"محليات" الجزائر.. نكسة إخوانية مرتقبة مع سيطرة للأحزاب التقليدية
مع بدء العد التنازلي للانتخابات المحلية المبكرة التي ستجرى بالجزائر، السبت المقبل، برزت معها توقعات المراقبين للمشهد المقبل.
مشهد رجح خبيران جزائريان في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" بأن يكون "مكررا" من "نسخة" الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في يونيو/حزيران الماضي، وحملت معها مفاجآت كثيرة.
- "تهريج وإفلاس".. خطاب إخوان الجزائر في "المحليات" يسقط الأقنعة
- منع تسلل الإرهاب.. أمن الجزائر يجفف قوائم الإخوان الانتخابية
واستنادا إلى جملة من المنطلقات المرتبطة بنتائج "التشريعيات" الماضية، و"خصوصيات" "المحليات" المقبلة، و"القاعدة الشعبية" للتشكيلات السياسية، توقع الخبيران هيمنة الأحزاب التقليدية التي تملك انتشارا واسعاً في مختلف البلديات والمحافظات "بعيدا عن الأغلبية" كما كان سائدا في الانتخابات السابقة.
خيبة إخوانية قادمة
وهي المنطلقات ذاتها التي دفعت الخبيران إلى توقع "تجدد نكسة" جماعة الإخوان في الانتخابات المحلية المقبلة، بالنظر إلى عدة عوامل سياسية واجتماعية مرتبطة تحديدا بطبيعة هذا النوع من الاستحقاقات الانتخابية.
ومن أبرزها، أن مصير نتائج الانتخابات المحلية مرتبط بالدرجة الأولى بـ"منطق الجهوية والعشائرية" وهي الورقة التي تجيد لعبها الأحزاب التقليدية مثل "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، التي تملك قواعد نضالية وشعبية "ثابتة" وقدرة انتشار في معظم بلديات ومحافظات البلاد، تصل إلى 6 عقود كما هو الحال مع الحزب الأول.
العامل الثاني -حسب الخبيرين- هو ضعف الأرضية الشعبية للتيارات الإخوانية التي بقيت لـ3 عقود من نشاطها مكتفية بقواعد نضالية "متفككة" بين عدة بلديات ومحافظات، ما يعني "استحالة" سيطرتها على مقاعد المجالس المحلية.
وما تعزز توقعات الخبيران الأرقام الرسمية المقدمة عن "السلطة المستقلة للانتخابات" (الهيئة المشرفة على تنظيم ومراقبة الانتخابات)، إذ كشفت عن تصدر حزبي "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي" قوائم الترشيحات لمقاعد المجالس المحلية بـ"1237 قائمة" للأول و"1073" قائمة للثاني.
فيما اكتفى التياران الإخوانيان الوحيدان المشاركان في هذا الاستحقاق بـ"1010" قائمة لـ"كليهما"، وسط تنافس محتدم بينهما، ما يعني أيضا تراجع حظوظ الإخوان في الانتخابات المقبلة.
خصوصية محلية
"محليات" الجزائر المقبلة تميزت هذه المرة بتراجع قوائم المستقلين عن "التشريعيات" السابقة أمام قوائم الأحزاب السياسية الممثلة في 40 تشكيلا سياسياً، ومع ذلك يرى المراقبون بأن وجودهم في مشهد الترشيحات "سيزاحم" الأحزاب والتيارات، وقد تكون قوائمهم بديلا للناخب.
ويضع المراقبون احتمالين لذلك، أولها استيفاء القائمة المستقلة لـ"العُرف المحلي" بتقديمها مرشحين من الفسيفساء العشائرية، أم الاحتمال الثاني فقد يكون اختيار الناخب لقوائم المستقلين من منطلق "العقاب" للأحزاب والتيارات "المغضوب عليها" منذ سقوط النظام السابق.
الدكتور عامر رخيلة العضو السابق في المحكمة العليا الجزائرية لم يستعبد في حديث مع "العين الإخبارية" "بقاء الخارطة السياسية المنبثقة عن نتائج الانتخابات التشريعية"، مع استمرار مؤشر العزوف الشعبي حاله.
وأوضح ذلك عندما أشار إلى "عدم وجود مظاهر لحراك انتخابي طوال عمر الحملة الانتخابية بسبب العزوف الشعبي عن الاهتمام بها".
مرجعاً ذلك إلى أن قيادات الأحزاب السياسية على رأسها تيارات الإخوان "يهمها الانتخابات المركزية لأنها قياداتها مرشحة بطموحات معينة، وكذا محاولتها مغازلة السلطة في محاولة لإظهار وجودها في الدوائر الانتخابية لتقاسم الكعكة".
وارتكز الخبير القانوني في توقعاته على خصوصية الانتخابات المحلية التي قال إنها "تضمن انتشار الحزب السياسي، وتؤهل أطر التدرج في مناصب المسؤولية".
خارطة متجددة
أما الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية فقد أعطى في حديث لـ"العين الإخبارية" توقعاته لنتائج الانتخابات المحلية انطلاقاً من عدة زوايا قال إنها "الوحيدة القادرة على قراءة المشهد المقبل".
وأشار إلى "وجود معطيات انتخابية خاصة بالجزائر، أولها نتوقع عدم المشاركة القوية للناخبين، وكذا التجاذبات التي ستحكم قرار الناخب لاعتبارات لا تعترف بـ(الإسلامي) (الإخواني) كما كان سائدا في التسعينيات، بل تسير وفق منطق عشائري وقبائلي وعائلي وعلاقات خاصة".
ومع ذلك، يرى المحلل السياسي بأن مخرجات الانتخابات المقبلة لن تكون كسابقاتها، مرجعاً ذلك إلى "قيام السلطة السابقة بصناعة الفائز والخاسر، ويقصى حتى الفائز، وفق قواعد لعبة مختلفة".
وتوقع أن تكون نتائج الانتخابات "متوازنة بنفس نتائج الانتخابات التشريعية بنفس التوازنات"، وبرر ذلك بـ"ببقاء الوعاء الحزبي الانتخابي كما كان مثل حزب جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي".
أما عن حظوظ الإخوان فقد أشار الدكتور قادري "إلى افتقارها لوعاء انتخابي قوي يؤلها لاكتساح مقاعد المجالس المحلية، بالإضافة إلى عدم وجود نوع من الانتشار المتوازن للإخوان في البلديات عكس الأحزاب التقليدية".
وخلص المحلل السياسي توقعاتها بالقول: "سنشهد خارطة سياسية شبيهة إلى حد كبير بخارطة البرلمان، مع قدرة المستقلين على منافسة الأحزاب الأخرى".