لبنان يتوقع تحقيق أعلى نمو منذ 14 عاما وسط دعوات لإصلاحات عاجلة

في تحول لافت يعكس بداية مرحلة جديدة للاقتصاد اللبناني، أعلن وزير الاقتصاد عامر البساط من واشنطن أن لبنان يفتح صفحة النمو من جديد بعد سنوات من الانكماش الحاد والأزمات المالية المتلاحقة التي عصفت بالبلاد.
وجاءت تصريحاته خلال مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ليؤكد أن النمو المرتقب، رغم أهميته، لن يكون مستداما ما لم ترافقه إصلاحات هيكلية عميقة تعيد الثقة بالاقتصاد الوطني وتعزز حضور الدولة ومؤسساتها.
وبينما تتطلع الحكومة إلى تحقيق معدل نمو هو الأعلى منذ أكثر من عقد، لا يزال الطريق محفوفا بالتحديات السياسية والمالية التي تتطلب قرارات جريئة لضمان تعافي الاقتصاد اللبناني واستدامة نموه.
وفقا لوكالة "فرانس برس" قال وزير الاقتصاد اللبناني عامر البساط، يوم الخميس، إن بلاده تفتح صفحة جديدة نحو النمو بعد أزمة اقتصادية خانقة استمرت لسنوات، لكنه شدد على ضرورة تنفيذ إصلاحات أعمق وأشمل.
وأوضح الوزير أن لبنان يتوقع تحقيق نمو بنسبة 5% هذا العام، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2011، في حين كان البنك الدولي قد توقع في يونيو/حزيران نموا في الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم بنسبة 4.7% لعام 2025.
وقال البساط، خلال ندوة نظمها مركز أتلانتيك كاونسيل للأبحاث على هامش الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين: "نحن سعداء لأننا أخيرًا، بعد سنوات من انعدام النمو، نشهد بعض التحسن، لكن هذا ليس النمو المستدام الذي ننشده".
وأشار الوزير إلى قرار الحكومة اللبنانية التحرك لنزع سلاح حزب الله، بعد سنوات من الضعف الذي عانت منه الدولة المركزية، قائلا إن لبنان كان "بلدا أصبحت فيه سيادة الدولة موضع شك"، مضيفا أن تعزيز قوة الدولة من شأنه أن يرسخ ثقة المستثمرين والشركات.
وجاء قرار نزع السلاح بحسب الوزير، نتيجة ضغوط أمريكية أعقبت الحرب المدمرة بين حزب الله وإسرائيل على خلفية النزاع في قطاع غزة، وهي حرب تكبد فيها الحزب خسائر فادحة في العتاد والسلاح، إلى جانب مقتل عدد كبير من قياداته.
ودعا البساط إلى حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، تشمل إعادة توجيه الإنفاق العام نحو الخدمات الأساسية والبنية التحتية، بالإضافة إلى إصلاح الخدمة المدنية التي يتقاضى فيها حتى كبار الموظفين رواتب "منخفضة بشكل صادم".
وأكد الوزير أن لبنان يواصل مناقشاته مع صندوق النقد الدولي، الذي كان قد أشاد الشهر الماضي بالإجراءات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة، لكنه دعا في المقابل إلى اتباع نهج أكثر طموحا للتعامل مع ضغوط الميزانية، معبرا عن قلقه من إلغاء الضرائب على الوقود.
وشدد البساط على أن بلاده لا تنفذ الإصلاحات لإرضاء صندوق النقد الدولي، بل لتحقيق مصالحها الوطنية، قائلا: "لن يفرض أحد علينا أي شروط، نحن نفعل ما هو في مصلحتنا".
وختم بالإشارة إلى أن الانتخابات المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل قد تعقد المشهد الاقتصادي والسياسي، موضحا أن الاعتبارات الانتخابية غالبًا ما تصعب اتخاذ القرارات الجريئة في السياسات العامة.