوضح أن هذه الاحتجاجات تلتها بعد شهرين فقط من اندلاعها مظاهرات جديدة في أكثر من 12 محافظة، لم يكتف فيها المشاركون بتكرار الدعوات لتغيير النظام، بل استهدفوا أيضًا الحرس الثوري.
لكن مظاهرات الشهر الماضي، لم تخرج بسبب السخط تجاه تردي الوضع الاقتصادي، بل رفضا لمقتل الفتاة الكردية، مهسا أميني، التي تبلغ من العمر 22 عامًا على يد ما يعرف بـ"شرطة الأخلاق" في طهران، بحسب مجلة "ناشيونال إنترست".
انتشار الاحتجاجات
وطالبت الاحتجاجات بالمساءلة عن وفاة أميني مع إدانة قوانين الحجاب الإلزامي، التي ازدادت "تعنتا" خلال العام الماضي تحت حكم الرئيس إبراهيم رئيسي، بحسب المجلة التي قالت إنه لم يمض وقت طويل حتى دوت هتافات "الموت للديكتاتور" المألوفة الآن في كل مدينة رئيسية وكل منطقة في طهران، بما في ذلك المناطق التي كانت تعتبر في السابق معاقل دعم للقيادة الإيرانية.
ومع مرور شهر كامل وأكثر على انطلاق المظاهرات، باتت رسالة الدعم لـ"تغيير النظام" أكثر وضوحًا منذ اندلاع الاحتجاجات للمرة الأولى؛ فانتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع لطالبات المدارس الثانوية يشوهن صور المرشد الأعلى علي خامنئي وسلفه الخميني، ورافقت هتافات "الموت للديكتاتور" شعارات مشابهة مثل "لا نريد الجمهورية الإسلامية" و"الموت للظالمين سواء الشاه أو القائد [خامنئي]".
"تغيير النظام"
ولقيت هذه الشعارات قبولا لدى مجموعة واسعة من الفئات الديموغرافية والاجتماعية، بحسب المجلة التي أشارت إلى أن الأسبوع الماضي شهد إضرابات داخل صناعة النفط الإيرانية بهدف التعبير عن التضامن مع "الانتفاضة"، والضغط على قوات الأمن لوقف عمليات "القمع"، الذي أسفر حتى الآن عن "مقتل أكثر من 200 شخص".
وفيما قالت المجلة إن هناك تقارير متزايدة تفيد بـ"رفض بعض قوات الأمن الأوامر المباشرة بإطلاق النار على إخوانهم الإيرانيين"، قال رافي زاده إن تهديد عمال النفط بالإضراب في اقتصاد "هش" بالفعل، سيجعل من الصعب على المراقبين الأجانب إنكار أن هذه "الانتفاضة" قد تؤدي إلى "ثورة جديدة والانتقال الذي طال انتظاره بعيدًا عن حكم رجال الدين ونحو الديمقراطية الحقيقية التي طالب بها غالبية الإيرانيين منذ أيام الشاه"، بحسب المجلة.