حقوقي ليبي: الوضع بطرابلس متدهور والأزمة لن تحل بالسلاح فقط
الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان يقول إن الوضع في بلاده متدهور للغاية، وسجلت العديد من جرائم القتل والخطف والسرقة
وصف عبدالمنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، الوضع في بلاده بأنه "متدهور للغاية" خاصة في الجانب الأمني، حيث سجلت العديد من جرائم القتل والخطف والسرقة، وبعضها يمر دون عقاب.
وقال الحقوقي الليبي، خلال لقاء مع "العين الإخبارية"، إن الوضع في العاصمة طرابلس وبعض المناطق الغربية متدهور للغاية، وهو ما زاد من معاناة الأهالي الذين فضلوا الهروب من هذا الجحيم، والأزمة في ليبيا لن يحلها السلاح فقط، ويجب تفعيل الجهود السياسية.
- دعوات في جنوب ليبيا لمقاضاة حكومة الوفاق
- دبلوماسي ليبي سابق: مؤتمر برلين محاولة لتلافي أخطاء باريس وباليرمو
وأضاف هناك الكثير من السكان المحاصرين بسبب إغلاق الطرق، وخوفا من الوقوع في قبضة المليشيات الإرهابية.
وحول قصف المليشيات المناطق المدنية لمحاولة إلصاقها بالطرف الآخر، أكد الحقوقي الليبي أن الجيش الوطني يتجنب قصف المناطق المدنية، ويركز هجماته على المليشيات، بجانب أنه لا يستعمل المدافع الثقيلة وصواريخ الأرض أرض.
وأشار إلى أن القذائف التي تقع داخل مطار معيتيقة وعلى بعض المنازل المدنية تظهر الأدلة أنها تابعة للمليشيات، خاصة أن منطقة وسط طرابلس التي تكثر فيها الهجمات على المدنيين تحت سيطرة المليشيات الإرهابية.
مشكلة المهاجرين
وبشأن أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، قال الحر "المهاجرون غير الشرعيين ضحية بالأساس للفوضى التي تعاني منها أجهزة العاصمة، والآن هم تحت رحمة ظروف الحرب ومزايداتها".
وتابع "نعلم جميعا أن العديد من هؤلاء المهاجرين سقطوا بين قتيل وجريح، وضاعت قضيتهم تحت ضجيج الاتهامات المتبادلة، قبل أن يتم تسريح من نجا منهم للشارع ليواجه مصيره".
وأوضح "الحر" أن خطوة حكومة الوفاق -غير الدستورية- بتسريح المهاجرين بدلا من تأمينهم تعرضهم لمخاطر، ليس أقلها عدم الحصول على مأوى، أو استغلالهم في الحرب أو المتاجرة بهم ضمن عمليات تهريب البشر.
ويرى "الحر" أن الاتفاقيات الإيطالية الليبية بشأن المهاجرين تخدم اللاجئين، وعلى الرغم من أن الطرفين لديه مصلحة في حلحلة ملف اللاجئين لكنهما من جهة أخرى ونتيجة البراغماتية السياسية يستعملان الملف لتحقيق مكاسب على المستوى السياسي.
وأوضح أن ليبيا تعلم أن أوروبا تحتاج إلى مساعدتها في التصدي لطوفان المهاجرين، وهي من خلال ذلك تريد تحقيق بعض المكاسب.
السجون
وحول أوضاع السجون التابعة للمليشيات، أوضح "الحر" أن المساجين بشكل عام، خاصة من رموز النظام السابق، يعانون في السجون التي تسيطر عليها المليشيات.
وأشار إلى أنه في السنوات الأولى التي أعقبت 2011 حدث تعذيب وإساءة وقتل داخل سجون المليشيات، إلا أن النسبة تراجعت، والمشكلة أن معظم الأطراف المعنية تعطي اهتمامها للشخصيات البارزة والمسؤولة في النظام السابق، أما البسطاء فلا أحد يذكرهم.
وكشف أن الملف الساخن الآن هو "سجناء الحروب الأخيرة"، خاصة أن سجل انتهاكاتها لا يزال يشهد العديد من حالات التصفية، والتعذيب يضافها الضبابية التي تكتنف أوضاع السجون والمعتقلات في عموم ليبيا.
تهريب المساجين
وعن التقارير الإعلامية التي تتحدث حول تهريب المساجين من ذوي الانتماءات المتشددة، أكد الحقوقي الليبي أن "هناك تسريبات بهذا الخصوص، وظهرت صور لبعض الشخصيات المتهمة بالإرهاب، ولكن لم يتسن لنا التحقق".
إلا أنه استدرك قائلا "جهاز الردع -مليشيا تسيطر على سجن معيتيقة- يتعرض لضغوط من بعض الشخصيات والمليشيات لكي يطلق سراح المتطرفين الذين يقبعون في سجونه، ونخشى أن ينجح أولئك في مسعاهم".
وقال "الحر": "يجب أن نقر بالحقيقة التالية، وهي أن الحرب في طرابلس وحدت العديد من القوى المتنافرة سابقا -المليشيات الإرهابية المتقاتلة فيما بينها- ضد خصم واحد وهو الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر".
الجهود الدولية
وأوضح الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا أن ما نطلق عليه ''الجهود الدولية'' ليس بإمكاننا تقييمه ككتلة واحدة، لأنها تمثل إرادات مختلفة وأحيانا متعارضة، وهناك إجماع على وجود مليشيات إرهابية وخارجة عن سلطة الدولة ويجب محاربتها.
ويرى "الحر" أن الحرب التي يخوضها الجيش الليبي في العاصمة طرابلس، وإن حسمت المشكلة الأمنية، فهي لم تحل المشكلة السياسية، التي لن تعالجها إلا المفاوضات والحوار السلمي.
وحول انتشار جرائم نصب باسم منظمات المجتمع مدني مؤخرا، أكد أن الحديث عن وجود ''مجتمع مدني'' في ليبيا من النكات التي تبعث على الابتسام، ولا يصدقها حتى من ينطق بها".
وقال إن هناك عدة منظمات وجمعيات أهلية وخيرية يتحكم بها في الأغلب فرد واحد، يستعملونها كواجهة لأنشطتهم وفعالياتهم، ومع إقرارنا بأن الكثير منها يقوم بأدوار إنسانية إلا أن القائمين عليها لا يخرج معظمهم عن واحد من اثنين، إما أنه يخضع لشخص سياسي ويعمل كواجهة، أو لصالح جماعة متطرفة أو تيار جهوي أو قبلي.
واختتم "كل ما نراه من مشاكل في ليبيا يعود بالأساس إلى العامل الأمني أو الجهوي أو القبلي.. ما نشاهده من تكالب الأفراد والجماعات على نهب المال العام وكذلك تنامي التطرف والإرهاب والجريمة يتحصن وراء تلك الحصون".