إسطنبول والانشقاقات.. 2019 يزلزل الأرض تحت أقدام أردوغان
ضربات متتالية وأزمات طاحنة لم يرها أردوغان من قبل بدأت بهزيمة حزبه المذلة في بلدية إسطنبول وانتهت بانشقاق رفاق الدرب وأبرز مؤسسي الحزب.
بعد 17 عاماً داخل أروقة الحكم، شرعت أقلام عام 2019 في كتابة بداية النهاية لقصة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع السياسة، وتتزلزل الأرض الهشة تحت أقدامه.
ضربات متتالية وأزمات طاحنة لم ير أردوغان مثيلا لها، بدأت بهزيمة مذلة لحزبه الحاكم (العدالة والتنمية) في بلدية إسطنبول، وانتهت بانشقاق رفاق الدرب وأبرز مؤسسي الحزب.
من مدينة إسطنبول، بدأ أردوغان مسيرته السياسية، وتحديداً عام 1994، عندما جرى انتخابه حينها رئيسا لبلدية المدينة مرشحا عن حزب الرفاه الإسلامي.
لكن المدينة التي قال الرئيس التركي كلمته الشهيرة عنها: "من يخسر إسطنبول فقد خسر تركيا"، خذلته في 2019 واختارت مرشح الحزب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، لتوجه له بذلك صفعة أطلقت إشارة بداية النهاية.
جن جنون أردوغان، ومارس شتى الضغوط على هيئة الانتخابات التي رضخت في النهاية لابتزازه وقررت إعادة الاقتراع في بلدية إسطنبول الكبرى، لكن حتى هذه المرة، بدت المدينة مصرة على الخروج من جلباب (العدالة والتنمية)، وأكدت إطاحة إمام أوغلو بـ(بن علي يلدريم)، بفارق يزيد على 800 ألف صوت.
خسارة مدوية أعادت للمعارضة التركية أنفاسها، وتعالت أصواتها تطالب بتعديل دستوري يعيد النظام لوضعه البرلماني قبل 2017، أو حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة دون انتظار إتمام أردوغان فترته حتى 2023، غير أن تلك الأصوات خفتت بمرور الأيام، تاركة المجال لتسونامي انشقاقات ضرب الحزب الحاكم.
وبفوز المعارضة في إسطنبول، سقطت تلك الهالة السياسية الكاذبة التي كان أردوغان يرسمها حول شخصه، ودخل إمام أوغلو التاريخ التركي من أوسع أبوابه كأول سياسي يجهز على الرئيس التركي في عقر ما يعده الأخير معقله الحزبي منذ صعود العدالة والتنمية للحكم عام 2002.
هزيمة أردوغان في إسطنبول لم تكلفه فقط خصماً كبيراً من رصيده السياسي، وإنما بلغت تداعياتها حد فتح الباب أمام رياح التغيير، لتعصف الانشقاقات بحزب العدالة والتنمية، مهددة بفرط عقده السياسي.
حُمّى انشقاقات شملت عددا من القيادات التي شاركت في تأسيس الحزب على رأسها وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، الذي استقال من الحزب في يوليو/تموز الماضي، وأيضا رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، والاثنان أعلنا نيتهما تشكيل أحزاب جديدة.
ثورة غضب عارمة فجّرتها هزيمة إسطنبول ولم تتوقف عند انشقاق أعضاء مؤسسين بالحزب الحاكم، وإنما بلغت حد تلويح الحركة القومية، شريكه في الحكم بفض التحالف معه.
وتفاقمت الاعتراضات التي تحولت من السر إلى العلن على سياسة المحسوبية التي يتبناها أردوغان من خلال منح حقيبة الخزانة والمالية لصهره بيرات ألبيراق عديم الكفاءة والخبرة.
مؤشرات رأت المعارضة التركية أنها تقود نظام أردوغان نحو تدمير نفسه بنفسه، وأزمات الحزب الداخلية كفيلة بتفكيك أركان حكمه، وهذا ما ترجح أن 2020 سيتكفل به، وسيكون عام أفول العدالة والتنمية ونهايته.
aXA6IDMuMTUuMzQuNTAg جزيرة ام اند امز