سيادة الرئيس دونالد ترامب: أرحِّب بقدومكم ترحيبًا يليق بمقامكم، وأتمنَّى لك زيارة مثمرة وناجحة لربوع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتز بشراكتها الاستراتيجية الراسخة والمتنامية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
إن العلاقات الإماراتيَّة-الأمريكيَّة علاقات استراتيجية عميقة الجذور، وشاملة في أبعادها، وتزداد متانةً ورسوخًا مع مرور الأيام. وقد أُسِّسَت على دعائم صلبة من المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، واستطاعت، على مدى أكثر من نصف قرن، تجاوز تحديات جسيمة، ومحطات معقدة، زادتها صلابةً وعمقًا وثقةً متبادلة.
سيادةَ الرئيس:
ستُلاحظون، في أثناء زيارتكم المرتقَبة الأسبوع المقبل، أن دولة الإمارات تولي هذه الشراكة اهتمامًا بالغًا، في لحظة استثنائية تدخل فيها العلاقات الإماراتية-الأمريكية طورًا تاريخيًّا جديدًا من النضج والتكامل والتنسيق المتصاعد، على نحو غير مسبوق. لقد تجاوزت هذه العلاقة حدود الشراكة التقليدية في مجالَي النفط والأمن، وانطلقت بثقة نحو آفاق مستقبلية واعدة، تستحق أن يحتفِي بها قادة البلدين، وأن تنال تقدير الشعبين الصديقين.
إن دولة الإمارات هي أكبر شريك تجاري لأمريكا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعاشر أكبر دولة في العالم مستثمرة في أمريكا بعد كندا، وبريطانيا، واليابان، وألمانيا، وهولندا، وإيرلندا، وفرنسا، وسويسرا، ولوكسمبورج. كما أنها ثاني دولة في العالم تُصنَّف شريكًا دفاعيًّا رئيسيًّا للولايات المتحدة بعد الهند، عَقِبَ الزيارة الناجحة لواشنطن، التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- في سبتمبر 2024. إن المستوى الاستراتيجي الرفيع من العلاقات الثنائية يا سيادة الرئيس يجب أن يكون مصدر اعتزاز وإعجاب إماراتي أمريكي مشترك.
سيادة الرئيس:
لقد كانت زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات، لواشنطن يوم 24 مارس 2025 نقطة تحول نوعية في العلاقات بين البلدين؛ فقد كانت أول زيارة لمسؤول إماراتي رفيع المستوى لواشنطن منذ عودتكم إلى البيت الأبيض في يناير 2025. وإن استقبالكم الرسمي لسموه يعكس تقديركم صداقة دولة الإمارات، ومكانتها، وحرصكم على استكمال مسيرة علاقة تزداد نضجًا.
لقد حققت تلك الزيارة هدفها الاستراتيجي حين أعلنت دولة الإمارات استثمارًا ضخمًا وفريدًا من نوعه قيمته 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي على مدى السنوات العشر المقبلة؛ ولا يخفى على فخامتكم جرأة هذا الاستثمار الإماراتي النوعي؛ ولا سيَّما أنه شمل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، وأشباه الموصِّلات، والطاقة المتجددة، وقطاع الفضاء، والصناعة، ويشمل ذلك إعلان شركة "الإمارات العالمية للألمنيوم" أنها ستنشئ أول مصهر ألمنيوم جديد في الولايات المتحدة منذ 35 عامًا.
إن زيارتكم المرتقَبَة الأسبوع المقبل لدولة الإمارات، التي تعيش عصرها الذهبي في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تمثل فرصة سانحة لتسليط الضوء على هذا الاستثمار الرائد في الاقتصاد الأمريكي، الذي لم تُقدِم عليه أي دولة في العالم، وكذلك للتفكير في آفاق العلاقات بين بلدَينا.
السيد الرئيس دونالد ترامب:
إن زيارتكم المقبلة لدولة الإمارات ستكون مختلفة عن زيارتكم المنطقة في عام 2017؛ فالإمارات اليوم عملاقٌ تجاريٌّ بتجارة خارجية يتجاوز إجماليُّها تريليون دولار، وعملاقٌ ماليٌّ بمحفظة سيادية تقدَّر بنحو 1.5 تريليون دولار، وعملاقٌ لوجستيٌّ بمطاراتها وموانئها التي تُصنَّف بين الأكبر عالميًّا، ومدنها من بين الأجمل والأكثر أمانًا وجاذبية للزوار والسياح والأغنياء، والشركات العابرة للقارات، وضمنها البنوك والمصارف الأمريكية.
إن زيارتكم تقدير لشريك يُعتَد به، وإعجابٌ بنموذج تنموي ومعرفي أصبح قدوةً لدول المنطقة، بل لدول جنوب العالم أجمع، التي تتطلَّع إلى الإمارات لتكون خيرَ مَنْ يتحدث نيابةً عنها في همومها وقضاياها وتطلعاتها. لقد قلتم، في تصريح سابق، إن "الإمارات دولة مهمَّة"، وإن رئيسها "قائد عظيم" من "عائلة رائعة"، ونحن نشكركم على هذا التقدير الصادق للدولة وقادتها، الذين يكنُّون لشخصكم الكريم، ولبلدكم العظيم، التقدير نفسه.
سيادة الرئيس:
الإمارات التي ستزورها، يا سيادة الرئيس، حريصة على علاقتها الاستراتيجية مع بلدكم؛ ولكنها أيضًا اختارت تنويع صداقاتها وشراكاتها وشركائها في كل حقل ومجال، وعلى المستويات كافة. وبرغم أن العلاقة مع الولايات المتحدة حيوية، وتحمل أولوية خاصة؛ فإن إمارات القرن الحادي العشرين بقدر ما هي دولة عربية وشرق أوسطية تتجه شرقًا؛ فإنها أصبحت حريصة على تعزيز هويتها الآسيوية، وتنمية علاقاتها مع قوًى آسيوية صاعدة مثل الصين، والهند، واليابان. إن التوجه شرقًا هو في صميم رؤية الإمارات للخمسين عامًا المقبلة؛ ولكنه لا يعني إدارة الظهر للغرب؛ بل يستدعي من الشركاء الغربيين، من الآن فصاعدًا، بذل مزيد من الجهد لتعزيز الصداقة والشراكة مع الإمارات.
لقد قررت دولة الإمارات؛ بإرادتها الحرة، وبناءً على مصلحتها الوطنية وحساباتها المستقبلية، الانضمام إلى تكتل "بريكس"، ولكنَّ عضويتها، يا سيادة الرئيس، لن تكون على حساب علاقتها العميقة مع الشريك الاستراتيجي الأهم عالميًّا.
السيد الرئيس:
إن حسابات دولة الإمارات لعام 2025 تختلف جوهريًّا عن حساباتها في العقد الماضي؛ فهي تتبوأ اليوم المرتبة العاشرة عالميًّا في مؤشر القوة الناعمة، والأولى في الاستقرار الاقتصادي، والحادية والعشرين في تقرير السعادة العالمي، والسابعة عشرة في مؤشر التنمية البشرية. وفي كل مؤشر من هذه المؤشرات الحيوية، وغيرها، تواصل الإمارات سباقها المتسارع؛ متقدمةً على الولايات المتحدة، ومسجلةً سبقًا إماراتيًّا يوميًّا في مضمار التميز العالمي.
لقد عزَّزت دولة الإمارات، في أقل من عشر سنوات، حضورها العالمي، ونفوذها الإقليمي، ونشاطها الدبلوماسي، وثقلها المالي والتجاري والاقتصادي، وتميزها الإداري، واستقلالها السياسي والأمني؛ فإمارات عام 2025 تحلِّق بثقة في فضاءات عالمية وكونية جديدة؛ تعكس طموحًا لا يعرف الحدود.
سيادة الرئيس دونالد ترامب:
إن زيارتكم المرتقبة لدولة الإمارات تمثِّل تقديرًا لنموذجها الملهم، وإعجابًا بسجلِّها التنموي والمعرفي اللافت للنظر، واعترافًا بزخمها المتنامي على المستويَين الإقليمي والعالمي؛ وهذا الاعتراف، في جوهره، مصدر فخر لمليون إماراتي يُثمِّنون زيارتكم، ويُرحبون بكم في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ وطن التسامح، والانفتاح، والعطاء، والسلام.
نقلا عن منصة «مفكرو الإمارات»
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة