فيلم "غرفة الهروب".. مزيج من أفكار الآخرين بمعالجة متعجلة
قصة "غرفة الهروب" تقوم على فكرة حاكمة مبدأها "مكان مغلق يجمع أشخاصا عدة، يُطلب منهم حل اللغز للخروج منه وإلا الموت في هذا المكان".
لا يأتي فيلم الإثارة الأمريكي "غرفة الهروب" (Escape Room) بفكرة جديدة، إذ جُمعت حكايته من عدة أفلام سبق إنتاجها، منها ثلاثة أفلام على الأقل تتطابق قصصها مع قصته إلى حد كبير مع اختلاف عدد الشخصيات وسماتهم في كل قصة وما يترتب على ذلك كله من اختلاف للحبكة بينها. وبالتالي إن كنت عزيزي المشاهد ممن يحبون الأفكار الجديدة تماماً فبالتأكيد ستخرج وأنت غير راضٍ عما قدمه المخرج "آدم روبيتيل" في الفيلم، أما إذا كنت ممن يتمتع بواقعية "أن الأفكار تتشابه"، فعلى الأقل لديك فرصة لأن ترى كيف يعبّر عن الأفكار ذاتها على نحو مختلف.
تقوم قصة "غرفة الهروب" على فكرة حاكمة مبدأها "مكان مغلق يجمع عدة أشخاص، يُطلب منهم حل اللغز للخروج منه وإلا الموت في هذا المكان"، وفي الفيلم سيلتقي ستة أشخاص مختلفي الطباع والخلفيات الاجتماعية ودرجات الذكاء والمشاكل النفسية في غرفة واحدة بعد أن تلقوا دعوة من مجهول للمشاركة في حل لغز "غرفة مغلقة" على أن ينال من ينجح في الخروج منها عشرة آلاف دولار، لكن ما بدا لعبة ومسابقة ألغاز، سرعان ما صار جحيماً، فالغرفة عبارة عن سلسلة غرف متتابعة، ويتطلب من الجميع حل اللغز في كل غرفة ضمن ظروف محيطة صعبة للخروج منها وإلا فسيكون مصيرهم الموت.. هكذا تتحول اللعبة بلحظة واحدة من سباق لنيل مكافأة مالية، إلى سعي محموم للنجاة.
تلك الفكرة كانت السينما عالجتها من قبل كما أسلفنا في العديد من الأفلام، ولكن أقربها إلى "غرفة الهروب" هو فيلم" غرفة فيرمات" (Fermat's Room) (2007) وفيه يدعو مجهول اسمه "فيرمات" مجموعة من العلماء لحل لغز كبير، ولكن سرعان ما تبدأ الغرفة التي تجمعهم بالتقلص، تهددهم بالسحق ما لم يستطيعوا حل اللغز، ويبدو الفيلم أيضاً شديد التأثر بفيلم "مكعب" ( Cube ) (1997) وفيه نتابع حكاية سبعة أشخاص غرباء يجدون أنفسهم محاصرين داخل مكعب عملاق، فيه كثير من العوائق والفخاخ، حيث سيكون عليهم التعاون للنجاة بحياتهم والخروج منه، وفي جزء منه سيتقاطع الفيلم مع فيلم "سو"(saw ) (2004) الذي يروي حكاية شخصين محبوسين في حمام تحت الأرض ومقيدين من مجهول، وعلى واحد منهما أن يقتل الآخر لينجو.
كل ذلك يجعل من "غرفة الهروب" مزيجاً من أفكار الآخرين، أو جزءا ثانيا لأفلامهم، لكن هذ كله ليس مشكلة الفيلم، فذلك أمر، على الأقل أنا أتجنبه في مناقشة الأفلام، إذ أجد نفسي معنياً بالبحث عن كيفية التعامل مع هذه الأفكار ومعالجتها درامياً، على اعتبار أنه ليس جديداً تقاطع الأفكار.
على هذا النحو فشل "غرفة الهروب" في تقديم معالجة مبتكرة للأفكار المشابهة، وبمعنى أدق قدم معالجة متعجلة، بدءاً من عدم التوازن في بناء الشخصيات الدرامية في الفيلم، فمنها من مهّد لها في حكايته وقدم لنا جزءاً من تاريخها خارج الغرف المغلقة، مثل زوي (تايلور راسل) و"بين" (لوغان ميلر) و "جيسون" (جاي إليس)، ومن الشخصيات من قدمها لنا الفيلم كوصفة جاهزة علينا تقبلها كما هي مثل شخصيات "أماندا" (ديبورا آن وول) ، و"مايك" (تايلر لابيني) و"داني" (نيك دوداني)، وبالتالي بدا الفيلم، من البداية، كما لو أنه يوجه مشاهديه باتجاه أشخاص من دون سواهم، ويقول هؤلاء سيكونون الناجين من جحيم الغرفة أو الفاعلين في مواجهتها.
وما فعله الفيلم تلميحاً باختياره التركيز على حكاية بعض الشخصيات بالتفصيل، فعله صراحة في مشاهد الفيلم الافتتاحية التي شاهدنا فيها "بين" وهو يحاول فتح الباب قبل انهيار المكان من حوله، وبذلك أضعفت هذه المشاهد عامل التشويق في الفيلم كون المشاهد بات يعرف على نحو ما مَن هو الناجي الوحيد من جحيم هذه الغرف، وبالمقابل لم يحدث الفارق في الحكاية حين بدا أن الغاية من هذه المشاهد هي خديعة المتفرجين، وأن هناك ناجية أيضاً هي "زوي"، لكن تلك الخديعة لم تكن مفاجأة مدهشة، ذلك لأن الحل الدرامي الذي اقترحه المخرج لهذه الشخصية بدا غير مقنع، فبنية الشابة الجسدية والظروف التي مرت بها تجعلها أضعف من أن تتفوق جسدياً على رجلين، وتالياً على مدير اللعبة الرجل المجنون.
ويبقى للفيلم دهشته الوحيدة التي تأتي من بناء شكل الغرف المخيفة، وعوامل الإبهار فيها مع تعدد سماتها واختلاف العوائق المبتكرة فيها، لا سيما غرفة البلياردو المقلوبة رأساً على عقب.
يعرض الفيلم حالياً في صالات السينما الإماراتية، ورغم غياب التشويق الكافي فيه، فإن ذلك لا يمنع أننا أمام فيلم فيه رحلة مسلية، أقله لمحاولة فك الألغاز، ولا سيما أن الفيلم تمايز عن سواه من الأفلام المشابهة بأن جعل المراهقين هم هدفه الأساسي.