نصر الدين طوبار.. صوت يضرب على أوتار القلوب
نصر الدين طوبار المبتهل المصري نجح على مدار عقود طويلة، في الحفاظ على لقب " الصوت القريب لأوتار القلوب"
في السابعة من عمره، نجح في حفظ القرآن الكريم كاملًا، لتكتشف أسرته حسن وقوة صوت أثناء دراسته بالأزهر الشريف، فكان قارئا جيدا للقرآن الكريم رغم صغره سنه، ومتمكنا من النطق الجيد للشعر، بعد أن تتلمذ على يد الشيخ محمد سعد صقر، قبل انتقاله للمدرسة الأولية للغة العربية.
نصر الدين طوبار.. المبتهل المصري الذي نجح على مدار عقود طويلة، في الحفاظ على لقب " الصوت القريب لأوتار القلوب" اللقب الذي منحته إحدى الصحف العالمية، بعد تفوقه وتربعه على عرش كبار المبتهلين والمنشدين العرب لسنوات عديدة، تقدم ست مرات متتالية إلي الإذاعة المصرية من أجل اعتماده كمبتهل ومنشد ديني وقارئ، ولكن في كل مرة ترفضه الإذاعة لأسباب مختلفة، لينجح في المرة السابعة بعد دعم وتشجيع أصدقائه على خوض التجربة للنهاية، قارئ للقرآن مُعتمد من الإذاعة بشكل رسمي.
ومنذ الصغر كانت قوة إحساس وصوت طوبار الدافع الأول له لاستكمال مشوار النجاح، فضلًا عن نشأته حيث ولد الشيخ المبتهل في محافظة الدقهلية (دلتا مصر) عام ١٩٢٠، لأسرة تكرس الجهاد والمقاومة من أجل الوطن بكافة الصور، فكان جده لوالده هو الشيخ شلبي طوبار وكان قارئا جيدا للقرآن، وكان جده لوالدته هو حسن طوبار أحد قادة المقاومة الشعبية بالمنصورة عاصمة الدقهلية ضد الاحتلال الفرنسي.
وكان نبوغه في حفظ وتلاوة وقراءة القرآن ليس بأمر غريب عليه، لتدعمه العائلة في الانتقال من دراسة الأزهر إلى التخصص في دراسة أصول اللغة العربية بالمدرسة الأولية بالمنصورة، ليتعلم أصول الحديث والأدب والشعر، وتزامل مع كبار المنشدين أمثال محمد رفعت ومصطفي إسماعيل.
لقاء موسيقار الأجيال.. نقطة تحول
وربما كان لقاؤه مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، نقطة تحول في اجتياز اختبارات الإذاعة التي تقدم لها لمدة ٨ سنوات دون نجاح، فعندما التقي طوبار بعبدالوهاب، تعلم أصول المقامات الموسيقية وتفهم معني اللحن القوي وارتباطه بطبقات الصوت، وتأثير قوة الحنجرة ودقة مخارج الألفاظ عند النطق في الغناء والابتهال والتواشيح، ليستوعب وقتها أن صوته القوي المميز يصلح لتلاوة الأناشيد الدينية والتواشيح والابتهالات.
ووقف في أول مرة على مسرح في منطقة الحسين بوسط القاهرة الفاطمية، ليقدم ابتهالات وأناشيد رائعة حظيت بترحيب الجمهور وقتها، بعد أن شجعه عبد الوهاب على الاتجاه نحو فن الابتهال والتواشيح، والتركيز على المقامات الموسيقية عند الطرب، وعاونه الموسيقار محمد حسن الشجاعي رئيس الإذاعة وقتها له، بتجاوز اختباراته السابعة في الإذاعة.
واستمر نصر الدين طويار في تسطير نجاحات بداية من الحفلات المنفردة، مرورًا بحفلات ليلة القدر بشهر رمضان، لذا لازم اسمه شهر رمضان، خاصة وأنه قدم العديد من حفلات ليلة القدر مع الشيخ الشعشاعي، فضلًا عن احتفالاته في مسجد الحسين التي كانت تذاع عبر الإذاعة، ليصنع اسما وسط المبتهلين والمنشدين مازال محفورا حتى اليوم في أذهان الجمهور العربي.
أكثر من ٢٠٠ ابتهال وإنشاد ديني، قدمه طوبار على مدار مشواره، فكان طوال الوقت حريصا كل الحرص على متابعة كبار الأدباء والشعراء أمثال أحمد شوقي، ومرسي جميل عزيز، والحصري القيرواني، وَعَبَدالفتاح مصطفي، حتى قدم من أشعارهم عدة ابتهالات وتواشيح، ليتشارك مع الملحنين الموسيقار بليغ حمدي والموسيقار كمال الطويل وضع القالب الموسيقي المناسب لهذه الابتهالات.
من الحسين إلى ألمانيا
كما وصلت شهرته للصحف العربية، بعد أن ارتبط اسمه بابتهال " سبح بحمدك الصائمون" وهو أول ابتهال في حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وبعد أيام قليلة قدم ابتهالا آخر حمل اسم " انصر بفضلك يا مهيمن جيشنا"، ليثني الرئيس المصري أنور السادات على صوته ودوره في شد عزم الجنود أثناء الحرب، ليقرر بعدها السادات سفر نصر الدين طوبار معه في زيارة القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني ١٩٧٧.
أنشد طوبار ابتهالات في المسجد الأقصى خلال زيارته للقدس، فذاع صيته خارج مصر والوطن العربي، وامتد إلى أوروبا، لتشيد به الصحف العالمية عامة والألمانية تحديدًا، واصفة صوته بـ الصوت القوي الذي يطرب القلوب، كما اختير مشرفا وقائدا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون في مصر، كما قدم ابتهالات أمام أكثر من ٥ آلاف شخص خلال المؤتمر الإسلامي العالمي في لندن، لينطلق من بعد عام ١٩٨٠ خارج مصر لإحياء حفلات للإنشاد والتواشيح والابتهالات، ليكتسب شعبية خارج المنطقة العربية.
وحصل على تكريمين، الأول في عهد الرئيس السادات، ومنحه نوط الامتياز من الطبقة الأولي، كما كرم الرئيس الأسبق حسني مبارك أسرته بنيل وسام الامتياز من الطبقة الأولي عام ١٩٩١، بعد وفاته في الـ ٢٢ من ديسمبر/كانون الأول ١٩٨٢.