تعزيزات عسكرية في الخرطوم.. السودان إلى المربع الأول
دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية إلى العاصمة الخرطوم، وسط توقعات بشنه هجوما واسعا على قوات الدعم السريع.
وتعيد التطورات الميدانية البلد العربي الأفريقي إلى المربع الأول، بعد انهيار محادثات في مدينة جدة السعودية، ما مثل على ما يبدو رصاص الرحمة لهدنة لم تعرف طريقها إلى حيز التنفيذ.
ومنذ بدء المعارك في السودان في 15 أبريل/نيسان الماضي أعلنت هدنة هشة تلو أخرى لم تتمكن أي منها الصمود لساعات، وإن خففت حدة المعارك.
وكان المجتمع الدولي يأمل أن تساهم الهدنة الأخيرة في توفير مساعدات إنسانية للمدنيين العالقين.
ولم تتوقف أصوات الانفجارات في الخرطوم منذ أن فرضت واشنطن عقوبات على طرفي النزاع الخميس بعد أن توقفت المباحثات التي تتوسط فيها الرياض وواشنطن.
ومدّد مجلس الأمن الدولي الجمعة لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة في السودان، بعدما اتّهم قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان المبعوث الأممي فولكر بيرتيس بالإسهام في تأجيج النزاع.
وفي قرار مقتضب، وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد تفويض "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" حتى 3 ديسمبر/كانون الأول المقبل. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع في البلاد.
والجمعة سمع دوي القصف المدفعي جنوب العاصمة السودانية، بينما دارت اشتباكات في شرقها، وذلك بعدما تحدّث سكان في وقت مبكر عن قصف مدفعي قرب مبنى الإذاعة والتلفزيون في ضاحية أم درمان.
وتشهد الخرطوم ومناطق أخرى في السودان معارك عنيفة منذ منتصف أبريل/نيسان بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وأودت المعارك بأكثر من 1800 شخص، بينما أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 1,2 مليون آخرين نزحوا داخليا ولجأ أكثر من نصف مليون شخص إلى الخارج.
وفي مؤشر إضافي على التصعيد، أعلن الجيش الجمعة استقدام تعزيزات للمشاركة "في عمليات منطقة الخرطوم المركزية".
وأشارت المحللة السودانية خلود خير من مركز "كونفلوانس أدفايزوري" ومقره الخرطوم، إلى أن الجيش يعتزم "شن هجوم واسع قريبا (ضد قوات الدعم)، ولهذا انسحب" من المفاوضات في جدة.
أعلن الجيش الأربعاء تعليق مشاركته في المحادثات المستمرة منذ أسابيع، متهما قوات الدعم بعدم الإيفاء بالتزاماتها باحترام الهدنة والانسحاب من المستشفيات ومنازل السكان.
وأعقب ذلك تأكيد الوسيطين السعودي والأميركي تعليق المحادثات رسميا.
وأكد الجيش السوداني في بيان الجمعة إنه "فوجئ" بإعلان الوسيطين.
وأوضح أن وفده تقدم باقتراح لتشاور "غير رسمي"، لكن "الوساطة فاجأتنا ببيان تعليقها للمحادثات دون الرد على مقترحاتنا التي تجاهلتها تماما".
بلينكن يتحرك
والجمعة أيضا أعلنت الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن سيزور السعودية بين 6 يونيو/حزيران و8 منه، وسيتطرق مع المسؤولين إلى "التعاون الاستراتيجي" بين البلدين في القضايا الإقليمية والثنائية.
ويرجح مراقبون أن تكون الأزمة في السودان على رأس أولويات الوزير الأمريكي خلال مباحثاته في السعودية.
وبعدما حمّلت طرفي النزاع مسؤولية انهيار الهدنة والمحادثات في جدّة، أعلنت واشنطن الخميس فرض عقوبات على شركات وقيود على تأشيرات الدخول لمسؤولين على ارتباط بطرفي النزاع.
وتستهدف العقوبات الاقتصادية الكثير من الشركات في قطاعات الصناعة والدفاع والتسلح بينها شركة "سودان ماستر تكنولوجي" التي تدعم الجيش.
وبالنسبة إلى قوات الدعم، فرضت واشنطن عقوبات على شركة الجنيد للمناجم التي تدير مناجم ذهب عدة في إقليم دارفور. ويشكك محللون في جدوى العقوبات الأميركية على الطرفين.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان الخميس إن "حمام الدم" في الخرطوم ودارفور "مروّع".
وأشار إلى أن خرق الهدنة الأخيرة "زاد مخاوفنا من نزاع طويل ومعاناة كبيرة للشعب السوداني".
منذ بدء العنف، لم يحقق أي من الجانبين تقدما ميدانيا ملموسا على حساب الآخر أو خرقا في موازين القوى.
ورأت المحللة خلود خير أن الجيش يرغب في تحقيق "بعض المكاسب العسكرية قبل الالتزام بأي محادثات مستقبلية بهدف تحسين موقعه" على طاولة المفاوضات.
وبعيد إعلانه تعليق مشاركته في محادثات جدة، قصف الجيش بالمدفعية الثقيلة الأربعاء مواقع لقوات الدعم جنوبي الخرطوم.
وطال القصف سوقا شعبية ما أدى إلى مقتل 18 مدنيا، وفق ما أفاد محامو الطوارئ الأربعاء.