العاصمة الفرنسية باريس هي مقر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية واستقبلت عبر سنوات قيادات معارضة فرت من جحيم النظام القمعي في طهران.
باتت باريس الملاذ الآمن للفارين من جحيم نظام الملالي القمعي بعد سنوات من استضافتها مرشد إيران الخميني خلال سنوات نفيه، فيما فسره مراقبون بأنه بمثابة تكفير عن ذنب اقترفته فرنسا بحق ملايين الإيرانيين الرازحين تحت نير الديكتاتورية.
اليوم يتخذ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من العاصمة الفرنسية باريس مقرا له، وتتسع شوارعها لمظاهرات متواصلة ضد النظام الإيراني.
- بالصور.. إيران وتاريخ يعيد نفسه.. المرشد الثائر يتجرع كأس الثورة
- أذرع إيران الإرهابية بالخارج تهب لإنقاذ نظام الملالي
كان الخميني، مؤسس نظام الملالي ومرشد إيران السابق، قد لجأ إلى باريس قبل أن يفرض هيمنته على الثورة الإيرانية ويرسخ أقدامه في الحكم عبر العصف بحلفائه السابقين.
في السطور التالية ترصد "العين الإخبارية" أبرز ضحايا نظام الملالي الذين احتموا بباريس هربا من دكتاتورية الخميني وأجهزته القمعية.
أحمد سلامتيان
ملف أعدته مجلة "لونوفل أوبسرفاتير" الفرنسية عن الثورة الإيرانية والفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، الذي كان مراسلاً في إيران لعدة سنوات، سلط الضوء على إحدى الشخصيات التي كانت من بين ضحايا الملالي ولا تزال على قيد الحياة، وهو الدبلوماسي الإيراني الأسبق المنفي في فرنسا أحمد سلاماتيان.
أشارت المجلة الفرنسية إلى أن سلاماتيان، وزير الدولة الإيراني للشؤون الخارجية الأسبق والعضو السابق في البرلمان الإيراني، والذي ينحدر من أصفهان، يعيش الآن في المنفى بفرنسا.
سلاماتبان، الذي ولد عام 1941، كان أحد نشطاء اليسار في السبعينيات، وأحد مؤسسي لجنة الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان في إيران، وكان من معارضي نظام الشاه ومنفيا في فرنسا، والتقى في ذلك الوقت بالفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، وساعده في إعداد رحلة إلى طهران.
وفوكو، (1926-1984)، فيلسوف فرنسي، ويعد من أهم فلاسفة النصف الأخير من القرن العشرين، وعالج عدة قضايا مثل الإجرام والعقوبات والممارسات الاجتماعية في السجون.
عام 1978، وبينما بلغت المظاهرات ضد الشاه في إيران أوجهها عمل ميشيل فوكو مراسلاً صحفيا خاصا لصحيفتي: "كوريرا ديلا سيرا" و"لونوفل أوبسرفاتير"، فسافر إلى إيران، والتقى بقادة وبسياسيين وناشطين في التظاهرات التي قادتها المعارضة ضد نظام الشاه.
كما التقى أيضا بالخميني في ضواحي باريس، وكتب سلسلة من المقالات عن الثورة، تحت عنوان "بماذا يحلم الإيرانيون؟".
في السياق نفسه، لم يعد سلاماتيان إلى بلاده إلا بعد اندلاع الثورة الإيرانية، إلا أنه عاد إلى منفاه مرة أخرى ليعيش في باريس.
وعمل الدبلوماسي الإيراني السابق كمدير لحملة الانتخابات الرئاسية التابعة لأبو الحسن بني صدر، عام 1980، وخلال العام نفسه انتخب كعضو برلماني.
وبعد رحيل بني صدر عن السلطة، بسبب خلافه مع الخميني، هرب سلاماتيان إلى فرنسا للنجاة من ظلم الملالي، قبل أن يعاود النضال من جديد ضده، فيما عادت علاقة المناضل الإيراني بالفيلسوف الفرنسي.
أبوالحسن بني صدر
أول رئيس لإيران بعد الثورة، واختلف بني الصدر مع الخميني بعد أن اتهمه الأخير بضعف الأداء في قيادة القوات الإيرانية في الحرب العراقية الإيرانية، فتمت تنحيته في يونيو/حزيران 1981 بسبب معارضته استمرار الحرب بين إيران والعراق.
واتُهم أبوالحسن بني الصدر بالتقصير من قبل رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني)، بدعوى أنه يتحرك ضد رجال الدين في السلطة، وعلى وجه التحديد ضد محمد بهشتي، رئيس السلطة القضائية، في ذلك الوقت.
وكان ذلك الاتهام لبني صدر بتحريض من الخميني لإقالته التي وقّعها في اليوم التالي 22 يونيو/حزيران 1981، الأمر الذي دفع أبوالحسن بني صدر إلى الهروب إلى باريس.
وفي تصريح له بعد إقالته، قال بني صدر لوسائل الإعلام: "السبب في الخلافات التي حدثت بين التيار الوطني الليبرالي واليساري وبين التيار الديني يعود إلى أن (خميني باريس) كان غير (خميني طهران)، ففي باريس كان الخميني محاطاً بالمثقفين والمفكرين، وفي قم وطهران اصبح محاطا برجال دين".
وقبل أن يوقّع الخميني على وثائق اتهام بني صدر استولت الباسدران (قوات أمنية تابعة للنظام) على المباني السياسية والحدائق وسجنت أصدقاء وأتباع بني صدر، وفي الأيام التي تلت ذلك أُعـدِم عدد من أصحابه المقرّبين، ومنهم حسين نواب، رشيد صدر الحفاظي، ومنوشهر مسعودي.
مريم رجوي
ناشطة إيرانية أُعدمت إحدى شقيقاتها وهي نرجس رجوي من قبل نظام الشاه، وكذلك في عهد الخميني أُعدمت شقيقتها الصغرى وهي معصومة رجوي بعد تعذيبها وهي حامل، وبعد مدة تم إعدام زوج معصومة أيضا.
عام 1982 انتقلت مريم رجوي إلى فرنسا واستقرت في باريس، حيث موقع المركز السياسي لحركة المقاومة، الذي يتخذ منها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مقرا له، وتولت فيها مسؤوليات مختلفة.
والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو حزب أسس بمبادرة من مسعود رجوي في 21 يوليو/تموز 1981، في طهران ثم نقل مقره المركزي إلى باريس، وحمل الحزب لواء المعارضة ضد ظلم نظام الملالي في الخارج، وضم شخصيات بارزة من الرجال والنساء من ضحايا ذلك النظام.
وقالت صحيفة "فرانس كيلتير" الفرنسية عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إنه "أصبح هناك معارضة ضد نظام الملالي، منظمة وليست مسلحة، قائمة منذ نظام الشاه إلا أنه في الوقت الراهن تحكم هذه المنظمة امرأة منتخبة".
صادق قطب زاده
كان مستشارا للخميني ووزير الخارجية والإعلام، وهو الذي استأجر الفيلا التي سكن فيها مؤسس الملالي في قرية نوفل لوشاتو بفرنسا.
وقطب زاده عمل مترجما ومستشارا سياسيا للخميني أيام إقامته في فرنسا؛ ويعد من أهم معاونيه، ولولاه لما استطاع مؤسس الملالي أن يتكلم مع الغربيين بسهولة ولما استطاع أيضاً أن يطمئنهم على حكومته القادمة، كما أنه لولا ذلك الرجل لما استطاع الخميني خداع الغرب بمنتهى السهولة.
وعند عودة الخميني من فرنسا إلى إيران بطائرة فرنسية خاصة رافقه قطب زاده، ثم بعد وصولهما إلى طهران وبعد تشكيل الحكومة المؤقتة، شارك في كتابة الدستور الجديد للبلاد، آنذاك، وشغل مناصب عليا من وزارة الإعلام والخارجية وعضوية البرلمان.
لكنه بسبب خلافاته مع الخميني تم اتهامه بمحاولة تفجير بيت مؤسس الملالي، وأجبروه أن يعترف بهذه التهمة على التلفزيون الحكومي، وتم إعدامه في سجن إيفين بعد 4 سنوات من الثورة، فكأنه نال "جزاء سنمار".
حسن لاهوتي
في عهد الشاه كان من أنصار الخميني وأمضى 3 سنوات قبل الثورة في السجن، وبعدما أُفرج عنه ذهب إلى فرنسا ليرافق مؤسس الملالي.
ولم يمكث هناك إلا 10 أيام، ثم رجع إلى إيران مع الخميني في الطائرة الفرنسية التي خصصت له ولرفاقه.
وتولى عدة مناصب ووقف بجانب الخميني إلا أنه بسبب عدم تصويته ضد بني صدر، انقلب عليه الخميني وتم اعتقاله وبعد فترة قليلة مات في السجن.
داريوش فروهر
قبل انتصار الثورة ذهب إلى باريس ليصاحب الخميني، ولم يمكث هناك إلا 16 يوما، إلى أن رجع معه في طائرته الخاصة إلى طهران، وكان من مقربيه في بداية الثورة.
وبعد انتصار الثورة رشح نفسه لرئاسة الجمهورية، لكن سبقه بني صدر سبقا بعيدا، وجاء هو في المرتبة الثانية.
وفي حكومة "بازركان" انتخب وزيرا العمل، وكان مندوب الرئيس في أمور كردستان، وبسبب معارضته استبداد الخميني سجن، وأفرج عنه بعد 6 أشهر، وتم اغتياله في بيته مع زوجته عام 1999.
.