نحن لسنا إسبارطة الصغيرة، نحن إمارات الخير والطموح والسلام والإنسانية والمستقبل، التي كلما حاول الصغار أن يشوّهوا صورتها النقيّة أنصفها الله بتبيان الحقائق
"لماذا نحب الإمارات؟" كان هذا مدار استطلاع أجرته إحدى الصحف الأجنبية لقرائها من المقيمين بالدولة من غير المواطنين وحفل بتفاعلٍ كبير وسيلٍ من المشاركات، ما استوقفني على كثرة الإجابات الرائعة والتي أكدت عظمة هذا البلد ورُقيّه واهتمامه بمن به دون تمييز رسالة لشاب ذكر أن والده العجوز الذي أتى الإمارات منذ زمنٍ طويل قال له وهو يعاني وطأة المرض: "إنْ حصل لي شيء فادفنوني هنا في الإمارات، هذا أجمل وآمن بلد في العالم".
قبل عامين وصف الجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي دولة الإمارات بأنها «إسبارطة الصغيرة» وقال: "إنهم ليسوا مستعدين للقتال فقط لكنهم أيضاً محاربون عِظام"، كان الحديث في معرض مديح تستحقه قواتنا المسلحة، وعندما يتحدث قائد عسكري فبالتأكيد سيكون تركيزه منصباً على المجال الذي يعرفه جيداً، وعندما يقول عن قواتك وزير دفاع أقوى دولة في العالم بأنهم «محاربون عظام» فذلك هو الحق.. ولكن يأبى البعض إلا محاولة لذر الرماد في العيون وهو يحاول تفسير التسمية بأنّه تلميح إلى شبه الدولتين على بُعد الزمن بينهما في تركيبتهما ونهجهما، فأين الحقيقة؟
إسبارطة يا سادة، التي خلّدها هوميروس في "الإلياذة" و"الأوديسة" في القرن الخامس قبل الميلاد وخلدتها أسطورة معركة "ثيرموبلاي" بين ملكها ليونيداس وقواته الثلاثمائة ضد قوات الفرس، لم تكن تعرف إلا الحرب ولم تختر لنفسها لكي تبقى إلا لغة القتل والبطش، فمنذ الصِغَر يُربّى أطفالها على القسوة ويُتركون في البريّة يحاربون الجوع والبرد والذئاب المفترسة وأي شابٍ يرون به ضعفاً كان يُلقى من أعلى جبل «تيجيتس»، وعندما يشتد عودهم يُجْمَعون أمام مذبح «أرتيميس أورثا» وتُلهَب أجسادهم بالسياط حتى تغطّي دماءهم الحجارة التي يقفون عليها ولا يحق لهم أن يعترضوا.
نحن لسنا إسبارطة الصغيرة، نحن إمارات الخير والطموح والسلام والإنسانية والمستقبل، التي كلما حاول الصغار أن يشوّهوا صورتها النقيّة أنصفها الله بتبيان الحقائق
بل المطلوب أن يصبروا وهم صامتون، ويُمنَع عليهم الاستحمام كثيراً كأبناء أثينا المترفين ولا ينامون إلا على حصيرٍ من الأسل القاسي في ثكناتهم، ولا يأكلون إلا ما لا يشبعهم في مطاعم عامة للاستعداد لحالات الحرمان والحصار والأسر، وكان محرّماً حسب دستورهم أن يناموا في بيوتهم وينعمون بالطعام الشهي حتى لا يتعلّموا الدعة والترف وتضعف قواهم، ومن أصابه المرض منهم يُعتبر مُرتكباً لجريمةٍ يُعاقب عليها.
إسبارطة لم تكن ودودة مع الغرباء وغير مُرَحّبٍ بهم ومَن يدخل منهم يراقبه الجند، فإنْ أطال المكوث أخذوه حتى يُخرجوه من الحدود، فضلاً عن كون خروج الإسبارطيين أنفسهم من بلادهم ممنوعاً إلا بموافقة حكومتهم والتي ينشر دُعاتها أنّ العالم الخارجي لن يُعلّمهم شيئاً، فتلك الدولة الصغيرة لم تُخرج إلا آلات قتلٍ فقط ولا شيء إطلاقاً في نتاج الحضارة، لذلك لم يُؤثر عنهم أي شيء في الآداب والثقافة والفكر والفن، حتى بناتهم لم يكن مسموحاً لهن إلا رياضات الجري والمصارعة ورمي القرص والسهام.
نحن دولة الإمارات ولسنا إسبارطة، نحن دولة تحوي الجميع وليس دويلة منغلقة على نفسها، نحن قلبٌ كبير ويدٌ معطاء ودعاة سلام ولسنا نصل سيف لا يرى له من مهنةٍ إلا القتل والتوسع على حساب الأبرياء، نحن أُمّةٌ قامت على الخير ودَرَجت على الخير وستبقى كذلك، وليست شعباً لا يعرف سوى لغة الحروب ولا يعرف من الخير إلا اقتلاعه وكتم أنفاسه.
هنا دولةٌ ترى الإنسان مناط اهتمامها الأول وإسعاده مطلبها الرئيسي، الإنسان بغض النظر عن جنسه وعرقه ومذهبه ولونه، هنا أكثر من 200 جنسية تعيش في تناغم مع بعضها البعض تحت ملاءة قانون يحفظ حق الجميع وشعبٌ محبٌ للآخر، ولم يكن مفاجئاً لأحد نتائج استطلاع مؤسسة «بيرسون – مارستيلر» للشباب العرب والذي أتت فيه الإمارات في المركز الأول كأفضل بلد يتمنى الشباب العربي العيش والعمل به وتلتها أمريكا ثم كندا.
المهم والذي يجب أن يفهمه من يحاول انتقاص الإمارات بتشبيهها بإسبارطة أنّ «دار زايد» احتلت المركز الأول للسنة «الخامسة» على التوالي، بل وكانت البلد المثالي الذي تمنّى الشباب العربي أن تُصبح مثله بلدانهم الأصلية، فهل يعي ذلك أصحاب الأقلام المأجورة أم سيجتهدون في تلفيقاتهم أكثر، المؤكد أنّ ما سيحصل هو الأمر الثاني وهو خير فمما لا يُشرِّف الإمارات أن يمدحها فاشل حاقد أو مأجورٌ مُشتَرى!
عندما "يُصدّعنا" المأجورون بحقوق الإنسان واتهاماتهم لنا يخرج إعلان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن تصدر دولة الإمارات قائمة الدول الأكثر عطاءً على مستوى العالم للسنة الثالثة على التوالي، وعندما يتغنّى أشباه الكُتّاب بنهضة بعض الدول التي يعشقون تخرج إشادة مجلة Popular Science العلمية العالمية بحكومة «المستقبل» في الإمارات وسبقها العالم بوزارات لقطاعات مهمة غير مسبوقة كالمستقبل والتسامح والتغير المناخي وشؤون الشباب والسعادة.
الإمارات هي الأولى عالمياً في الثقة بالحكومة، وهي الأولى عربياً والـ 21 عالمياً في مؤشر السعادة، وهي الأولى عالمياً في مؤشر النجاح الحكومي بتبني تكنولوجيا المعلومات، والأولى عالمياً في غياب الجريمة المنظمة وكفاءة الأجهزة الأمنية، والأولى عربـياً في كفاءة القضاء، والأولى عربياً والثامنة عالمياً بمؤشر الحرية الاقتصادية، والأولى عربياً والـ 30 عالمياً على مؤشر أمن الغذاء العالمي، والأولى عربياً والتاسعة عشر عالمياً في جذب المواهب، والأولى عربياً والعاشرة عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، والأولى عربياً و41 عالمياً في مؤشر الابتكار، والأولى عالمياً في مؤشر الصحة المستقبلية، والأولى عالمياً في السياحة الإسلامية، وتأتي في المرتبة 27 عالمياً في الناتج القومي وجواز سفرها الأقوى عربياً.
نحن لسنا إسبارطة الصغيرة، نحن إمارات الخير والطموح والسلام والإنسانية والمستقبل الواعد بإذن الله تعالى، كلما حاول الصغار أن يشوّهوا من صورتها النقيّة أنصفها الله بتبيان الحقائق والأرقام "ولا يظلم ربك أحداً".
نقلا عن "البيان" الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة