سر عداء إسرائيل لـ"حطة" الأقصى.. أرض المقاومة عبر العصور
هجوم القدس وضع باب حطة على القائمة السوداء للاحتلال الإسرائيلي، وسط توقعات بتجدد المواجهات حوله
يعلم أفراد الشرطة الإسرائيلية اسم "باب حطة" بالمسجد الأقصى جيدا؛ فهي الحارة الأنشط من بين حواري القدس العتيقة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وإضافة إلى الحارة فإن إحدى البوابات في الجدار الشمالي للمسجد الأقصى تحمل الاسم ذاته، وتعد إحدى البوابات الرئيسة لثالث الحرمين الشريفين.
ووضعت الشرطة الإسرائيلية "باب حطة" على قائمتها السوداء، بعد مقتل شرطيين إسرائيليين اثنين خارج البوابة برصاص 3 شبان فلسطينيين في 14 من يوليو/تموز الجاري.
وقتل هذان الشرطيان خلال هجوم القدس الذي أودى كذلك بحياة 3 فلسطينيين، وجعل إسرائيل تتخذه حجة لتغلق المسجد الأقصى حينها أمام المصلين وتشدد الإجراءات الأمنية حوله.
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية "باب حطة" مع 4 بوابات أخرى للمسجد، واضطرت أمام الاحتجاجات الفلسطينية والتحركات العربية والدولية لإعادة فتح المسجد الأقصى وإزالة البوابات الأمنية من محيطه، وستقام أول صلاة للجمعة منذ أسبوعين اليوم وسط توقعات بتجدد المواجهات.
ولكن ارتباط "باب حطة" بمقتل الشرطيين الإسرائيليين في الحادث الذي فجر التطورات في الأقصى دفع لانتشار تقديرات في أوساط سكان القدس بأن الشرطة الإسرائيلية لن توافق على فتح هذا الباب خصوصا من جديد.
وسرت تقديرات في وسائل الاتصال الاجتماعي في مدينة القدس المحتلة بأن الشرطة ستبقي الباب مغلقا لأشهر وربما سنوات، ولذلك فإنه عندما دخل حراس الأقصى إلى المسجد للمرة الأولى، أمس الخميس وبعد أسبوعين من تفجر الأحداث، فإنهم توجهوا إلى "باب حطة".
وما إن وصل الحراس إلى باب حطة حتى هرول ضابط في الشرطة الإسرائيلية إليهم متسائلا: "إلى أين أنتم ذاهبون؟" فكان جوابهم: "لإعادة فتح الباب"، فرد عليهم: "بالأحلام!".
أدار الحراس ظهورهم للضابط الإسرائيلي وقالوا له: "حسنا؛ إذا لن يتم إعادة فتح المسجد حتى إعادة فتح باب حطة، وحتى ذلك الحين سنعود إلى باب المجلس (إحدى البوابات في الجدار الغربي للمسجد) لمواصلة اعتصامنا".
وكان الحراس قد بدأوا في 17 من الشهر الجاري اعتصاما مفتوحا في باب المجلس احتجاجا على وضع بوابات إلكترونية على مداخل المسجد رافضين الدخول إليه من خلالها.
وعندما تجمعت المرجعيات الدينية في باب الأسباط استعدادا لدخول المسجد الأقصى، عصر أمس الخميس، أصر الشبان على عدم الدخول إلا بعد فتح باب حطة.
"إذا دخلنا إلى المسجد الآن فلن يُعاد فتح باب حطة من جديد، دعونا نصبر، ندخل إلى المسجد في صلاة المغرب أو العشاء أو حتى غدا فيضطر الاحتلال إلى إعادة فتحه".. بهذه العبارات خاطب أحد الشبان الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
وهتف الشبان ضد الدخول إلى المسجد ما لم يعاد افتتاح باب حطة فاضطر الاحتلال للتراجع، وتمت إعادة فتحه، فكان الباب الأساسي الذي دخل منه المصلون، عصر الخميس، إلى جانب باب الأسباط.
وتفجرت المواجهات لاحقا خارج باب حطة قبل أن يهاجم عناصر الشرطة المصلين في داخل ساحات المسجد.
وقال الشيخ ناجح بكيرات رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، لبوابة "العين" الإخبارية: "باب حطة في الجدار الشمالي للمسجد الأقصى هو باب مملوكي من أقدم أبواب المسجد الأقصى، وقد جدد في عام 1581، وهو من الأبواب المهمة للمسجد الأقصى؛ إذ يمر من خلاله يوميا عشرات آلاف المصلين".
ولفت بكيرات المدير السابق للمسجد الأقصى، إلى أن: "الاعتقاد السائد هو أن اسمه مشتق من حط الذنوب بمعني أن يحط الله تعالى الذنوب عنا".
ويؤدي الباب إلى عدد من المدارس المهمة في المسجد الأقصى، وهو أحد 4 أبواب كانت الشرطة الإسرائيلية تسمح بفتحها لصلاتي المغرب والعشاء وهي الأسباط، المجلس والسلسلة؛ حيث يتم إغلاق الأبواب الأخرى وهي الملك فيصل والغوانمة والحديد والقطانين والمغاربة.
ويؤدي الباب إلى حارة باب حطة التي تُعَد أشهر الحارات في البلدة القديمة من مدينة القدس.
ويشير بكيرات إلى أن الحارة نسبت إلى الباب قائلا: "لقد نسبت الحارة إلى الباب وهي من الحارات المهمة والعريقة في البلدة القديمة من مدينة القدس".
وتضم الحارة العديد من المحال التجارية، ولكنها تشتهر أساسا بصناعة الكعك المقدسي؛ حيث يجمع المقدسيون على أنه الكعك الأفضل على الإطلاق في القدس.
وحتى ما قبل سنوات كانت الحارة تشتهر بمقاهيها ولكنها أغلقت، وأشهرها مقهى علون.
وتؤدي الحارة إلى باب الساهرة الذي يعد من أحد أهم أبواب البلدة القديمة، وترتبط بحارة السعدية وهي أيضا من الحارات الشهيرة في الحي الإسلامي في القدس القديمة.
ويقول كبار السن في باب حطة إن تاريخ الحارة في المقاومة قديم ويعود إلى أيام الانتداب البريطاني حيث برز دورها في مقاومة البريطانيين.
كما برز دور كبير للحارة في الانتفاضتين الأولى والثانية إضافة إلى دور شبان الحارة في مقاومة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى؛ حيث تم اعتقال عشرات الشبان من الحارة على هذه الخلفية.
وخلافا لباقي الحارات في البلدة القديمة من مدينة القدس؛ فإن المستوطنين الإسرائيليين لم يتمكنوا من وضع اليد على منازل في حارة "باب حطة" إلا في مرة واحدة.