في "خطاب وداع".. كوبيش يحذر من التعبئة ضد الانتخابات الليبية
حذر المبعوث الأممي إلى ليبيا المستقيل يان كوبيش في خطاب وداع، من العزوف عن المشاركة بالانتخابات.
وقال كوبيش في خطاب نقله الموقع الرسمي للبعثة، إن العزوف عن الانتخابات والتعبئة ضدها سيؤدي إلى وضع مصير البلاد ومستقبلها تحت رحمة من في داخل ليبيا وداعميهم في الخارج من المستفيدين من الوضع الراهن.
ويرى كوبيش أن "الوضع الراهن منهك ولا يطاق ويعاني شللا وتشرذما وضعفا وتمزقا، بسبب الصراعات، وهو ما تسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وأن المستفيد هم من يفضلون سطوة السلاح على سلطة صناديق الاقتراع".
وأكد كوبيش أنه عمل على تقديم الدعم لليبيين لتحمل مسؤولية مصير بلادهم بأيديهم بدءاً من انعقاد جلسة موحدة لمجلس النواب بعد سنوات من الانقسام، والتي تم خلالها منح الثقة للسلطة التنفيذية المؤقتة – أي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وتابع أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عملت بخطى ثابتة استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية للبدء بعملية الاقتراع في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، حسبما نصت عليه خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي وكذلك قراري مجلس الأمن 2570 و2571 بالإضافة إلى خلاصات مؤتمر برلين الثاني ومؤتمر باريس.
أهمية الانتخابات
وشدد كوبيش على أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الشاملة والحرة والنزيهة في موعدها أمر بالغ الأهمية للخروج من دوامة الانتقال السياسي التي طال أمدها والعودة إلى الشرعية الديمقراطية والشروع في بناء دولة تعمها الوحدة والازدهار والسيادة الحقيقية وإنهاء التدخلات الأجنبية.
وأردف أن الغالبية الساحقة من الشعب الليبي تريد الانتخابات، بينما العديد منهم تساوره شكوك طبيعية ومخاوف وخوف من المجهول، مع احتدام التنافس السياسي الشرس والمتعنت في بعض الأحيان وتحوله إلى نزاع. ومع كل المخاطر والتحديات وما يرافقها من أخطاء ومثالب فنية وإجرائية علاوة على الظروف غير المثالية.
واستدرك أنه لا ينبغي تفويت هذه الفرصة -الانتخابات- لتكون نقطة البدء لمستقبل ديمقراطي جديد لليبيا، قائلا: "قد لا تكون هذه الانتخابات الحل لجميع المشاكل التي تعاني منها ليبيا، إلا أنها خطوة غاية في الأهمية تفسح المجال أمام الحلول المستقبلية بما في ذلك إفساح المجال لوضع دستور دائم".
ونوه إلى أن إجراء الانتخابات تفتح الطريق أمام الخروج من حالة الانقسام والشقاق والشلل والاختلال الوظيفي الذي ألمّ بالمؤسسات التي تعوزها سلطة حقيقية- مما يجعلها أرضاً خصبة للتدخل الأجنبي، الأمر الذي زاد من تفاقم المشاكل وإدامة الوضع الراهن.
وناشد كوبيش جميع الليبيين أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع وأن يدلوا بأصواتهم للمرشحين القادرين على ضمان الوحدة والاستقرار والسيادة القائمة على المصالحة الوطنية والعدالة والمساءلة والديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد، وأن يمنحوا فرصاً أكبر للنساء والشباب.
الوضع الأمني
وأعرب كوبيش عن تقديره العميق للجهود التي بذلتها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي كانت مثالاً يحتذى به في العزيمة وعلى عملها المضني من أجل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار واستمراره.
وتابع أن جهود أعضاء اللجنة الدؤوبة أفضت بدعم من البعثة إلى إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت، مما ساعد على تسهيل تنقلات الليبيين في جميع أنحاء البلاد، وما ترتبت عليه من نتائج إيجابية على حياة الأهالي واستقرارهم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والإنساني.
كما تم تنفيذ العديد من تدابير بناء الثقة، بدءاً من تبادل المحتجزين إلى استئناف جميع الرحلات الجوية بين جميع مناطق ليبيا، والاتفاق على خطة عمل لانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا بشكل متزامن وتدريجي ومتسلسل ومتوازن.
ونوه إلى أن البعثة يسرت اجتماعات اللجنة المشتركة (5+5) مع دول الجوار (تشاد والنيجر والسودان) التي احتضنتها جمهورية مصر العربية في القاهرة، وتم خلالها الاتفاق على مفهوم آلية التنسيق، فضلاً عن عقد اجتماعات مع الاتحاد الأفريقي في تونس العاصمة وعقد اجتماعات تنسيقية في أنقرة وموسكو.
توحيد المؤسسات
وحول توحيد المؤسسات الليبية وسلاسة أدائها أكد أنها كانت في صميم الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والوحدة لليبيا، ففي المجال الاقتصادي، عملنا على دعم إكمال تقرير المراجعة المالية لفرعي مصرف ليبيا المركزي، وأن المصرف سيقوم قريباً باتخاذ خطوات جادة وملموسة نحو توحيد هذه المؤسسة المالية.
وأوضح أنه عمل على تأييد استقلالية ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط نظراً للدور الحيوي الذي يضطلع به قطاع النفط في اقتصاد ليبيا ورفاه شعبها.
وألمح إلى أن البعثة من خلال المشاورات المستمرة مع السلطات الليبية، سعت ووكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها المعنية لأن تركز اهتمامها على حقوق الإنسان والاحتياجات الإنسانية لليبيين، بل والمهاجرين واللاجئين كذلك.
أسباب الاستقالة
وكشف كوبيش أنه تقدم باستقالته بعد لأسباب مهنية وشخصية فكان من الضروري أن يتنحى عن متمنياً كل التوفيق للمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، المعينة حديثًا، ستيفاني وليامز.
والإثنين أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعيين الأمريكية ستيفاني وليامز، مستشارة خاصة له بشأن ليبيا –ليتجنب فشل التصويت في مجلس الأمن على تعيين مبعوث بديل للمبعوث المستقيل يان كوبيتش، لتقود جهود الوساطة والتواصل مع الأطراف المعنية الليبية والإقليمية والدولية لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي الثلاثة -السياسية والأمنية والاقتصادية- ودعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.
وجاء تعيين وليامز بعد أقل من أسبوعين من تقديم المبعوث الأممي المستقيل يان كوبيتش استقالته بعد أقل من عام على توليه المنصب وقبل أيام من الانتخابات المقررة في البلاد، وعمل الأمين العام للأمم المتحدة على إيجاد بديل مناسب إلا أن فيتو روسيًّا وقف ضد تعيين كل من البريطاني نيكولاس كاي والأمريكية ستيفاني وليامز مبعوثا أمميا إلى ليبيا.