شهر تكثفت فيه أحداث مفصلية في مساحة زمنية لم تتجاوز فيزيائيا الـ31 يوما.
شهر حافل بأحداث سياسية وكوارث طبيعية وأمراض فيروسية، هزت العالم وجعلته يتنفس الصعداء برحيله.
هو يناير 2020.. الشهر الذي تكثفت فيه أحداث مفصلية في مساحة زمنية لم تتجاوز فيزيائيا الـ31 يوما، لكن تلك الكثافة نفسها هي ما جعلته يتمدد في الأذهان حتى اختزل العام بأكمله.
الرومان واليونانيون كانوا ينسبون يناير إلى janus "إله الأبواب والبدايات"، لكن يناير لهذا العام يختتم ثاني عقود القرن الـ21 ويبدو أنه سيكون الأكثر التصاقا بالذاكرة الجماعية للشعوب.
في غرة الشهر، تجدد الغضب في ساحات الثورة بالعراق ولبنان، ينشدُ التغيير، وفي يومه الثالث تخلصت البشرية من قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وبعد 5 أيام فُجع العالم بالطائرة الأوكرانية ومصرع ركابها، وقبل أن يستكمل العالم حداده على الضحايا المسافرين استيقظ على خبر وفاة سلطان عُمان قابوس بن سعيد، وتعيين هيثم بن طارق خلفا له.
لم يفارق السواد عناوين الأخبار فتوارت شمس اليوم التالي وراء سحب إعلان ظهور كورونا الجديد، الفيروس القاتل الذي استكمل سلسلة رعب يناير.
أيام متتالية من الشهر تركت العنان لغضب الطبيعة، فثار بركان في الفلبين وضرب إعصار غلوريا إسبانيا وفرنسا، وحولت العواصف الترابية نهار أستراليا إلى ليل.
لم يهدأ يناير فتسلل إلى لندن وحمل معه إعلان الأمير هاري وزوجته ميجان ماركل تخليهما عن ألقابهما الملكية، لتبدأ في واشنطن إجراءات محاكمة عزل الرئيس دونالد ترامب.
وحين خُيل للمتابعين أن يناير قد ينشد هدنة في نهايته، خسر العالم أسطورة كرة السلة الأمريكي كوبي براينت في تحطم مروحيته، قبل أن يطل ترامب معلنا خطته للسلام في الشرق الأوسط، ليلف ضباب لندن أحداث الشهر بإشهار الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ليرحل الشهر متثاقلا يجر خلفه الألم والأمل.