انتخابات فلسطين.. يقظة شبابية لتفادي سيناريو 2006
بالكثير من الترقب واليقظة، ينتظر الفلسطينيون في غزة الاقتراع لاختيار نواب المجلس التشريعي، وتفادي سيناريو عام 2006.
وقادت نتائج الانتخابات التي جرت عام 2006 وفازت حركة حماس بالأغلبية فيها، إلى انقسام لا تزال تداعياته تؤثر على المشهد الفلسطيني.
ورغم أن النظام الانتخابي الحالي الذي يعتمد التمثيل النسبي الكامل على مستوى البلاد، لا يعطي فرصة لاستحواذ فصيل معين على مقاعد المجلس التشريعي؛ فإن جمهورا كبيرا يدعو إلى التصويت الواعي لضمان إحداث تغيير جدي وإبعاد حركة "حماس" عن السيطرة على برلمان فلسطين.
تطلع للتغيير
الشاب حسن سالم (31 عاما) كان في الـ15 من عمره عندما فازت حماس عام 2006 بالأغلبية في المجلس التشريعي، وعاش طفولته على اقتتال داخلي، ومطلع شبابه على حروب إسرائيلية متتالية مع حصار محكم، حتى أنهى دراسته الجامعية بتفوق، ومع ذلك بقي بلا عمل مثل نحو 70% من شباب غزة.
وقال سالم لـ"العين الإخبارية": "نحن نحب المقاومة ولكننا نريد أن نعيش ولا نريد الحصار، لا نريد شعارات كبيرة، نريد حلولا لمشاكلنا"، مضيفا "كل من فشل في تحقيق ذلك على مدار 15 عاما لن يأخذ صوتنا".
وسالم واحد من جيل التسعينيات الذي شكل عدة حراكات للمطالبة بحقوقه لدرجة أن مجموعة من الشبان سجلت قائمة تضم مجموعة حراكات منها حراك هذا الجيل.
أما سلمى فهي فتاة جامعية تتطلع هي الأخرى للتغيير وإنهاء هيمنة فصيل معين على المشهد الفلسطيني، وتقول: "لا بد أن ينتبه الجميع.. يكفي ما عانيناه 16 عاما من الجوع والحصار، نريد تغييرا ونريد قيادة جديدة".
جيل الشباب
وبحسب معطيات لجنة الانتخابات المركزية، التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، فإن عدد مَن لهم حق التصويت في انتخابات 2006، بلغ نحو 1.3 مليون شخص تتراوح أعمار غالبيتهم العظمى بين 18 و30 عاما.
وهذا يعني أن 1.3 مليون فلسطيني آخرين من الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة سيكون بإمكانهم الإدلاء بأصواتهم للمرة الأولى في الانتخابات المقبلة.
ووفق هذه المعطيات فإن بين أصحاب حق الاقتراع 382,819 من الفئات العمرية من سن 18-22 بما يعادل 15% من الناخبين. أما من سن 23-30 فعددهم 627,526 بما يعادل 24.6%.
وهذه الفئات العمرية يرى أفرادها أنهم تعرضوا للظلم والحرمان من العمل وفرص الحياة بسبب الانقسام وانفراد حماس بالسيطرة على غزة وفتح بالسيطرة على الضفة الغربية.
لا شعارات
وبصفة عامة، يبدي الكثير من الفلسطينيين يقظة هذه المرة لعدم الانخداع بالشعارات البراقة.
ويقول المواطن عمر نصر الله على صفحته على "فيسبوك": "القائمة التي سمت حالها القدس موعدنا (ممثلة حماس)، بحب أذكركم أن تحرير القدس والأسرى ليس مهمتكم طعموا الناس خبز ويخلف عليكم".
ومثله، قال تيسير تربان: "لو قلتم إسطنبول موعدنا ممكن أن نصدقكم، لو قلتم إصلاح أخطائنا والاعتذار لشعبنا لقبلنا منكم وإن كنا غير مقتنعين، أما القدس موعدنا فلا لا لا لن نصدقها".
ورسميا، تقدمت 36 قائمة للترشح إلى لجنة الانتخابات المركزية، وتزيد هذه القوائم أكثر من 3 أضعاف عن تلك التي خاضت الانتخابات التشريعية الأخيرة في العام 2006 التي بلغ عددها 11 قائمة لم تتجاوز نسبة الحسم سوى 6 منها فقط.
النظام الانتخابي
ويؤكد الدكتور عزام شعت، الكاتب والمحلل السياسي أن النظام الجديد للانتخابات المتمثل بالتمثيل النسبي الكامل يضمن تمثيل عدد أكبر من الكتل من جهة، ومن الجهة الأخرى من الصعب أن تفوز فيه كتلة انتخابية بنصف مقاعد البرلمان، مع أنه يعطي الكتل التابعة لأحزاب كبيرة حصة كبيرة من المقاعد.
وقال شعت لـ"العين الإخبارية": "الناس في غزة بعد أكثر من 15 سنة من الانقسام وتردي الأوضاع، يتطلعون لإحداث تغيير حقيقي عبر الانتخابات.. تغيير للواقع خصوصا في غزة".
وأقر المحلل الفلسطيني أن المشهد بعد الانتخابات ضبابي؛ فهل ستقبل حماس بتسليم غزة، وهل ستكون الكتل البرلمانية قادرة على استعادة النظام السياسي وتوحيد المؤسسات؟.
وأضاف "هذه أسئلة الشارع الفلسطيني والغزي تحديدا، والإجابة عنها تتوقف على إرادة أكبر حركتين فتح وحماس.. إن توفرت لهما الإرادة يمكن أن يتحقق شيء وإن لم يتحقق فالأمر صعب".
ورغم تنافس 36 قائمة في الانتخابات، فإن التقديرات تشير إلى أن عددا قليلا منها يمكن أن يصل إلى البرلمان، في مقدمتها كتلة فتح الرسمية وكتلتان تحملان نفس توجهها هما كتلة الحرية التي يترأسها عضو اللجنة المركزية المفصول من حركة فتح ناصر القدوة، ويدعمها القيادي الأسير من حركة فتح مروان البرغوثي، وكتلة المستقبل ممثلة التيار الإصلاحي الذي يقوده القيادي محمد دحلان، إضافة إلى كتلة حماس.
ووفق الخبراء فإن باقي الكتل فرصها حال اجتازت نسبة الحسم (1.5%) ستكون بالحصول على عدد محدود جدا من المقاعد.
ويتخوف البعض من أن انقسام كتلة فتح إلى 3 قوائم سيزيد من حظوظ حماس لتكون القائمة الأولى في البرلمان لكن دون أغلبية مطلقة، في حين يتوقع البعض الآخر أن تحصل كتل فتح على أغلبية مريحة حال اجتمعت تحت البرلمان، وهو سيناريو تحدث عنه بوضوح ناصر القدوة.
سيناريو متكرر لكن!
الدكتور طالب عوض، الخبير السياسي في شؤون الانتخابات، يوضح أن الانتخابات الحالية تأتي وفق نظام يختلف عن نظام الانتخابات في 2006، لكنها تشبهها في أن القوى الأساسية التي فازت في الأولى ستفوز في 2021، وإن لم تصل لحسم نصف مقاعد البرلمان كما حدث مع حماس الذي أعطاها النظام الانتخابي المختلط اغلبية في المقاعد قبل 15 عاما.
وجرت انتخابات 2006 وفق قانون الانتخابات المختلط، وفازت حماس بـ 74 مقعدا من بين 132 مقعدا في حين أن حركة فتح حصلت على 45 مقعدا. ووفقا للنتائج، فازت حماس بالغالبية العظمى من مقاعد الدوائر الانتخابية الفردية في حين زادت بمقعد واحد عن فتح على صعيد القوائم.
ويشير عوض في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن نصف الناخبين حاليا هم من الجيل الشاب المتعطش للتغير، مضيفا "هذا الجيل ينتخب لأول مرة ويريد أن يرى وجوها جديدة في النظام الفلسطيني قادرة على حل مشاكل الشباب خاصة البطالة والتعليم وتوفير الصحة للشعب، وسيكون الشباب هم المؤثر الأبرز، لذلك لا نتوقع أن يؤمن الشباب أصواتا عالية للكتل التقليدية".
ومضى قائلا: "الناس عينها ليس على النتائج فقط بل على ما ستسفر عنه تلك الانتخابات من إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التصدي لمختلف التحديات الفلسطينية خصوصا إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، وهو الموضوع الذي يدفع الناس بقوة للمشاركة في الانتخابات على أمل معالجته".
وفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم بإجراء الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال 2021، حيث ستكون تشريعية في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، والمجلس الوطني في 31 أغسطس/آب المقبل.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA==
جزيرة ام اند امز