الموقف المصري القوي و الذي عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي سيكون له ما بعده في تحديد حجم النفوذ التركي في المنطقة العربية
التاريخ يحكي لنا دوما قصصا وعبرا عن أصحاب المطامع التوسعية الذين لديهم أطماع تتجاوز حدودهم، ولا يؤمنون بالحدود الوطنية وتدفعهم طموحاتهم ومغامراتهم غير المحسوبة إلى أن يعتبروا العالم الإسلامي كله تابعا لهم، دون أن يأخذوا في الحسبان تطورات الأمم ولا مصالح الشعوب ولا "الدولة الوطنية"، أفكارهم مبنية على الكفر بالدولة الوطنية والإيمان بنظرية الدولة الواحدة المبنية على فكر واحد لا يؤمن بالاختلاف ولا التنوع .
المطامع التوسعية بدأت تظهر في منطقتنا العربية منذ قيام ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران، وكذلك منذ ظهور حركات إيديولوجية ولاؤها الأكبر لفكرها حتى لو كان ذلك على حساب الوطن، وتتجلى هذه الأخيرة بالمطامع التركية التوسعية في المنطقة بحجة "إعادة الخلافة العثمانية "وتحرير القدس، ومن المفارقات المضحكة أن تركيا أردوغان لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، وساهمت في ترسيخ الانقسام الفلسطيني وباعت محبيها الوهم والأحلام الكاذبة فهي أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل وأكبر حليف لها في المنطقة .
أردوغان يبني سياسته التي نال بها شعبيته في تركيا أساسا على الاقتصاد وأنه استطاع أن يحقق نقلة اقتصادية، ولهذا فتدخل قواته في ليبيا ليس من أجل عيون محبيه في ليبيا، ولا من أجل حكومة السراج التي استنجدت به، بل من أجل نفط ليبيا الذي يريد أن يتاجر به ويستغله حتى يضمن موطئ قدم لشركاته، فالحرب بالأساس هي حرب من أجل نفط ليبيا الذي يباع في السوق السوداء من طرف مليشيات لا تراعي في ليبيا إلاًّ ولا ذمة .
ليبيا ستكون نقطة محورية في الصراع الإقليمي في المنطقة، فإما أن يتحد العرب ويعرفون أن مصالحهم الاستراتيجية ستكون مهددة من خلال التواجد التركي في ليبيا، والايراني في سوريا واليمن ولبنان والعراق، أو أنهم سيمنحون فرصة لدولة توسعية بتحقيق حلمها بجعل دول عربية عديدة تأتمر بأمرها وتنتهي بنهيها، وبهذا تضيع مصالح شعوب المنطقة العربية ويضيع أمنها القومي والاستراتيجي.
ليبيا ستنتصر ولن يقبل أحفاد عمر المختار أن تستعمرهم أي قوة إقليمية مهما بلغت قوتها، وستكون مصر العروبة مدعومة بأشقائها العرب.
الموقف المصري القوي والذي عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي سيكون له ما بعده في تحديد حجم النفوذ التركي في المنطقة العربية عموما، ولقد تلقى هذا الموقف دعما من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والمملكة الاردنية الهاشمية ومملكة البحرين، ويتوقع أن تتوالى المواقف العربية الداعمة باستثناء دولة واحدة ترتهن للأجندة التركية والإيرانية التي تستهدف المصالح العربية.
الحل في ليبيا يجب أن يكون حلا سياسيا سلميا، وأن يكون بأيادي عربية فلا منتصر في الحرب، وليبيا من مصلحتها أن تبقى محصنة من أي نفوذ إقليمي سيحولها إلى مجموعة أقاليم متناحرة، الشعب الليبي يستحق الأفضل وعلى أردوغان أن يخرج بقواته من ليبيا ويترك الليبيين يحلون مشاكلهم، ويعالج مشاكله الداخلية، وعلى العقلاء في تركيا أن ينصحوه بذلك قبل أن تدفعه حركته المؤدلجة التي تصوره بأنه "خليفة" ،إلى حروب لن يكون المنتصر فيها، وليعد قراءة التاريخ فسيجد أن جنود مصر انتصروا على كل الغزاة في عين جالوت وحطين وغيرهما .
ليبيا ستنتصر ولن يقبل أحفاد عمر المختار أن تستعمرهم أي قوة إقليمية مهما بلغت قوتها، وستكون مصر العروبة مدعومة بأشقائها العرب جميعا وخصوصا المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة حصنا منيعا ومدافعا عن أمن الأمة العربية وعزتها وكرامتها أمام أي أطماع إقليمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة