الجزائرية لويزة حنون.. المرأة الحديدية تنجو من قضبان السجن
من بين أشهر مواقف المعارضة الجزائرية بقيادة لويزة حنون، اتهامها صراحة الإخواني عبدالرزاق مقري، في مارس 2014، بأنه "يقود مؤسسة تابعة للمخابرات الأمريكية"
بعد 9 أشهر حُبلى بتهمة قادتها إلى ما وراء القضبان، تبرأت لويزة حنون زعيمة حزب العمال اليساري الجزائري من حِملها الثقيل بحكم قضائي منحها النجاة من سفينة "الاجتماع السري".
اجتماع تعود وقائعه إلى يوم 27 مارس/آذار 2019، حين التقى كل من سعيد بوتفليقة، الرجل القوي في القصر الرئاسي منذ مرض شقيقه عام 2013، والفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق (المدير الأسبق لأجهزة الاستخبارات)، واللواء بشير طرطاق (منسق الأجهزة الأمنية في رئاسة الجمهورية سابقا)، إضافة لرئيسة حزب العمال لويزة حنون.
وبعد بضعة أيام من ذلك الاجتماع اتهم رئيس أركان الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح الأربعة بالتآمر على الجيش، ليتم توقيفهم في مايو/أيار، وصدور حكم بالحبس 15 عاما تم تثبيتها بحق الرجال الثلاثة يوم أمس الإثنين.
فيما سقطت التهمة نفسها عن لويزة حنون التي عوقبت فقط بـ"عدم الإبلاغ عن الاجتماع المشبوه".
وكانت محكمة البداية قد أصدرت في مايو/أيار الماضي حكمها بسجن لويزة حنون 15 عاماً، قبل أن يُخفّف في الاستئناف إلى 3 أعوام بينها 9 أشهر فقط سجنا نافذا، وبذلك تكون قد قضت فترة محكوميتها.
وعقب الإفراج عنها، أعربت زعيمة حزب العمال التي استقبلها أعضاء حزبها بالأحضان والبكاء والزغاريد عن سعادتها لقرار المحكمة، ووصفت الحكم القضائي بأنه "انتصار للديمقراطية" مضيفة أن "المناضلة لا يمكنها أن تتآمر على الدولة والجيش".
ومطلع الشهر الجاري، وقّع عشرات النشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين الجزائريين عريضة تدعو السلطات للإفراج عن حنون التي رُفعت صورها في بعض المظاهرات، وطالب المحتجون بإطلاق سراحها.
المرأة الحديدية تنجو من قضبان الحديد
ولويزة حنون من أقدم الوجوه السياسية في الجزائر التي عاصرت 6 رؤساء للجزائر، وتوصف بـ"الزعيمة" و"المرأة الحديدية".
ولطالما أثارت مواقفها جدلاً واسعاً، حيث بدأت معارضة شرسة وجريئة للنظام الجزائري منذ تسعينيات القرن الماضي.
لكن بعض المتابعين نظروا لها على أنها متذبذبة بين دعم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ثم الانقلاب عليه.
وولدت السياسية الجزائرية في 7 أبريل/نيسان عام 1954، ببلدية الشقفة بمحافظة جيجل (شرق البلاد)، من عائلة بسيطة امتهنت الفلاحة، ثم انتقلت مع أسرتها إلى محافظة عنابة، خلال الثورة التحريرية الجزائرية (1954 – 1962).
وفي عام 1975 حصلت لويزة حنون على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، ثم شهادة ليسانس في الحقوق عام 1979 من جامعة عنابة.
لم تمكث حنون طويلاً في منصبها بمطار المدينة، بسبب "نزعتها النقابية" حيث طُردت من عملها عام 1980، لتنتقل إلى العاصمة الجزائرية التي فتحت لها أبواب "النضال السياسي والنقابي".
وفي العام ذاته انضمت إلى "لجنة النساء العاملات" ثم "لجنة أفريقيا للوفاق الدولي للعمال"، و"الكونفدرالية الدولية للنقابات العربية" و"الوفاق الدولي للعمال ضد احتلال العراق".
اليسارية المتأثرة بالفكر التروتسكي
لويزة من أقدم الأسماء التي كانت العائلات الجزائرية تفضل تسمية بناتها به منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي سنة 1830، ويقال إن معناه "الجوهرة الغالية"، و"صاحبة الشخصية القوية والجريئة".
أسست حنون حزبها وفق مبادئ يسارية متأثرة بأفكار التيار التروتسكي، وانعكس ذلك على مواقفها سواء في نضالها النقابي حين كانت من بين أكبر المدافعين عن العمال، أو من خلال مواقفها السياسية المناهضة للعولمة والإمبريالية والأحادية القطبية.
كان لها مواقف "تصادمية" مع النظام الجزائري منذ دخولها الساحة السياسية، وكانت من أشد المعارضين لمشروع "خصخصة شركة سوناطراك النفطية" سنة 2005، والذي ألغاه الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة بعد تزايد الرفض الشعبي للمشروع.
لسان سليط على الإخوان
عرفت أيضا لويزة حنون بمواقفها "الجريئة" ضد التيارات الإخوانية في بلادها، رغم مواقفها المتناقضة من "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة.
ومن بين أشهر مواقف المعارضة الجزائرية، اتهامها صراحة الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم الإخوانية"، في مارس/آذار 2014، بأنه "يقود مؤسسة تابعة للمخابرات الأمريكية".
كما اتهمت في مناسبات عدة التيارات الإخوانية بـ"المتاجرة بالدين" ودعتهم إلى فصل السياسة عن الدين.
وعشية الانتخابات البرلمانية لسنة 2012، حذرت لويزة حنون من التصويت للتيارات الإخوانية، وشددت على أنهم "أكبر المستفيدين من الوضع الداخلي والمحيط بالبلاد".
وكانت حنون من بين أكثر المنتقدين لـ"ثورات الربيع العربي"، واعتبرتها "مخططاً ينفذه النظام القطري لتمزيق الدول العربية".
ورغم معارضتها للجبهة الإسلامية للإنقاذ الإخوانية المحظورة؛ فإنها كانت من المطالبين بـ"الإفراج عن قادتها المتهمين بقتل آلاف الجزائريين خلال سنوات العشرية السوداء".