الفلسطيني أبو شقفة.. تشرد صنعه الاحتلال وأحبطته السعودية
في حديثه مع "العين الإخبارية"، قال الفلسطيني عطا أبو شقفة أحد سكان غزة إن "السعودية ليست مجرد مال يدفع، ولكنها صانعة أمل"
لم يترك الفلسطيني عطا أحمد أبو شقفة، عزيمة ليتجاوز المصيبة التي حلت به إثر هدم منزله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2002.
أبو شقفة تحمّل جميع الضغوط الثقيلة التي فرضت عليه وعلى أسرته المكونة من 7 أفراد، بينهم أم مريضة، وترك اليأس جانبا، ليشق عبر مسالك الأمل، فرصة لاصطياد الحياة مرة أخرى، فاستأجر منزلا متواضعا، قرب بيته المدمر، وأكمل تدبير أمور عائلته بكثير من الصبر، حتى رأى النور يأتي من أرض الكعبة المشرفة، فيحمل للروح بشرى قادمة.
فالمملكة العربية السعودية أعلنت بعد أيام من هدم منازل المنكوبين في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، أنها ستصرف إيجار الشقق للمتضررين، عبر وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين" أونروا"، وأنها ستبني حيا سكنيا كاملا لجميع المدمرة منازلهم في مخيمات اللاجئين في محافظة رفح.
الخبر الذي سمعه أبو شقفة عبر وسائل الإعلام، كان بمثابة سرير شفاء لمريض كل ما يحتاج إليه العافية، ليدخل الحياة من جديد.
أول الداعمين
الدكتور أبو شقفة محاضر علم نفس في إحدى جامعات قطاع غزة، يسلط الضوء على أهمية تعزيز الذات البشرية من خلال دعمها، بعد أن تتعرض لمصيبة أو انتكاسة، فيقول لـ"العين الإخبارية": "لعبت السعودية دورا مفصليا في إعادة الحياة لـ10 آلاف فلسطيني، تعرضوا لصدمات قاسية جدا بعد تدمير منازلهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وأكد أن الدور السعودي "كان بمثابة الخلاص والنجاة لهذه العائلات، التي عرّتها آلة الفتك الإسرائيلي، وسترتها يد المملكة العربية السعودية، من خلال بناء الحي السعودي في مدينة رفح".
ولفت أبو شقفة إلى أن "الحي السعودي بني على أرض شهدت في 1956 معارك ضارية بين الكتيبة السعودية والجيش الإسرائيلي، دفاعا عن فلسطين".
وتابع: "في نفس أرض اليوم يقيم أكثر من 10 آلاف فلسطيني بدعم سعودي، لتعزيز صموده، وتقوية جبهته".
ويضيف أبو شقفة أن المرحلة الأولى لبناء الحي السعودي "أنهت بناء 752 وحدة سكنية مستقلة، مكونة من طابقين أو 3 طوابق، وزعت على الأسر حسب عدد أفرادها، يحيط بها حديقة صغيرة ومظلة تابعة للمنزل".
ويؤكد أبو شقفة أن الحي السعودي مختلف تماما عن الأحياء السكنية الأخرى المبنية على شكل أبراج سكنية، تجمع عائلات مختلفة الطباع".
ورأى أن "الحي السعودي حقق استقلالية كاملة لكل عائلة، وهذا دليل على أن السعودية لا تدفع المال لتمويل المشاريع، ولكنها تراقب وتشرف على هذه المشاريع بشكل دقيق ومتقن، وتراعي خصوصية الأسر وما يحفظ لها الراحة والاستقرار".
مزايا الحي السعودي
في الحي السعودي -الذي شيد على 3 مراحل ليصل إلى ما يقارب 10 آلاف منزل- توجد بنية تحتية كاملة التجهيز، وطاقة شمسية لكل وحدة سكنية، وحدائق، ورياض أطفال، ومركز ثقافي، وسوق تجاري مجهز.
كما يوجد مسجد "طيبة" المقام على 2000 متر مربع، ويعد من أكبر مساجد قطاع غزة.
ومئذنة مسجد "طيبة" تعد أطول مئذنة في القطاع.
هذا الاهتمام السعودي ترجمه أبو شقفة بأنه "دعم خالص للشعب الفلسطيني، وتعبير نبيل عن مشاعر الإخوة الأكارم في القيادة السعودية، ومحبة شعبها وقيادتها لفلسطين".
تيه ما قبل الاستقرار
أما عن مرحلة ما قبل استلامه وحدته السكنية، يقول أبو شقفة لـ"العين الإخبارية": "كانت مرحلة تيهٍ بكل ما تعنيه الكلمة؛ فهدم المنزل، يعني تشريد كل أفراد الأسرة في الشوارع، وعند الأقارب، يعني الانكسار، والضعف، الضياع والتشتت، وربما وصل بعض المتضررين إلى حالة مزرية، ودخلوا المستشفيات بفعل الجلطات الدموية، والأمراض العصبية".
واستكمل حديثه بقوله: "رغم ذلك كان يقينا لدينا أن الأمة الإسلامية والعربية لن تتركنا عرضة للهلاك، وكانت السعودية أول من مد إلينا طوق النجاة، فأعلنت بداية عن مشروع دفع الإيجارات للمتضررين، وقامت بتوزيع مستلزمات بيتية كالفرشات والأغطية والحصر، وأمنت لنا من خلال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ما نحتاج إليه إلى حين استلام وحداتنا السكنية في الحي السعودي".
مملكة العطاء
أبو شقفة واصل حديثه عن مآثر المملكة، قائلا بمحبة وعرفان بجهودها: "11 عاما والسعودية ترعانا كما يجب، وتتابع مشاكلنا وهمومنا، وتضع حلولا عاجلة، ولم تنقطع عن متابعتنا حتى استلمنا منازلنا".
ويصف أبو شقفة السعودية بـ"مملكة الخير والعطاء"، لافتا إلى أنها "تركت في قلب كل مواطن فلسطيني مشاعر من الحب والعرفان وحفظ الجميل"، مؤكدا في معرض حديثه لـ"العين الإخبارية": "لن نبادلها سوى ما أعطتنا إياه من محبة وإخلاص، فبارك الله في دار الحرمين، وحفظها قيادة وشعبا".
ويوجد في الحي السعودي، حسب أبو شقفة، 6 مدارس للمرحلة الأساسية، فيما تفتقر للمدارس الإعدادية والثانوية، مؤكدا أن قطاع التعليم في الحي السعودي "بحاجة إلى متابعة أفضل من قبل من تسلموا إدارة الحي من الصندوق السعودي للتنمية، الجهة الممولة لبناء الحي، ومن وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتي سلمت الحي بشكل كامل إلى بلدية رفح".
عرفان وأمنية
ويتمنى أبو شقفة ومعه الكثيرون من سكان الحي، مراجعة الكثير من الخطوات الأخيرة، وإعادة الوضع على ما كان عليه، يوم أن كان تحت إشراف وكالة الغوث، وبرعاية سعودية كريمة.
ووجه أبو شقفة كلمة شكر قال خلالها: "السعودية ليست مجرد مال يدفع، ولكنها صانعة أمل لشعب لا يزال يرزح تحت نار الاحتلال، والسعودية بقدر ما تعطي علينا أن نسدي لها معروفها، والحب وحده تعبير لا يكفي لكي نقول لها نحبك شعبا وقيادة".
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA=
جزيرة ام اند امز