ذكرى الحريري.. عتمة الاغتيال تعمق سواد الأزمات
من اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، قبل 16 عاما، إلى حاضر اليوم، يقف لبنان عند مفترق طرق تحاصره أزمات على كافة الصعد.
ورغم أن أولوياتهم تغيرت وباتوا اليوم منشغلين بلقمة العيش أكثر من أي همٍ آخر، إلا أن اللبنانيين مازالوا يتذكرون تفاصيل ذلك اليوم الحزين الذي غيّر مسار هذا البلد الصغير إلى بؤرة انقسام حاد.
بيْد أن إحياء الذكرى هذا العام يحمل منعطفا جديدا طرأ على القضية التي ظلت حبيسة المحاكم طيلة السنوات الماضية، إلى أن جاء الحكم النهائي في أغسطس/آب 2020 بالسجن مدى الحياة بحق سليم عياش (ما زال طليقا)، المنتمي لحزب الله.
الزلزال
في الرابع عشر من فبرابر/شباط 2005، كانت شاشات التلفزة تنقل على الهواء مباشرة، صور سيارات مشتعلة، وركاما متطايرا من كل حدب وصوب، وفوضى عمّت المكان.
حينها ظن اللبنانيون أن زلزالا ضرب عاصمتهم بيروت، حين تراءت لهم حفرة بعرض عشرة أمتار وعمق مترين في المكان، قبل أن تعلن وسائل الإعلام أن المستهدف هو رئيس الوزراء رفيق الحريري.
تفجيرٌ انتحاري مزلزل بشاحنة مفخخة وقع لدى مرور موكب الحريري على الواجهة البحرية في بيروت، ما أدى إلى مقتله و21 شخصا آخرين.
سنوات حُبلى بالأزمات
وعلى مدار 16 عاما، شكّلت الأزمات السمة الأبرز للمشهد اللبناني مع انسداد رسمه حزب الله الضالع في جريمة الاغتيال التي شرّعت الباب أمام مليشيات إيران لتقاسم السلطة وتكريس الانقسام السياسي في البلاد.
حضورٌ مليشياوي وضع حزب الله وحلفاءها (فريق 8 آذار) بمواجهة "تيار المستقبل" (الذي كان يرأسه الحريري وانتقلت زعامته إلى نجله سعد)، بالتحالف مع "حزب القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" وعدد من الأحزاب.
انقسام سياسي رافقه أزمات اقتصادية وأمنية متلاحقة، وعمليات اغتيال طالت بشكل أساسي المعارضين لحزب الله، وانفجارات تصدرها مرفأ بيروت الذي كان على موعد مع كارثة مزلزلة، أودت بحياة العشرات، وطالت أضرارها نصف العاصمة، العام الماضي، في مأساة حملت جينات حزب الله من نيترات الأمونيوم.
خطاب مرتقب
ومع مرور هذه الذكرى كل عام، تتجه الأنظار إلى لبنان الذي يتحول إلى منصة خطابات تستذكر الراحل وتشتكي الحاضر.
لكن وكما غيّرت من وجه العالم، حالت جائحة كورونا هذا العام من إقامة فعاليات لإحياء ذكرى اغتيال الحريري.
غير أن الأمر لم يمنع سعد الحريري نجل رئيس الوزراء الراحل ورئيس الحكومة المكلف، من إلقاء خطاب اليوم، يُرتقب أن يحمل في ثناياه سطورا تلخص وجع لبنان في هذه الأيام.
فقبل يومين، وبعد انقطاع قارب الشهرين، جرى لقاء قصير بين الرئيس اللبناني ميشال عون، والحريري، داخل القصر الرئاسي في بعبدا.
وفي تصريحات للرجل تابعتها "العين الإخبارية" بعد اللقاء، تحدث الحريري عن عدم وجود أي تقدم في مسألة تشكيل الحكومة، مؤكدا ثبات موقفه على حكومة تتألف من 18 وزيرا من الاختصاصيين .
ورغم الضغوط الدولية التي تقودها فرنسا، لا تزال القوى السياسية في لبنان عاجزة عن تشكيل حكومة تنكب على تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لمساعدة البلد الغارق في أزمات اقتصادية طاحنة.
فمنذ عام 2019 يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى تهاوي عملته المحلية "الليرة"، وفاقمت من معدلات التضخم، ناهيك عن خسارة آلاف الوظائف.
رحل رفيق الحريري، قبل أكثر من عقد ونصف، لكن صوره مازالت تغزو شوارع لبنان الذي لن ينسى رجلا أحيا البلاد بعد الحرب الأهلية، وآمال شعبه تترجم سقف طموحاتهم بالعبور إلى بر آمن خال من إيران وحزب الله ومن والاهم.