عرف المجتمع الإماراتي منذ بدايته الود والاحترام والتلاحم والتماسك.
نستلهم ذلك من كلمات الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه حينما قال: (أعتبر نفسي رب عائلة كبيرة هي الشعب، وأن واجب رب العائلة أن يرعى شؤون أفراد عائلته ويعمل على سعادتهم ورفاهيتهم).
من هذه الرؤية تستلهم دولة الإمارات رؤيتها وانطلاقتها الواثقة نحو مستقبل التلاحم الأسري والمجتمعي كونها أحد أهم المرتكزات في الأجندة الوطنية التي تضع المجتمع كمؤشر مركب يقيس مدى تمتع أبناء المجتمع بالمبادئ والقيم المرتبطة بالهوية الوطنية والتكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعية بين جميع مكونات المجتمع.
ولا شك أن التماسك الأسري هو سر التلاحم والمشاركة والدعم بين أفراد الأسرة والعائلة في جو يسوده التفاهم والاحترام والمساواة، ولقد ظلت مفردة التطوع حاضرة بكل أشكالها في المجتمع الإماراتي.
لقد عدد الرحالة البريطاني ويلفريد ثيسجر في عام 1946 سبب محبة البدو للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وأرجع ذلك لكرمه ومودته وقوة شخصيته وفطنته وقوة جسده وغيرها من الصفات التي أهلته لتلك المحبة من شعبه.
لقد اتسمت حقبة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بحرصه عبر مجالسه المعروفة على ترسيخ قيم التلاحم بين أفراد مجتمعه فقد كان (زايد رب أسرة) والأسرة كانت في البداية أسرته الصغيرة وفي عام 1946 أصبحت أسرته هي كل سكان المنطقة الشرقية ثم في عام 1966 أصبحت أسرته كل أبناء إمارة أبوظبي ثم في عام 1971 أصبحت أسرته دولة الإمارات.
لقد أثبتت دولة الإمارات أنها على أهبة الاستعداد لنجدة جيرانها عندما شاركت قوات الإمارات كقوة مؤثرة في حرب تحرير الكويت عام 1990 وسقط شهداؤها في ميدان الشهداء وهم يقتلون من أجل تحرير الكويت.
تلك المواقف التي عبرت عن سياسات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه عندما فتح أبواب التطوع والانخراط في معسكرات التدريب العسكري التي استمرت أسابيع وتلقوا خلالها الكثير من التدريب على أنواع الأسلحة والتخصصات العسكرية كان من بينهم الطالب والموظف والتاجر والمهندس والطبيب والقاضي حتى المرأة شاركت لترسم صورة ناصعة التلاحم.
ثم تسابق الشعب لاستضافة العائلات الكويتية التي وفدت على وطنها الثاني في دولة الإمارات وتقديم كل صور الرعاية وتلبية احتياجاتها من مختلف الخدمات وأنواع الرعاية، وقد شهدنا دخول المرأة في ساحة الميدان العسكري وانضمامها إلى مدرسة خولة بنت الأزور ووقوفها جنبا إلى جنب بجانب الرجل.
وقد جاء قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية رقم 6 لسنة 2014 ليحدد آليات وضوابط تجنيد شباب وفتيات الوطن لنيل شرف الخدمة الوطنية والمساهمة في الدفاع عن الوطن.
ومنذ تأسيسها عام 1971 استطاعت دولة الإمارات أن تقوم بدور رائد في تعزيز التضامن الإنساني وتبوأت مكانة متقدمة ضمن منظومة القوى في العالم.
وجاء قانون الخدمة الوطنية رقم 6 لسنة 2014 ليحدد آليات وضوابط تجنيد شباب وفتيات الوطن لنيل شرف الخدمة الوطنية والمساهمة في الدفاع عن الوطن حيث استطاعت تعزيز القدرات الدفاعية والعسكرية للدولة في مواجهة الأزمات والكوارث وساهمت في تعزيز الحس الأمني لدى المواطنين وتحصينهم من الأفكار الهدامة وستعرفهم على التهديدات الأمنية التي تحدق بوطنهم داخلياً وخارجياً.
لقد استطاعت دولة الإمارات أن تقدم الكثير من المساعدات التنموية والخيرية منذ تأسيسها وقد تنوعت مشاريعها التنموية بين بناء الجسور والمجمعات السكنية والطرق وتوليد الطاقة وغيرها.
لقد أسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه صندوق أبوظبي للتنمية ليكون عوناً للأشقاء والأصدقاء في الإسهام بمشاريع التنمية والنماء، وخلال أكثر من 40 سنة استطاع الهلال الأحمر أن يحجز موقعا بارزا على خريطة العمل الإنساني والإغاثي وبناء سمعة عالمية طيبة في ميدان العطاء الإنساني.
لقد شاركت القوات المسلحة في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بالعديد من المشاركات والمساهمات، ففي عام 1976 في لبنان ضمن قوات الردع العربية، وفي عام 1991 ضمن قوات درع الجزيرة لتحرير الكويت.
وانضمامها مع قوات الأمم المتحدة في إعادة الأمل للصومال في عام 1992 وقدمت القوات المسلحة الكثير من المساعدات للمشردين والمحتاجين في إقليم كوسوفو عام 1999 إلى جانب إيوائهم في معسكرات مجهزة بالكامل تسد رمق جوعهم.
وكان لها الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام عام 2001، كما شاركت القوات المسلحة في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، منذ البداية لعام 2003.
وفي عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان –طيب الله ثراه- تواصل دور القوات المسلحة بمد يد العون للشعب الباكستاني خلال زلزال 2005، وفي عام 2008 كان لها دور بارز في إغاثة المنكوبين في اليمن نتيجة الظروف الطبيعية العنيفة والكوارث والسيول التي ضربت المنطقة وتسببت بأضرار جسمية للسكان.
ومن منطلق حرص الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان طيب الله ثراه على تخليد ذكرى شهداء الوطن لما قدموه من تضحيات أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بإنشاء نصب تذكاري للشهداء في مدينة أبوظبي لتظل ذكرى شهداء الوطن البواسل وبذلهم وتضحياتهم بأرواحهم الغالية، كما أمر بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي معني بشؤون أسر شهداء الوطن.
ويجسد هذا النهج معاني التلاحم بين شعب الإمارات وقيادته التي فتحت الأبواب للشباب للتطوع في جميع الميادين على اختلافها هذا المجال الذي يركز على أهمية التعاون والتكافل في منظومة تصب في صالح المجتمع وتكاتفه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة