الإخوان والحوثي.. صفقات "انتقائية" تطيل عناء الأسرى
تطيل صفقات انتقائية للأسرى بين الحوثي والإخوان معاناة آلاف المختطفين لدى المليشيا؛ يترقبون تحت التعذيب تحقيق مبدأ "الكل مقابل الكل".
وتستغل قيادات عسكرية إخوانية وحوثية قنوات خلفية محلية للتوسط في إبرام عدد من صفقات التبادل للأسرى والمختطفين لضمان خروج قيادات وأتباع الطرفين، وذلك بعيدا عن قيادة الشرعية واتفاق ستوكهولم المدعوم من الأمم المتحدة.
وقالت مصادر قبلية وعسكرية لـ"العين الإخبارية" إن صفقات تبادل الأسرى التي تتم بين قيادات الإخوان والحوثي يتم فيها مقايضة مختطفين ومعتقلين مدنيين لدى المليشيات مقابل أسرى حرب من القيادات الحوثية الميدانية والأفراد العقائديين المسعورين للحرب.
وبحسب المصادر، فإن الوسطاء المحليين يعقدون هذه الصفقات مقابل ملايين الريالات التي يدفعها الطرفان، إذ تضمن من خلالها مليشيا الحوثي إعادة عناصرها وقياداتها لتخوض بهم جولة جديدة من المعارك مقابل إخراج الإخوان لأتباعهم في التنظيم الإرهابي.
المصادر ذكرت أنه منذ مطلع العام الجاري، أبرم الطرفان بالفعل أكثر من 5 صفقات تبادل بين القيادات الإخوانية ومليشيا الحوثي؛ تم بموجبها إطلاق سراح مقاتلين حوثيين وقيادات ميدانية متطرفة تم أسر أغلبيتهم خلال الهجوم على محافظة مأرب.
وجرت هذه الصفقات عبر وسطاء الطرفين إلى الجوار من مسرح الحرب المحتدم بشدة على امتداد جبهات محافظات مأرب والبيضاء والجوف، وخاصة الأخيرة، وفق المصادر.
وأعلنت المليشيات الانقلابية عن 3 صفقات خلال الأيام العشرة الأخيرة شملت استعادة أكثر من 50 عنصرا من مقاتلي المليشيات الحوثية مقابل ترك عدد من عناصر الإخوان المسلمين الذين اختطفهم الانقلابيون من مناطق وطرقات بين محافظات مأرب والجوف والبيضاء.
وتتكتم قيادات الإخوان العسكرية عن صفقات المقايضة، وكعادتها ترمي التهمة على قبائل مأرب والجوف لتتنصل من المسؤولية أمام الشارع اليمني والآلاف من ذوي المعتقلين ممن ينتظرون خروج أبنائهم من معتقلات المليشيات الحوثية الإرهابية.
"تفخيخ ستوكهولم"
وكانت مليشيا الحوثي أفشلت الجولة الـ 5 بشأن تبادل الأسرى والمختطفين والمعتقلين والتي رعتها الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمان في فبراير/ شباط الماضي، وكان من المتوقع أن تنهي معاناة الآلاف ممن تستغلهم المليشيات كرهائن وأوراق ضمن مناورة متعددة السياسات.
وتقايض مليشيا الحوثي بالمدنيين في معتقلاتها والمخفيين قسرا لإطلاق سراح جنودها وقادتها الميدانيين الذين وقعوا في الأسر أثناء المعارك مع الجيش اليمني ورجال القبائل والقوات المشتركة.
ويرى الناشط السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام رشاد الصوفي، أن الصفقات الانتقائية لإطلاق أسماء محددة من الأسرى والمعتقلين تستهدف إفراغ بنود اتفاق ستوكهولم الذي نص على إطلاق جميع الأسرى لدى الشرعية والمختطفين لدى المليشيات الانقلابية.
وقال الناشط اليمني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التعامل مع ملف الأسرى بانتقائية وعقد الصفقات الجانبية يناقض ما نص عليه الاتفاق الأممي بخصوص الملف الإنساني ويفرغه من محتواه "الكل مقابل الكل".
وأشار إلى أن مليشيا الحوثي وعبر الصفقات الجانبية تنجح بإطلاق أسرى الحرب أو من ينتسبون للسلالة مقابل الإفراج عن مختطفين ومعتقلين مدنيين وإن كان بينهم أسرى عسكريون فهم يشكلون نسبة متواضعة.
وذكر أن هذه الصفقات تشجع مليشيا الحوثي على اختطاف الأبرياء في مناطق سيطرتها لتبادلهم بأسرى الحرب.
وأوضح الناشط السياسي أن المليشيات الحوثية رفضت قرار مجلس الأمن 2216 والذي ينص على إطلاق سراح وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، والقائد العسكري فيصل رجب، والمسؤول الاستخباراتي، هادي منصور، شقيق الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والسياسي محمد قحطان.
تعنت حوثي
وخلال الفترة الماضية، عرقلت المليشيات الحوثية كل المساعي الأممية لإطلاق أسرى الحرب من خلال تقديم قوائم بمئات الأسماء غير الموجودين لدى الحكومة المعترف بها دوليا وغالبيتهم مفقودون منذ حرب تحرير الجنوب عام 2015.
كما تحرم المليشيا الأسرى والمعتقلين والمختطفين من كل حقوقهم الإنسانية بما في ذلك حق التواصل مع الأهل أو العلاج والطعام، مما يعرضهم لمخاطر عديدة تصل حد الموت في معتقلات المليشيات الإرهابية السرية، وفق خبراء.
وحسب خبراء يمنيين لـ"العين الإخبارية"، فإن مليشيا الحوثي تعرقل تنفيذ الكل مقابل الكل إثر وجود أكثر من 3 آلاف من عناصرها وقيادتها ضمن المفقودين، وليس لهم وجود بالفعل لدى قوات الحكومة المعترف بها دوليا.
واليوم الخميس، جددت الحكومة اليمنية التأكيد على جاهزيتها لإطلاق الكل مقابل الكل، وذلك عقب دعوات دولية لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين في سجون مليشيا الحوثي.
وقالت الحكومة على لسان رئيس وفدها التفاوضي في اتفاق الأسرى، هادي هيج، إنها تؤيد ما طرحته الأمم المتحدة بشأن إطلاق الصحفيين في سجون المليشيات الانقلابية.
وطالب المسؤول الحكومي في تدوينة على موقع "تويتر"، رصدتها "العين الإخبارية"، المجتمع الدولي ومجلس الأمن للاضطلاع بمسؤوليتهما لإطلاق ناقلي الحقيقة وكل الأسرى والمعتقلين، مؤكدا جاهزية حكومة بلاده على إطلاق الكل مقابل الكل.
يشار إلى أنه عقب صفقة التبادل الكبرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي رعتها الأمم المتحدة، شنت مليشيا الحوثي موجة مسعورة من الاعتقالات والاختطافات ضد مدنيين وناشطين وصحفيين وأكاديميين، لإعادة ملء معتقلاتها من جديد.