كوريا الشمالية تستغل موزمبيق لخرق العقوبات الدولية
الصيد والشركات الوهمية وسيلتان تستخدمهما بيونج يانج للتهرب من العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها الصاروخي والنووي.
في مشهد يبدو طبيعياً جداً، تقف سفينتا الصيد المسميتان بـ"سوزان 1" و"سوزان 2" وسط العديد من القوارب والسفن الأخرى الراسية بميناء العاصمة الموزمبيقية مابوتو على ضفاف المحيط الهندي.
لكن الغريب حول هاتين السفينتين هو ما كشفت عنه شبكة "سى إن إن" الأمريكية، ذلك كونهما ليسا مجرد قاربي صيد عاديين وإنما سفينتان يديرهما أطقم عمل من كوريا الشمالية، ما يشكل أحدث محاولة بيونج يانج للتحايل على العقوبات الدولية المفروضة عليها، بسبب تطوير برنامجها الصاروخي والباليستى.
- «دونجماك» بكوريا الجنوبية.. من سحر الاستجمام لخطر الألغام
- اختفاء غامض.. هل قتل زعيم كوريا الشمالية أهم مساعديه؟
ويعد الصيد عملاً تجارياً كبيراً في موزمبيق، فهو أحد أكثر الصناعات المربحة في البلاد، وهو ما دفع كوريا الشمالية لمحاولة الاستثمار في تلك التجارة، حيث يسهل تحريك القوارب وإخفاؤها، وفقاً لشبكة "سي إن إن".
وفي تحقيق امتد لأشهر، كشفت الشبكة الأمريكية الإخبارية النقاب عما تخفيه قوارب الصيد الموزمبيقية بعمالة كورية ورائها من شبكة سرية كبرى تديرها شركات وهمية لتسهيل التعاون العسكري وصفقات تدريب قوات النخبة بين مابوتو وبيونج يانج، في تحدٍ صارخ للعقوبات الدولية.
وذكرت الشبكة الإخبارية أن التعاون مؤكد بعقود غير قانونية قيمتها ملايين الدولارات، التي تم تسريبها عبر دبلوماسيين كوريين شماليين مقيمين إلى بيونج يانج، على بعد نحو 7.500 ميل.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن هذه الأموال ظلت ترسل مباشرة ولفترة طويلة إلى صندوق الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون الخاص بتمويل البرنامج النووي والمعروف باسم "مكتب 39".
كما تمكنت "سي إن إن" من الوصول إلى اتصالات رسمية بين القيادة العسكرية الموزمبيقية وممثلين كوريين شماليين منذ عام 2015، حيث دعا مسؤولون في موزمبيق فنيين عسكريين كوريين شماليين إلى البلاد.
ومن خلال تلك الاتصالات، اكتشفت "سي إن إن" أيضاً مبنى مكوناً من طابقين وسط العاصمة مابوتو، حيث أنشأت شركة كورية وهمية مقراً هناك، تلك التي ساعدت في تحويل ملايين الدولارات في شكل عقود عسكرية إلى بيونج يانج.
وكانت الأمم المتحدة كشفت عن تحقيقها في الروابط العسكرية بين موزمبيق وكوريا الشمالية في تقرير صدر العام الماضي 2017، ولكن التعاون بين الدولتين أكثر جوهرية مما كان يُعتقد سابقاً.
ووضع كبير محققي لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة هيو جريفيث، قائمة بعدد من الأنشطة العسكرية بين البلدين، وجميعها محظورة بموجب العقوبات منذ 2006. وقال جريفيث إنها قائمة طويلة تشمل الصواريخ الجوية والرادارات العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي وترميم الدبابات.
ويشكل تقرير "سى إن إن" ضربة لمساعي الولايات المتحدة نحو فرض عقوبات أكثر صرامة والضغط المستمر على الصين كجزء من استراتيجية كبرى لوقف تدفق الأموال على نظام كوريا الشمالية، ومحاولة إرغامه للجلوس على مائدة المفاوضات.
ولكن لا يبدو النجاح مكتوباً حتى الآن لتلك الاستراتيجية، فقد جنت كوريا الشمالية نحو 200 مليون دولار من خلال تصدير الفحم والسلع المحظورة الأخرى في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الماضي 2017، وفقاً لتقرير غير منشور للمنظمة الدولية، وتم إرساله إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.