ميركل تحذر أمام "ميونيخ" من خطر تدهور العلاقات مع روسيا النووية
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحذر من خطورة ما يشهده العالم من توترات تهدد بانهيار هياكل الأمن الموروثة من عصر الحرب الباردة.
قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن العالم يعيش اليوم في عصر خطير بسبب التحديات التي تؤثر سلبا على الأمن العالمي، منبهة لمخاطر تدهور العلاقات مع روسيا النووية.
وأضافت ميركل، في كلمتها أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يواصل السبت ثاني أيام فعاليات دورته الـ55، أن "هياكل الأمن الموروثة من عصر الحرب الباردة تقع تحت ضغط كبير حاليا"، محذرة من تدهور العلاقة بين الغرب وروسيا.
وتابعت: "في الفترة الراهنة تم تقويض اتفاق معاهدة الحد من الصواريخ القصيرة وطويلة المدى، وهذه أخبار سيئة.. بكلمات واضحة: هذه أوقات صعبة في العلاقة مع روسيا، ولا يجب قطع العلاقات بين الناتو وروسيا".
وأكملت: "أنا قلقة على العلاقات مع روسيا.. في 2011، جرى توقيع اتفاقية للحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا في ميونيخ (ستارت 2)، ونحن الآن في وقت مختلف؛ ففي 2014 جرى ضم القرم إلى روسيا وهذا كان مخالفة واضحة للقانون الدولي".
وشددت ميركل على أهمية حلف شمال الأطلسي "ناتو" قائلة: "نعم، ما زلنا بحاجة لحلف شمال الأطلسي كمجتمع قيم".
وأضافت: "ألمانيا تتعرض لانتقادات بسبب الإنفاق العسكري"، موضحة: "لقد فعلنا الكثير في هذا الإطار خلال السنوات الماضية، وقرارنا في السابق زيادة إنفاقنا العسكري إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، كان قفزة كبيرة".
وتابعت: "كما تقدم ألمانيا مساهمات مثل وجود قواتها في أفغانستان، ولدي طلب: يحب أن نقرر معا مستقبل مهمة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان"، في رسالة واضحة للولايات المتحدة التي تريد سحب قواتها بشكل منفرد من أفغانستان.
وحول قضية اللاجئين، قالت ميركل: "مسألة اللاجئين (في 2015) كانت مدفوعة بالأزمة السورية"، مضيفة: "كان التساؤل آنذاك: هل يجب أن يتعاطى الاتحاد الأوروبي مع الدراما الإنسانية في سوريا؟".
وأوضحت: "لكن الاتحاد الأوروبي لم يتحرك في هذا الإطار، لذلك شق اللاجئون طريقهم إلى أوروبا.. ولذلك قدمنا المساعدة لهم في إطار أزمة إنسانية طارئة".
وطالبت ميركل في هذا السياق بالتوصل لحل متعدد الأطراف لأزمة اللجوء، وفوق كل شيء الهجرة، خاصة مع أفريقيا، مؤكدة أنه يجب دفع التنمية في أفريقيا بشكل قوي للأمام.
وانتقدت ميركل بشكل غير مباشر قرار الإدارة الأمريكية سحب قواتها من سوريا، حيث قالت: "لا أعلم إن كان من الصحيح سحب القوات الأمريكية من سوريا".
وفي معارضة واضحة لاستراتيجية ترامب "أمريكا أولا"، قالت ميركل في نهاية خطابها: "لا بد من السعي لحلول مشتركة بدلا من التصرف بشكل منفرد.. لا بد أن نكون جميعا معا".
يذكر أن أحد أهم محاور الخلاف بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدول الأوروبية خلال الفترة الماضية، هو عدم استجابة الأخيرة للمطالبات الأمريكية برفع إنفاقها العسكري إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي ليجاري الإنفاق الأمريكي.
وتشهد العلاقات بين موسكو والغرب توترا على خلفية الدور الروسي في أزمتي أوكرانيا وسوريا، واتهامات الغرب لموسكو بالوقوف وراء محاولة اغتيال العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال بغاز الأعصاب في بريطانيا، فضلا عن اتهامات متكررة لموسكو بالضلوع في أعمال قرصنة إلكترونية على مؤسسات أوروبية.
ومؤخرا، قرر الرئيس الأمريكي الانسحاب من اتفاق معاهدة الحد من الصواريخ متوسطة المدى، بسبب ما وصفه بانتهاك موسكو للمعاهدة.
وانطلقت، الجمعة، أعمال الدورة الـ55 لمؤتمر ميونيخ للأمن، أكبر وأهم ملتقى للسياسيين والدبلوماسيين في العالم، جنوبي ألمانيا، بحضور عشرات قادة الدول والحكومات ووزراء الدفاع والخارجية.
ويناقش مؤتمر ميونيخ هذا العام قضايا عدة؛ أبرزها التنافس الدولي بين الدول الكبرى، والعلاقات عبر الأطلسي "العلاقات الأوروبية الأمريكية"، ومستقبل الاتحاد الأوروبي، والملف الإيراني، وقضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، والأزمة الأوكرانية.
وبالإضافة إلى ذلك، يناقش مئات الخبراء المشاركين في المؤتمر قضايا عدة في جلسات نقاشية؛ أبرزها مستقبل الحد من التسلح والتعاون في السياسة الدفاعية، والتقاطع بين السياسات التجارية وسياسات الأمن الدولي، وتأثير قضايا التغير المناخي على الأمن الدولي.
وتعد الدورة الحالية للمؤتمر التي من المقرر أن يحضرها 35 قائد دولة وحكومة في مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، و80 وزير خارجية ودفاع من مختلف دول العالم، فضلا عن 600 خبير أمني، "الأكبر والأكثر أهمية" منذ تدشين المؤتمر الأمني الرفيع في 1963.