لبنان يدرس قرارا صعبا لإنقاذ "الدعم".. آخر مسكنات الغضب
يدرس مصرف لبنان المركزي، خفض مستوى احتياطي النقد الأجنبي الإلزامي، من أجل مواصلة دعم السلع الأساسية.
قال مصدر رسمي مطلع، الأربعاء، إن مصرف لبنان المركزي يدرس خفض مستوى احتياطي النقد الأجنبي الإلزامي من أجل مواصلة دعم واردات أساسية العام المقبل مع تضاؤل الاحتياطيات المنخفضة بالفعل.
وأضاف المصدر لرويترز إن رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي اجتمع مع الوزراء المعنيين في حكومة تصريف الأعمال أمس الثلاثاء، وكان أحد الخيارات قيد الدراسة خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 15% إلى نحو 12% أو 10%.
وتابع المصدر أن احتياطيات النقد الأجنبي تبلغ حاليا حوالي 17.9 مليار ولم يتبق سوى 800 مليون دولار لدعم واردات الوقود والقمح والأدوية حتى نهاية العام الجاري.
وفي 27 أغسطس/آب الماضي قدر سلامة احتياطي النقد الأجنبي عند 19.5 مليار دولار و الاحتياطيات الإلزامية عند 17.5 مليار دولار.
خطة زيادة النقد الأجنبي
وقال المصدر " نحتاج إلى خطة اعتبارا من عام 2021.. وسوف تعقد عدة اجتماعات.. وأحد الخيارات أمامنا خفض نسبة الاحتياطي من 15% إلى نحو 12% أو 10%، إلى جانب ترشيد الإنفاق على الدعم.. لكن لم يتخذ قرارا بعد".
وينوء لبنان تحت ثقل الديون المتراكمة ويواجه أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990 التي قوضت العملة وقادت لزيادة كبيرة للأسعار.
وحمل العديد من المسؤولين الحكوميين، حاكم مصرف لبنان المركزي، مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية، فيما كان ردّ سلامة بأنه "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
ولم يحرز تقدم في محادثات لتشكيل حكومة جديدة عقب استقالة الحكومة الحالية في أغسطس/آب الماضي، إثر انفجار هائل في مرفأ بيروت.
وانزلق الكثير من اللبنانيين إلى الفقر ويعتمدون بشكل متزايد على المواد الغذائية المدعومة.
مخاطر خفض الدعم
ويهدد خفض الدعم بتأجيج حالة الغضب الشعبي في دولة عصفت بها احتجاجات مع ظهور الأزمة المالية على السطح في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وأصدرت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بيانا اليوم الأربعاء، تدعو فيه إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات وتناشد حكومة تصريف الأعمال والبرلمان التحرك لتخفيف الضائقة الاقتصادية.
ومع توقف تدفقات الدولار، يوفر المصرف المركزي العملة الصعبة للواردات من الوقود والقمح والعقاقير بالسعر الرسمي عند 1507.5 ليرة لبنانية للدولار وهو يقل كثيرا عن السعر المتداول في الشارع الذي يتجاوز 8 آلاف ليرة اليوم.
وقال المصدر إن بعض السلع رفعت بالفعل من سلة المواد الغذائية المدعومة.
وتابع: أن الاجتماعات ستناقش إمكانية رفع أسعار الوقود، مضيفا أن واردات المعدات الطبية والأدوية الضرورية سوف تستمر.
رسالة عون
وأمس الثلاثاء، وجّه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون رسالة إلى البرلمان يحثه فيه على التعاون لتحقيق التدقيق المالي الجنائي
رسالة عون جاءت عقب انسحاب الشركة المتخصصة الأسبوع الماضي لعدم حصولها على المستندات الكافية من المصرف المركزي الذي يتسلّح بقانون السرية المصرفية.
وقال عون في رسالته: "يجب التعاون مع السلطة الإجرائية لتمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان والتدقيق ينسحب إلى سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للإصلاح المنشود وبرامج المساعدات".
وأكد أن "التدقيق الجنائي ضروري كي لا يصبح لبنان في عداد الدول الفاشلة في نظر المجتمع الدولي واستمرار التمنّع عن تسليم المستندات إلى شركة التدقيق أدّى إلى عدم تمكنها من المباشرة بمهمتها ثمّ أنهت العقد".
ووصف انسحاب الشركة بالانتكاسة قائلا "ما حصل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني والتدقيق المحاسبي الجنائي بات من مستلزمات تفاوض الدولة مع صندوق النقد الدولي وفقدان الثقة بالدولة وسلطاتها ومؤسساتها لن يقتصر على الداخل بل يُصبح لازمة لدى المجتمع الدولي".
وشدد على أن "الإصلاح كلٌّ لا يتجزأ ومرادف للاستقرار السياسي والأمني ولن أرضى الرضوخ لأي ضغوط للتخلّي عنه أو التخفيف من مستلزماته".
ومنذ العام 2019 يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً وازمة مفتوحة على كل الاحتمالات مع انهيار قيمة الليرة الى مستوى غير مسبوق فيما تخلفت الدولة في في شهر مارس الماضي عن دفع ديونها الخارجية.
ورغم أن الحكومة بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لكن عادت وتوقفت بعد نتيجة الخلاف بين المفاوضين اللبنانيين الذين يمثلون الحكومة ومصرف لبنان على خلفية تقديراتهم لحجم الخسائر.
وجمدت البنوك المحلية مدخرات المودعين بالدولار ومنعت إلى حد بعيد التحويلات للخارج من خلال قيود غير رسمية على رأس المال منذ أواخر العام الماضي بسبب الأزمة التي أدت للتخلف عن سداد دين سيادي.