التصعيد الإسرائيلي بغزة.. 3 جولات مواجهة في 2019 احتوتها مصر
ما بين تصعيد وهدوء حذر في خط المواجهة مع إسرائيل تراوحت الأوضاع في قطاع غزة خلال 2019، وسط جهود مصرية نجحت 3 مرات في احتواء الأمور
ما بين تصعيد وهدوء حذر، في خط المواجهة مع إسرائيل، تراوحت الأوضاع في قطاع غزة خلال عام 2019، وسط جهود مصرية نجحت 3 مرات في احتواء الأمور ومنع تدهورها لحرب رابعة.
- طبول الحرب على غزة تقرع في إسرائيل.. وجهود مصرية لمنعها
- قصف غزة.. رسائل إسرائيلية عسكرية تثير مخاوف الحرب
أولى الجولات تفجرت في 25 مارس/آذار 2019، واستمرت يومين شنت خلالهما إسرائيل أكثر من 50 غارة خلفت 10 إصابات، وتدميرا في البنية التحتية، قبل نجاح الجهود المصرية في احتواء التصعيد.
الجولة الأولى
التصعيد المفاجئ جاء عقب سقوط صاروخ أطلق من غزة على تل أبيب، تسبب في إصابة 7 إسرائيليين، دون أن تعلن أي جهة فلسطينية عن إطلاق الصاروخ.
سبق الحادث بيومين استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات في قمع مسيرات العودة، وإصابات بصفوف الأسرى الفلسطينيين في سجن النقب.
الجولة الثانية
ولم يكد يمر شهران على هذه الجولة، حتى بدأت موجة ثانية في 3 مايو/أيار 2019، استمرت 4 أيام، شنت خلالها قوات الاحتلال عشرات الغارات، ما تسبب في استشهاد 24 فلسطينيا وإصابة 154 آخرين، بحسب وزارة الصحة بغزة.
وفي البداية، نفذت إسرائيل أول عملية اغتيال منذ حرب 2014، بتصفية حامد أحمد الخضري من سكان غزة، وأحد أعضاء الذراع المسلحة لحركة حماس، عبر استهداف سيارته بزعم أنه يمتلك شركة للصرافة تولت تسهيل تحويلات نقدية واسعة النطاق لمنظمات فلسطينية في قطاع غزة.
وخلال أيام التصعيد، تعرض 72 مبنى مكونا من 97 وحدة سكنية يقطنها 611 فردا في غزة للتدمير الكامل.
في حين تعرض 131 مبنى مكوّنا من 266 وحدة سكنية يقطنها 1127 فردا للتدمير الجزئي مع تعرض مدينة غزة للحصة الأكبر من الأضرار.
ومرة ثانية، نجحت الجهود المصرية في إبرام تفاهم تهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وأكد مصدر فلسطيني لـ"العين الإخبارية"، حينها، أن جولات مكوكية أجراها الأشقاء في مصر مع وفدي حماس والجهاد في القاهرة، تكللت بالتوصل إلى اتفاق تهدئة متزامن، وإعادة تفعيل تفاهمات كسر الحصار المبرمة نهاية شهر مارس/آذار الماضي.
الجولة الثالثة
وتفجرت الجولة الثالثة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، واستمرت 3 أيام، بعدما اغتال جيش الاحتلال، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا وزوجته في قصف استهدف منزله في قطاع غزة، وتميزت هذه المرة بالاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي.
وخلال أيام التصعيد، شنت إسرائيل عشرات الغارات، ما أدى إلى استشهاد 34 فلسطينيا وإصابة 111، في حين أطلق فلسطينيون أكثر من 360 قذيفة من قطاع غزة على إسرائيل، بينها نحو 60% سقطت في مواقع مفتوحة، بحسب جيش الاحتلال.
وعاد الهدوء إلى غزة، فجر اليوم الثالث بعد نجاح الجهود المصرية في التوصل إلى تهدئة بين إسرائيل والجهاد، بعد جولة تصعيد لم تشترك فيها حماس، وبدا لافتا أن إسرائيل تجنبت استهدافها أيضا.
أهداف التصعيد
ويؤكد اللواء يوسف الشرقاوي، الخبير العسكري، أن إسرائيل بجولاتها العسكرية القصيرة على غزة هدفت إلى تغيير قواعد الاشتباك "أي تريد قصفا عنيفا دون رد أو لتحقيق هدنة مجانية".
وذهب الشرقاوي في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن إسرائيل سعت للعبث بوعي الفلسطينيين ليس في غزة فقط، بل في الضفة والقدس "لتأكيد قدرتها على التدمير الهائل والقتل الفظيع دون إدانة دولية مناسبة".
ورأى أن إسرائيل سعت عبر جولات التصعيد لاستنزاف متواصل لقوة الفصائل الفلسطينية وسلاحها لإضعافها من ناحية، ولدفع الحاضنة الشعبية لليأس من جدوى المقاومة ودفعها بالتالي للقبول بالشروط الإسرائيلية التي لا تلبي الحد الأدنى فلسطينيا.
الاستنزاف المستمر بالعدوان وإطلاق الرصاص الحي على مسيرات العودة وإيقاع ضحايا بين الفلسطينيين يهدف أيضا – وفق الشرقاوي- "للتهيئة لما قبل الاجتياح الكبير للقطاع، فحالما رأت اسرائيل الظروف مناسبة للقيام باجتياح ستقوم به ولن تتأخر".
وقال: "إسرائيل لديها سياسة ممنهجة ضمن استراتيجيتها الأساسية منذ نشأتها، وهي الاستمرار في التطهير العرقي ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس وغزة وحتى داخل إسرائيل".
وبجانب جولات التصعيد الثلاث الرئيسية، شهد جانبا الحدود سخونة بين الحين والآخر على شكل إطلاق صواريخ في غلاف غزة يعقبها قصف إسرائيلي مركز لمواقع الفصائل بلا إصابات، في حين بقيت مسيرات العودة، وما يسقط فيها من شهداء وجرحى عامل توتير مستمرا.
وقال يامن المدهون، مدير البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن قوات الاحتلال نفذت 54 عملية توغل محدودة في غزة خلال 2019، في حين أسفرت اعتداءاتها المتعددة في الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني 2019 حتى 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، عن استشهاد 108 فلسطينيين، وإصابة 5690 آخرين، الجزء الأكبر منهم أصيب خلال قمع مسيرات العودة.
تفاوض تحت النار
ورأى الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، أن جولتي مارس/آذار ومايو/أيار جاءتا شكلا من أشكال التفاوض بالنار، في غمرة مساعٍ أكبر للتوصل إلى هدنة شاملة وترتيبات تعالج الاحتكاك الناجم عن مسيرة العودة على الحدود مع غزة.
وأشار صادق في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الجولة الثالثة التي استفردت فيها إسرائيل بالجهاد الإسلامي، جاءت لأسباب سياسية من جانب، ولإحداث فتنة بين الفصائل من جانب آخر، إذ اختارت إسرائيل هدفها وتوقيت تصفيته لتحدث أكبر عملية شرخ للتحالفات العسكرية في غزة (حماس والجهاد).
ورأى المحلل السياسي أن جولات التصعيد المتكررة تؤكد أن الأمور لم تنضج لهدنة طويلة الأمد، خصوصا أن إسرائيل فعليا لم تلتزم بأي تفاهمات، وفي كل مرة كانت تتهرب من الالتزامات عليها بذرائع مختلفة.
وأشار إلى أن إسرائيل تسعى بوضوح لاستنزاف قوة الفصائل وخلق صراع وفتنة بينها، وتهيئة الأجواء لفصل غزة عن الضفة عبر التسويق لمشاريع معينة تحت الصبغة الإنسانية مستغلة الأوضاع الصعبة الناجمة عن حصارها وعدوانها.
وأكد أن المتفق عليه في كل جولات التصعيد، هو الدور المصري الذي نجح في احتواء الأمور، وحال دون تطورها إلى حرب شاملة يدرك الفلسطينيون من 3 تجارب سابقة قسوتها ونتائجها الكارثية عليهم.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg جزيرة ام اند امز