سياسيون مغاربة لـ"العين": 3 تحديات تواجه العثماني وكل الاحتمالات مفتوحة
رئيس الحكومة المغربية المكلف يواصل المشاروات لاختيار أعضاء حكومته
في أجواء يسودها الترقب، بدأ سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية المكلف، مشاوراته الحكومية وأمامه إكراهان، الأول يتعلق بعامل الوقت، حيث لم يمهل العاهل المغربي لرئيس الحكومة الجديد سوى أسبوعين من أجل الإفراج على تشكيلة حكومته.
أما الإكراه الثاني فيتعلق بتشبت الأمانة العام والمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بشرط إبعاد حزب الاتحاد الاشتراكي من الحكومة الجديدة، مما يجعل مسلسل المفاوضات عسيرًا منذ انطلاقته في حال التزم العثماني بهذا الشرط، وتمسك حزب التجمع الوطني للأحرار بشرط إشراك الاتحاد الاشتراكي.
وفي خطوة اعتبرها مراقبون "مفاجئة"، بدأ سعد الدين العثماني، أمس الثلاثاء، مشاوراته مع حزب الاستقلال الذي تمسك بالمشاركة في الحكومة، والأصالة والمعاصرة الذي صرح أمينه العام عقب لقائه بالعثماني أن حزبه مازال متشبثًا بموقفه الذي عبر عنه بعد الانتخابات، وهو "موقع المعارضة"، معتبرًا أن النقاش حول الوجود في الحكومة سابق لأوانه. فيما بدا حزب الاتحاد الاشتراكي متشبتًا بالمشاركة حيث صرح كاتبه العام بعد لقائه بالعثماني "قرارنا يقضي بمساندة رئيس الحكومة"، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه حزب الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية.
واعتبر عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، أن الأمور ومنهجية تدبير المشاورات ليست واضحة إلى حدود الساعة، مشيرًا الى أن قرار فتح المشاورات مع الجميع يبقى مفتوحًا على جميع الاحتمالات، وهو أمر كان متوقعًا.
وأكد ذات المتحدث، في تصريحه "للعين"، أنه بعد الاستماع لوجهة نظر رئيس الحكومة المكلف وتصوره للحكومة التي كلفه جلالة الملك بتشكيلها، "سنعبر له عن وجهة نظرنا، علما أن قرار حزب الاستقلال كان واضحًا بخصوص المشاركة في الحكومة وتعزيز مخرجات صناديق الاقتراع وتقديم الدعم لحزب العدالة والتنمية في إنجاح مهمة تشكيل الحكومة، لهذا فحزبنا اتخذ قراره السياسي منذ فترة طويلة".
وأكد بنحمزة أن ما يشغل بال حزب الاستقلال هو أن يخرج المغرب من هذه الوضعية بالنظر إلى حجم الانتظارات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وأيضا التحديات التي تواجه المملكة بخصوص قضية الصحراء المغربية، وهو ما يستدعي الطي السريع لهذا الموضوع بما يجعل المؤسسات تستأنف عملها بصورة طبيعية.
وتوقع الناطق الرسمي باسم الاستقلال المغربي أن تكون المشاورات قصيرة من حيث المدة الزمنية بشكل لا يكرر ما وقع سابقًا.
وفي رده على التحديات التي تواجه سعد الدين العثماني في تشكيل الحكومة، اعتبر عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق حزب الاصالة والمعاصرة في مجلس النواب، في تصريحه "للعين"، أن العثماني يواجه، أولا، تحديًا داخليًا، متسائلا عما إذا كان سعد الدين العثماني سيتستمر على نفس الشروط التي فرضها عبد الآله بنكيران أم أنه سيخلق مرحلة جديدة؟ وهل سيستطيع اقناع قيادات الحزب، الذي يبقى بنكيران هو أمينهم العام، بالتخلي عن هذه الشروط، وهل سيأخد توجها مغايرًا عما اتخذه حزبه في السابق؟.
والتحدي الثاني، وفق ذات المتحدث، هو مدى قدرة سعد الدين العثماني على اقناع بعض الأحزاب في الدخول إلى الحكومة وفق شروط المحاور وليس وفق شروط حزب العدالة والتنمية، متسائلا أيضا هل سيتنازل عزيز اخنوش عن اشراك الاتحاد الاشتراكي، أو سيقبل العثماني بهذا الأخير.
وأردف وهبي أن "عبد الآله بنكيران خلق جوًا سياسيًا ومجموعة من الاسئلة مطالب العثماني اليوم بالرد عليها أو بتغيير هذا الجو السياسي".
وعن فتح المشاورات أمام كل الأحزاب الممثلة في البرلمان، اعتبر ذات النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن المسار الذي اختاره العثماني يبقى طبيعيًا يريد، رئيس الحكومة المكلف، من خلاله خلق مرحلته التي تختلف عن المراحل السابقة، وتأكيد أنه يختلف عمن سبقه، وبالتالي فهو يستطيع من خلال هذه الطريقة تذويب التحالف القائم بين التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي.
وأوضح وهبي أن المقصود من فتح باب المشاورات مع جميع الأحزاب ليس هو الحوار مع الأصالة والمعاصرة ولكن الهدف هو تفكيك جبهة الأربعة، مؤكدًا أن العثماني مطالب بتقديم بعض التنازلات ومستبعدًا في ذات الوقت أي مشاركة لحزب الأصالة والمعاصرة في الحكومة الجديدة.
وفي تقييمه للوضع السياسي الراهن، لا يرى الباحث في علم الاجتماع، عبد الغني منديب، أن ما يقع اليوم في المغرب شيئًا سلبيًا، بل يراه أمرًا طبيعيًا وجزءا لا يتجزأ من المسلسل الديمقراطي.
وقال منديب في تصريحه "للعين"، أنه من تابع الأحداث على امتداد الستة أشهر الأخيرة بعين المتأني وعين المتربص، يرى فيها تفاعلا ينم عن وجود حياة سياسية ودينامية حقيقية، لا نجدها سوى في الديمقراطيات العتيقة التي يكون فيها التفاوض حول الشكل والمضمون".
وأكد ذات المتحدث، أن ما يقع في المغرب منذ انتخابات 7 أكتوبر إلى اليوم، ينم عن صحة المسار الديمقراطي في المجتمع المغربي، مشيرًا إلى أنه بغض النظر عن النتائج التي سوف تسفر عنها هذه السيروة؛ فإن كل خطوة وكل حدث وكل تفاوض هو خطوة تعد لصالح الديمقراطية المغربية.
وعن مستقبل المشاورات الحكومية برئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المكلف، اعتبر ذات الباحث في علم الاجتماع، أن هناك الرجل السياسي، وهناك الإنتماء إلى الحزب وهناك هامش المناورة.
واضاف ذات المتحدث أن شخصية العثماني تختلف عن شخصية بنكيران، لكن الاثنان ينتميان إلى نفس الحزب، مشيرًا إلى أن الحزب مهيكل وله قواعد ومؤسسات داخلية تضع خطوطا حمراء، وحزب العدالة والتنمية يتميز بديمقراطية داخلية قوية.
وأضاف الباحث في علم الاجتماع، أن هناك أيضا الدولة ذات المؤسسات الكبرى وعلى رأسها المؤسسة الملكية التي تعتبر الضامن الاكبر للديمقراطية في المغرب.
وخلص المتحدث الى أنه مع وضع الاعتبار لكل هذه العناصر سيكون هناك تفاعل ايجابي من كل الاطراف، وان كان، حسب منديب، من الصعب التنبؤ بالسيناريوهات التي ستنتهي إليها المشاورات، لكن الاكيد أن تشكيل الحكومة برئاسة العثماني سيأخذ في الاعتبار كل هذه المعطيات، وفق تعبيرذات المصدر.