في قلب غزة المحاصرة، حيث الحروب والأزمات تزداد قسوة يوماً بعد يوم، أظهرت قصة الباحث أنس القانوع، التي وراها لـ"العين الإخبارية"، مثالاً نادراً على العزيمة والإنسانية.
القانوع، المدرس المساعد في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة، حصل على منحة دراسية للدكتوراه في فيزياء النانو من الجامعة الماليزية للعلوم، وهو إنجاز يعد فخراً لأي أكاديمي. ولكن كما هو الحال دائماً، تأتي التحديات الكبرى في أكثر الأوقات غير المتوقعة.
كان من المفترض أن ينتقل أنس إلى ماليزيا لإتمام دراسته ومناقشة رسالته، لكنه واجه معضلة غير متوقعة عندما اندلعت الحرب بشكل مفاجئ.
قد تحولت حياة القانوع إلى كابوس يومي، حيث كانت القذائف والصواريخ تتساقط على غزة، مما جعل التنقل والاتصال بالعالم الخارجي أمراً شبه مستحيل.
رغم هذه الظروف القاسية، لم يتوقف أنس عن السعي لتحقيق حلمه. بين أنقاض منزله الذي دمرته الحرب، وجد القانوع القوة لمواصلة كتابة رسالته الأكاديمية.
في زوايا منزله المهدوم، وتحت صوت انفجارات الحرب، عمل على إتمام بحثه في فيزياء النانو، وهو مجال يتطلب دقة عالية وهدوءاً ذهنياً.
عندما أكمل كتابة الرسالة، واجه القانوع تحدياً آخر: كيفية تقديم ومناقشة بحثه دون القدرة على السفر.
هنا، برزت عزيمته مرة أخرى، حيث تمكن من تنظيم جلسة مناقشة عبر الإنترنت. لقد كانت جلسة غير تقليدية، إذ كان القانوع يشارك أفكاره ويجيب عن أسئلة اللجنة الأكاديمية بينما كانت ضوضاء الحرب تتسرب من خلفه.
كان التحدي الأكبر هو الحفاظ على التركيز والتفاعل البناء وسط هذه الأجواء المحفوفة بالمخاطر.
حظي أنس بإشادة كبيرة من الجامعة الماليزية للعلوم، التي أعجبت بشجاعته وقدرته على التكيف مع الظروف الصعبة.
لم يكن إنجازه مجرد تحقق حلمه الأكاديمي فحسب، بل كان رمزاً للصمود والإبداع تحت الضغط.
القانوع لم يكن مجرد طالب دكتوراه، بل كان مثالاً للباحثين الذين يواصلون العمل من أجل تحقيق أهدافهم حتى في أحلك الظروف.
تدور اليوم قصة أنس القانوع في أروقة الأوساط الأكاديمية كمثال على التفاني والإصرار.
قصته ليست فقط ملهمة للطلاب والعلماء في غزة، بل أيضاً لكل من يؤمن بقوة الإرادة والعزيمة في مواجهة الصعاب.
إنه يثبت أن النجاح لا يعرف حدوداً، وأن الإنسان يمكنه أن يصنع معجزات حتى في أحلك الظروف، ليؤكد أن الأمل والحلم يمكن أن يتحققا، حتى في أوقات الحرب والأزمات.
أنس القانوع هو تجسيد حقيقي للإبداع تحت الضغط والإصرار الذي لا يعرف التنازل. قصته، رغم أنها مليئة بالتحديات، تظل شهادة على قدرة الإنسان على الصمود والنجاح، مهما كانت الظروف قاسية.