تفاقم أوجاع الجنوب الليبي.. وخبراء لـ"العين الإخبارية": العلاج الأمني ضرورة
التهميش وغياب الأمن وانعدام الخدمات، عوامل خلقت تربة خصبة لنمو وانتشار الجماعات الإرهابية والجماعات الأجنبية المسلحة في الجنوب الليبي
التهميش وغياب الأمن وانعدام الخدمات الأساسية، عوامل خلقت تربة خصبة لنمو وانتشار الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية والجماعات الأجنبية المسلحة في الجنوب الليبي، لتتفاقم معاناة وأوجاع السكان المحليين، ما اضطرهم في الآونة الأخيرة للخروج في وقفات احتجاجية متكررة وتدشين حركات احتجاجية متنوعة ضد الوضع المتدني في مناطقهم.
خبراء في الشأن السياسي الليبى ونشطاء ومحللون أكدوا لـ"العين الإخبارية" أن استفحال خطر التنظيمات الإرهابية وانتشار العصابات الإجرامية في الجنوب الليبي، يعود لغياب الأمن في المدن الواقعة جنوب البلاد، بالإضافة إلى شبه انعدام الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الأمور التي أدت لهروب السكان المحليين إلى مدن الشمال، مشددين على أن "الحل في القبضة الأمنية".
تحركات شعبية
الأيام الأخيرة شهدت مطالب من جانب عشرات النشطاء الليبيين، بإعلان حالةِ نفير عام، وتوجيه المؤسساتِ الوطنيةِ المكلفة بحمايةِ الأمن القومى وأمنِ الحدودِ للقيامِ بدورها وواجبِها كاملًا في المحافظة عليه وضمان السلم لأهالي الجنوب الليبي.
وأصدر نشطاء "نخبة صالون نبض ليبيا الثقافي" بيانا نهاية الأسبوع الماضي، جاء فيه أن أهالي الجنوبِ الليبي "مضطرون لحمل السلاح بعد تغوّلِ واستفحالِ خطرِ العصاباتِ الإجراميةِ الأجنبية، وانتشارِ عملياتِ السرقةِ والخطفِ والابتزازِ والمساومةِ والقتل، من خلال عمليات واستهدافات يوميةٍ ممنهجة، تعرّضَ لها العديدُ من أبناءِ الجنوب الليبي، بمختلفِ اتجاهاتِهم وانتماءاتِهم، وفي عديدِ المناطقِ والطرقِ البريةِ الرابطةِ بين قراه ومدنه".
وأكد الموقعون على البيان، الذى نشرته وسائل إعلام محلية ليبية، على ضرورةِ أنْ "تتحمّلَ حكومةُ الوفاقِ الوطنى ومجلسُ النوابِ ومجلسُ الدولةِ، والجيش الوطني الليبي، مسؤولياتِهم الكاملةَ أمامَ شعبهم، فى المحافظةِ على سيادةِ ووحدةِ ليبيا".
تصاعد الغضب بالجنوب
استمرارا لحالة الغضب الشعبي المتصاعد من جانب سكان الجنوب الليبي، نظم مجموعة من رجال القبائل الليبية، منذ أيام، وقفة احتجاجية، أمام حقل الشرارة النفطي جنوب البلاد، مهددين بإغلاق المنشآت ما لم يتم تحسين أحوالهم المعيشية، مطالبين بتحسين الخدمات التي تقدمها الدولة مثل المياه والسيولة المصرفية في المنطقة الجنوبية.
وشهد هذا الحقل الواقع جنوب غرب ليبيا عمليات إغلاق بسبب مشكلات أمنية في الماضي من بينها هجمات وعمليات اختطاف، حيثُ ينتج الحقل نحو 300 ألف برميل يوميًا.
في سياق التحركات الشعبية في الجنوب للفت الأنظار إلى معاناة السكان ومشاكلهم، أصدر عدد من الشباب والنشطاء بمدينة سبها جنوب ليبيا، بيانا نددوا فيه بتدني أداء المؤسسات التعليمية والصحية في المدينة، وعدم توفر الوقود والغاز؛ وانعدام الأمن؛ وفيضان مياه الصرف الصحي، معلنين تشكيل حراك "صوت الجنوب"، للمطالبة بحقوقهم المسلوبة.
وقال عبد الحكيم الباشا، الناشط السياسي الليبي، وأحد المقربين من هذا الحراك الجديد، لـ"العين الإخبارية"، إن حراك صوت الجنوب وغيره من الحركات الشعبية الناشئة حديثا "غرضها تسليط الضوء على المشاكل المتفاقمة بالجنوب الليبي، وحث السلطات الليبية على تحمل مسؤوليتها الوطنية تجاه سكان جنوب ليبيا".
وأوضح الباشا أن "الفراغ الأمني وانعدام الخدمات في مدن الجنوب، جعلت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي، تعبث بأمن المواطنيين، وتكدر حياتهم وتنهب ممتلكاتهم".
فيما أكد رئيس "حراك صوت الجنوب"، عبد الرحمن آدم، في تصريحات لوسائل إعلام ليبية أن "الحراك جاء نتيجة لتردي الأوضاع في الجنوب، وسط إهمال الحكومات الليبية له بشكل كامل"، مؤكدا تواصل الحراك مع جميع المدن والقرى لـ"تشكيل لجنة ممثلة من جميع أطياف الجنوب، للتفاوض والتواصل مع الجهات ذات العلاقة".
القبضة الأمنية هي الحل
فيما قال الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولى والباحث السياسى الليبي، لـ"العين الإخبارية" إن "تعزيز الجيش الوطني الليبي لقواته في الجنوب وإحكام السيطرة الأمنية سيحل الكثير من المشاكل الأمنية التي تعاني منها مدن جنوب ليبيا".
الجنوب الليبي الغني بثرواته الطبيعية من نفط ومياه جوفية وذهب ويورانيوم، فيما أشار الزبيدي إلى أنه "أصبح مرتعا للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش وبوكو حرام، حركة أزواد والمرابطون، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتجار المخدرات ومهربو الوقود"، مؤكدا أن "تلك الجماعات خلقت من الجنوب الليبي، قاعدة لها لانطلاق عملياتها الإرهابية في كافة ربوع ليبيا".
واتفق معه الدكتور محمد العباني، النائب المتنحي من البرلمان الليبي، الذى أكد فى تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أن "تدخل الجيش الليبي، بكل قوته في الجنوب هو الحل لإنهاء هذا الجرح الغائر في قطعة غالية من جسد الوطن الليبي"، داعيا المجتمع الدولي إلى "رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي حتى يتمكن من مواصلة حربه ضد الإرهاب في ليبيا عامة وبالجنوب الليبي بصفة خاصة".
منطقة منكوبة
كان المجلس البلدي لمدينة الجفرة الليبية، جنوبى البلاد، قد أعلن أن منطقة الفقهاء التي تعرضت لهجوم إرهابي، الأسبوع الماضي، منطقة "منكوبة"، وقرر المجلس، فى بيان صحفي له، نشرته وسائل إعلام ليبية، تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المواطنين وحصر وتقييم الأضرار بالممتلكات الخاصة والعامة.
وعقد المجلس البلدى اجتماعا، لمناقشة آخر المستجدات بمنطقة الفقهاء بعد تعرضها لهجوم من قبل تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب الأوضاع الأمنية بمنطقة الفقهاء والجفرة بشكل عام، مشددين على ضرورة تنفيذ جميع التدابير الأمنية اللازمة؛ للحفاظ على الأمن والاستقرار، إلى جانب وضع خطة لإعادة تأهيل وإعمار الأماكن والمقرات التي تضررت من هجوم تنظيم داعش الإرهابي.
يشار إلى أن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، كان قد أصدر قرارا في 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بتشكيل غرفة عمليات في الجنوب، لتطهيره بالكامل من تلك العصابات التي تمتهن الحرابة والخطف والسرقة، في كل من مدن "سبها" و"براك الشاطئ" و"أوباري" و"مرزق و"الكفرة".
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الليبية، العميد أحمد المسماري، في تصريحات سابقة له لـ"العين الإخبارية" إن قوات الجيش الوطني الليبي تواصل عملياتها العسكرية ضد عصابات الجريمة في جنوب البلاد، مؤكدا أن القوات المسلحة تواصل محاربة الإرهاب وعصابات الجريمة.
وأوضح أن القيادة العامة للجيش الليبى قامت بالتنسيق مع دولتي تشاد والنيجر للقيام بعمليات عسكرية ضد الجماعات المعارضة في جنوب البلاد، مشيرا إلى أن العمليات "بدأت لتطهير الجنوب الليبى من قبضة العصابات الإجرامية".
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzIg
جزيرة ام اند امز