"محمد بن زايد للعلوم الإنسانية" تطلق سلسلة "فلاسفة مسلمون"
بدأت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بث سلسلة من الحلقات حول الفلسفة الإسلامية عبر قنواتها الرقمية، بعنوان "فلاسفة مسلمون".
وتأتي الحلقات، التي يقدمها مركز الدراسات الفلسفية التابع للجامعة، تعزيزا لجهود الجامعة في خدمة المجتمع وإثراء المعارف في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، واستمرارا لسلسلة الحلقات التي تم بثها سابقا وتركت صدى تنويريا طيبا بين شرائح مهمة في المجتمع، وتضمنت سلسلة "روح وريحان" و"مصايف العلماء" و"قيم الإسلام" و"قرآن مبين".
وتبث هذه الحلقات بصورة شهرية وتتناول مختلف جوانب الفكر الفلسفي الإسلامي والمنتج الإنساني في هذا المجال الحيوي، ويقدمها الأستاذ الدكتور إبراهيم بورشاشن مدير مركز الدراسات الفلسفية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.
وكانت باكورة حلقات "فلاسفة مسلمون" حلقة بعنوان "ما هي الفلسفة الإسلامية" وتضمنت الحلقة عددا من المحاور بدأت بتعريف الفلسفة الإسلامية، وتوضيح معالمها الكبرى والتعرض لأعلامها من كبار الفلاسفة، إلى جانب نشأتها وأهم الخصائص التي تميزها.
وقال بوشاشن في مطلع حديثه إن هذه الحلقات تتناول بيان المعالم الكبرى للفلسفة الإسلامية من خلال الوقوف عند أعلامها الكبار.
نشأة الفلسفة الإسلامية
وأشار إلى أن الفلسفة الإسلامية ورثت مشاكل فلسفية عن الفلسفة اليونانية لكنها أبدعت مسائل جديدة مرتبطة بالدين، مثل مسألة علاقة الشريعة بالحكمة ومشكل النبوة والحرية والإرادة والعلم الإلهي، وصلة الله تعالى بمخلوقاته، فهذه مشاكل جديدة مرتبطة بالأديان السماوية ولم تعالجها اليونان.
وأضاف أن الفلسفة بهذا المعنى إسلامية في مشاكلها والظروف التي مهدت لها، وإسلامية في غاياتها وأهدافها وبما جمعه الإسلام في باقتها من شتى الحضارات ومختلف التعاليم.
وحول كيفية نشأة الفلسفة الإسلامية، أوضح بوشاشن أنها نشأت في ظل حضارة دينها الإسلام وكتابها القرآن الكريم ولسانها عربي مبين، وأجواؤها منفتحة على حضارات عريقة تفاعلت معها الحضارة الإسلامية وأخرجت أحسن ما فيها، واستفادت الفلسفة الإسلامية من حضارات متعددة أبرزها الحضارة اليونانية، لذلك تعددت عوامل نشأة الفلسفة عند المسلمين بين عوامل داخلية وأخرى خارجية.
فيلسوف العرب الأول
وتناول الدكتور إبراهيم بورشاشن في الحلقة الثانية من سلسلة "فلاسفة مسلمون" سيرة فيلسوف العرب الأول أبو يعقوب يوسف بن إسحق الكندي المتوفى سنة 256 للهجرة، مشيرا إلى أن الكندي تطرق للكثير من المشاريع العلمية، وبصم تاريخ الفلسفة ببصمات قوية خاصة أنه شهد اللحظة الأولى لميلادها في بلاد الشام.
ولفت إلى أن الحديث عن الكندي مناسبة للحديث عن التلقي الأول للفلسفة في الفكر الفلسفي الإسلامي، ولما كانت الفلسفة قد تجسدت في كل من أفلاطون وأرسطو فلا يخلو القول عن الكندي من ربطه بأفلاطون وأرسطو والمشائين عموما.
وأشار إلى أن الكندي كان متكلما قبل أن يكون فيلسوفا، ومن هنا فإن الإسهام الرئيس لعلم الكلام كان في الأساس تهيئة المناخ للفلسفة، وتدريب الأمة الإسلامية على استخدام العقل وصولا إلى نقطة استطاعت فيها الفلسفة أن تغرس لنفسها جذورا وأن تنمو وتتطور، وقد رأينا في الكندي نموذجا لهذا التطور.
الفارابي
وفي الحلقة الثالثة من برنامج "فلاسفة مسلمون" استعرض بورشاشن سيرة أبو نصر الفارابي "المعلم الثاني" وأهم إسهاماته الفلسفية، مؤكدا أن الفارابي كان فيلسوفا بحق ولم يكن مجرد ناقل للتراث الفلسفي، وهو أحد تلامذة أفلاطون وأرسطو.
واعتبر أن الفارابي ينتمي إلى مدرسة فلسفية تعتبر امتدادا مباشرا لإرث التعليم الفلسفي الذي كان قائما في الإسكندرية في القرنين الخامس والسادس الميلادي، كما اهتم الفارابي بالفلسفة اليونانية وانبرى لتفسيرها أيضا، بمعنى أنه أخذ مادة الفلسفة اليونانية وأضفى عليها صورة جديدة، وكان حكيما لأن هدفه لم يكن ترجمة المادة الفكرية وتقديمها لمجتمعه كما هي، بل أراد أن يبرز انتماءه لمجتمعه المسلم، فأسس فلسفة تعبر عن روحه وفلسفته الروحية والمدنية.
وقال مقدم الحلقة إن الفارابي يعتبر أول مفكر مسلم، وخلف عددا كبيرا من المصنفات الفلسفية الكاملة، ولم تعد الفلسفة معه مقتصرة على مجرد المعرفة، بل أصبحت تسعى إلى التفكير من منظور آخر وهو العمل على امتلاك الأشياء أو اقتنائها، وقد مكنه ذلك من التقريب بين الفلسفة والشريعة، مشيرا إلى أن الفارابي يعتبر الفقه ضروريا في المدينة، فالحضارة الإسلامية حضارة فقهية وللفقيه مكانه المعتبر في هذه الحضارة.
أبو بكر بن باجة
وتناولت الحلقة الرابعة من البرنامج سيرة أبي بكر بن باجة، واسهاماته المتميزة في مجال الفلسفة والموسيقى والرياضيات والمنطق والطبيعة، معتبرا أن بن باجة هو مدشن الفلسفة في المغرب العربي، لكنه اشتهر بالطب والشعر والموسيقى أكثر من اشتهاره بالفلسفة، وقد تجلت اهتماماته الفلسفية في شروحه لبعض مؤلفات أرسطو في العلم الطبيعي، وكذلك شرح بعض مؤلفات أبقراط وجالينوس في الطب، كما علق على بعض الفارابي في المنطق.
وتناولت الحلقة الإسهامات الفلسفية الأصيلة لابن باجة، والتي تمثلت في النصوص التي كتبها ابتداء من "تدبير المتوحد" و"رسالة الوداع" و"رسالة الاتصال" وغيرها من النصوص، كما تطرقت الحلقة لاهتمامات الدارسين بابن باجة؛ حيث نهلوا من معين فيضه الفلسفي.
هذا وتتواصل سلسلة حلقات "فلاسفة مسلمون" وتتناول خلال الفترة القادمة سيرة بن رشد وبن سينا وبن طفيل وأبي حامد الغزالي.
aXA6IDEzLjU5LjE4My4xODYg جزيرة ام اند امز