ما الذي حصل عليه القذافي مقابل دعم ساركوزي؟
موقع "ميديا بارت" الفرنسي المتخصص في التحقيقات الاستقصائية تحدث عن 5 امتيازات منحها الرئيس الفرنسي الأسبق للزعيم الليبي الراحل.
فيما لا تزال التداعيات القانونية والسياسية تتوالى في القضية التي هزت الأوساط الفرنسية بعد مزاعم عن حصول الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي على أموال من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لدعم حملته الانتخابية، طرح موقع "ميديا بارت" للتحقيقات الاستقصائية، تساؤلات بشأن المقابل الذي حصل عليه القذافي.
وتواصل السلطات الفرنسية التحقيق في مزاعم تلقي ساركوزي ملايين الدولارات من الزعيم الليبي الراحل. ورغم نفي الرئيس الفرنسي الأسبق رصد الموقع الفرنسي خمسة امتيازات حصل عليها القذافي خلال فترة تولي ساركوزي السلطة، مقدماً الأدلة على تلك الامتيازات في الفترة من عام 2005 حتى عام 2011.
ومن بين المكاسب الليبية بحسب "ميديا بارت"، حصول طرابلس على أدوات تجسس لصالح القذافي، وإبرام عقد لبناء محطة نووية، وصفقات أسلحة، وإضفاء الشرعية لحكم القذافي بتحسين صورته أمام العالم، وإجراء تسهيلات لاثنين من المقربين للقذافي.
صفقة برمجيات التجسس
وكشف الموقع الفرنسي أن العلاقة بين ساركوزي والقذافي، تعود إلى ما قبل الحملة الانتخابية، حيث كان ساركوزي في ذلك الوقت وزيراً للداخلية، موضحاً أن أبواب نظام القذافي فتحت لساركوزي ما بين عام 2005 حتى 2007، عن طريق رجل الأعمال اللبناني الفرنسي زياد تقي الدين، الذي توسط بين القذافي وبين شركة فرنسية "أميسيس أي تي إم" لشراء مواد وبيانات لـ"حرب رقمية" لصالح القذافي.
وبحسب معلومات الموقع دفع زياد تقي الدين في أبريل/نيسان 2007 أكثر من 4 ملايين يورو رشى لإبرام ذلك الاتفاق، مضيفا أن "المفاوضات حول ذلك العقد جرت على عدة جبهات: منها بيع برمجيات التجسس على الإنترنت الليبي (إيجل)، وتسليم القذافي شفرة (4×4) مؤمنة من التشويش صعبة الاختراق، وتوفير نظام تكنولوجي للتعامل مع المراقبة "وكالة الأمن القومي الأمريكية".
وعرض الموقع الوثيقة التي تثبت إبرام ذلك الاتفاق، مشيراً إلى أنه لم يكن ممكنا للقذافي الحصول على تلك الأجهزة دون موافقة وزير الداخلية الفرنسي (ساركوزي في ذلك الحين)، وفي ليبيا كان الطرف الذي اختارته باريس لإبرام الاتفاق مع الشركة الفرنسية هو عبدالله السنوسي، الرئيس السابق للمخابرات الليبية.
وأشار الموقع إلى أن برنامج التجسس الرقمي سمح لنظام القذافي باعتراض رسائل البريد الإلكتروني ومراقبة معارضيه، لاسيما في بنغازي في فبراير/شباط 2011، أي قبل شهر من اندلاع الحرب في ليبيا.
ساركوزي يحمي رجال الزعيم
وفي مؤشر آخر يتعلق بالمزايا التي حصل عليها القذافي مقابل دعم ساركوزي حماية عبدالله السنوسي عندما اتهمه القضاء الفرنسي، في واقعة الهجوم على الطائرة يوتا "دي دي 10" والذي أسفر الهجوم على 170 قتيلا من بينهم 54 فرنسيا.
وقال موقع "ميديا بارت" إن ساركوزي حشد فريقه القضائي، عام 2005 لاستعراض الحالة القضائية للسنوسي الذي كان قد صدر بحقه مذكرة توقيف منذ عام 1999.
وكرس ساركوزي محاميه تييري هيرزوج، للدفاع عن السنوسي في تلك القضية، التي حكم عليه فيها بـ7 سنوات.
وطائرة يوتا الفرنسية انفجرت فوق صحراء النيجر في 19 سبتمبر/أيلول 1989، ويتهم القضاء الفرنسي مسؤولين وعناصر في المخابرات الليبية بتفجيرها للرد على السياسة الفرنسية المناهضة لطرابلس في نزاعها مع تشاد في ذلك الوقت.
وفي عام 2008، بعد شهر من زيارة ساركوزي إلى ليبيا أمر الرئيس الفرنسي الأسبق بإعادة فتح التحقيق في القضية، تحت إشراف الإليزيه، وقد امتدت التحقيقات حتى سقوط القضية عام 2009 بانقضاء 10 سنوات.
مظهر آخر من مظاهر الامتيازات التي حصل عليه الزعيم الليبي الراحل مقابل دعمه السخي لساركوزي، تسهيل منح زوجة أحد مساعدي القذافي المقربين على الجنسية الفرنسية رغم عدم انطباق الشروط اللازمة عليها.
وبحسب الموقع فقد حصلت كفى كاشور زوجة بشير صالح مدير مكتب القذافي، ورئيس أحد صناديق الثروة السيادية الليبية، في عام 2008، على الجنسية الفرنسية وذلك بـ"أمر مباشر من ليبيا، على الرغم من عدم إيفاء السيدة بشروط الحصول على الجنسية".
تحسين صورة القذافي أمام العالم
المهمة الثالثة التي قام بها ساركوزي مقابل تمويل حملته الانتخابية، هي تحسين صورة القذافي أمام العالم، وهو الأمر الأكثر وضوحاً، بحسب الموقع الفرنسي.
وقال الموقع إنه "خلال فترة إقامته (القذافي) في باريس لم يجرؤ أحد عن وصفه بالطاغية، أو حتى بتوجيه سؤال حول ملف حقوق الانسان في ليبيا.
صفقات أسلحة
كان القذافي من أهم مشتري السلاح الفرنسي في عهد ساركوزي. وأشار الموقع إلى آخر صفقة سلاح أبرمت عام 2007، عن طريق نجل القذافي سعدي، على الرغم من المعارضة داخل الأوساط الفرنسية.
وحصلت ليبيا حينها على صواريخ مضادة للدبابات ميلان بمبلغ 168 مليون يورو، وأرسلت المعدات إلى ليبيا بين عامي 2008 و2010.
الطاقة النووية
وأثار التعاون بين الإليزيه والقذافي في الملف النووي، انتقادات في الأوساط الفرنسية، وعلى الرغم من نفي ساركوزي تلك الشائعات عام 2012، إلا أن عدة وثائق أكدت هذا التعاون.
وخلال المحادثة الهاتفية الرسمية الأولى بين القذافي وساركوزي عام 2007، قال الرئيس الفرنسي للقذافي: "أريد أن أعطي بعداً جديداً لعلاقاتنا الثنائية.. على سبيل المثال فيما يتعلق بالطاقة النووية وإذا وافقتم، أنا على استعداد لإرسال بعثة استكشافية لدراسة هذا الموضوع".
كما عُثر على رسالة إلكترونية في الحاسوب الشخصي لزياد تقي الدين من مدير مكتب ساركوزي مفادها أن "فرنسا ترغب في تطوير شراكة خاصة مع ليبيا، كما يقترح الإليزيه تعزيز التعاون الثنائي في تلك المجالات الثلاثة: التنمية التكنولوجية، والدفاع، والطاقة النووية".
وبعد تلك الرسالة بأيام وقعت فرنسا مذكرة التعاون النووي بين البلدين، ويهدف التعاون إلى "إنجاز المشروعات لإنتاج الطاقة النووية وتحلية المياه، فضلا عن غيرها من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية".
وكشفت رئيسة شركة "أريفا" الفرنسية للطاقة النووية آن لوفيرجون، أنها كانت ضد بيع التكنولوجيا النووية للقذافي، إلا أنها تعرضت لضغوط من الرئاسة الفرنسية.
وأبرمت فرنسا وليبيا في صيف 2007 عقداً للتعاون في مجال الطاقة النووية، ثم أبرم عقد آخر في وقت لاحق لبيع محطة نووية إلى ليبيا.